حذر خبراء في المياه والزراعة ومهتمون بالشئون الأفريقية من مجاعة مقبلة على الأبواب ستواجهها مصر والسودان خلال الأعوام العشر الماضية. وأشار هؤلاء الخبراء إلى ضلوع الولاياتالمتحدةالأمريكية والكيان الصهيونى في مؤامرة مدروسة وممنهجة من أجل القضاء على رصيد أكبر دولتين أفريقيتين، مصر والسودان، بهدف إنهاكهما عبر حرب مياه يستطيع بعدها الكيان الصهيونى أن يمد نفوذه لمصادر صنع القرار.
وقال الخبير في شؤون البناء وإقامة السدود الدكتور ممدوح حمزة الخميس (11-2)، في نقابة الصحفيين المصريين، إن كلا النظامين في القاهرة والخرطوم لا يدركان حجم الكارثة التي سيتعرض لها شعباهما، مشيراً إلى أن الوجود الصهيوني في أفريقيا لا يحتاج لبرهان حيث هناك يد للصهاينة في معظم مشاريع السدود التي تقام في البلدان الأفريقية.
المسئولين المصريين فى غفوة ودعا حمزة المسئولين المصريين لأن يستيقظوا من غفوتهم، مناديا بضرورة أن تأخذ مصر عبرة من السدود التي أقامتها أثيوبيا على نهر "أومو" الذي يغذي كينيا بالمياه.
وقال في الندوة التي عقدتها لجنة الحريات بنقابة الصحفيين مساء الخميس (11-2)، حول منابع نهر النيل، إن القبائل الكينية التي تعيش على المياه القادمة إليها من نهر "أومو" إلى بحيرة "توركانا" أصبحت الآن تعاني من المجاعة بعد أن هبط مستوى المياه في البحيرة إلى حوالى 10 أمتار مكعبة.
وأضاف حمزة أنه بالرغم من تأكيد الأثيوبيين لكينيا على أن الهدف من السدود هو توليد الكهرباء فقط، إلا أن ما حدث عكس ذلك تماما.
وأشار في الدراسة التي أعدها حول منابع النيل إلى أن إجمالي طاقة السدود الأربعة على نهر "أومو" بلغت 73.1 بليون، وأن إثيوبيا استطاعت أن تشيد خلال ال 12 سنة الماضية ما يقارب من عشرة سدود، منها سد "كارادوبي" على نهر "أومو" الذي يبلغ ارتفاعه 252 مترا، أي ضعفي ما يحجزه السد العالي من مياه وسد "تيكيزي" الجديد، استغرق بناؤه نحو 7 سنوات، ويبلغ ارتفاعه نحو 188 متراً مما يجعله أعلى سد في أفريقيا حيث ان السد العالي ارتفاعه 111 متراً، وقد أشرفت على إنشائه شركات صينية وبلغت تكلفته نحو 350 مليون دولار أمريكي.
وتساءل حمزة موجهاً كلامه للنظامين المصري والسوداني "هل تستطيع أثيوبيا أن تشيد وحدها سدودا بهذه الضخامة؟ واتهم الكيان الصهيونى وأمريكا والصين بأنها وراء بناء هذه السدود، لافتاً النظر إلى الذين يتحدثون عن السلام مع الكيان الصهيوني بأنه يضمر للعالم العربي والإسلامي الكراهية والحقد والعداء.
تهريب مياه النيل وتوقع حمزة في دراسته عدم نجاح مشروعات السدود على منابع النيل، لعدم دراستها بشكل جيد، واعتبر الخطر الأساسي الذي يواجه مصر ليس تلك السدود، وإنما توجه عدد من دول حوض النيل إلى عرض عدد من أراضيها للإيجار أو البيع، أمام الشركات العالمية والدول الأجنبية والعربية، موضحا أن هذه الأراضي تروى من مياه النيل لكي يتم زراعتها وهو ما يعتبر تهريبا لمياه النيل وسرقة لها.
واستشهد حمزة بعرض السودان حوالى 30 مليون فدان للإيجار، أمام الشركات والدول العربية والأجنبية، منها شركات سعودية وأمريكية وإماراتية وشركات من كوريا الجنوبية والأردن.
وتساءل الخبير العالمي في الإنشاءات "من أين ستروى هذه الأراضي، خاصة وأن إجمالي حصة السودان من مياه النيل لا تتعدى ال 19 مليون متر مكعب".
وحذر حمزة الحكومة المصرية مطالباً إياها أن تتخذ موقفا من هذه الدول التي تعرض أراضيها للإيجار وتعرف من أين ستروي هذه الأراضي حتى لا نفاجأ بأنها تستولي على حصة مصر من المياه، ويصل الأمر في النهاية بمجاعة كبيرة بين المصريين، مشيراً إلى أن القاصي والداني يدرك بأن هناك بالفعل مجاعة تلوح في الأفق حيث تعاني العديد من القرى نقصاً كبيراً في المياه سواء الشرب أو مياه الري.
وشدد حمزة على ضرورة توطيد مصر لعلاقتها بدول أفريقيا وبالتحديد دول حوض النيل، حتى تضطر جميع الدول الغربية المتقدمة للجوء إلينا، قائلا "دول هيبوسوا إيدينا زي ما كان بيحصل أيام عبد الناصر، لأن علاقته كانت قوية برئيس أثيوبيا وقتها، بالرغم من اختلاف التوجهات بين مصر الاشتراكية وقتها وأثيوبيا التي كانت تسعى للرأسمالية".
تآمر صهيوأمريكى من جانبه طالب السفير إبراهيم يسري بضرورة وقف محاولات أمريكا والكيان الصهيونى التآمر على الشعبين المصري والسوداني لصالح أجندة صهيوأمريكية للتلاعب في منابع النيل في أفريقيا، لأن ذلك يعني توجيه إهانة كبيرة لمصر.
وهاجم سياسة الإهمال التي يتحلى بها النظام المصري والذي يفضل إقامة ملاعب الجولف للأغنياء بينما يموت الفقراء وهم يتصارعون على جرعة مياه نظيفة حيث تتصدر مصر قوائم الدول التي يعاني سكانها من أمراض الفشل الكلوي وأمراض الكبد.
واقترح السفير إبراهيم يسري الذي يرأس لجنة لا لبيع الغاز للكيان الصهيونى إنشاء لجنة شعبية لمياه النيل تعمل على توعية الجماهير بهذا الخطر، وتدفع الجهات الرسمية لاتخاذ خطوات جادة.
من جهته، روى الكاتب الصحفي عادل حمودة، تفاصيل رحلته التي قام بها إلى أثيوبيا، وحالة الفقر التي يعاني منها الشعب الإثيوبي، وحقهم في حياة أفضل.
وأشار عادل إلى إصابته بالصدمة حينما شاهد المشاريع الصهيونية في أثيوبيا والتي تؤثر على حصة مصر من المياه وتهدد 80 مليون مصري بالمجاعة خلال أعوام قليلة مقبلة.
الماء والغاز وعبر حمودة رئيس تحرير صحيفة "الفجر" عن مخاوفه من أن الكيان الصهيونى لن يعاني من أزمة مياه، مفجراً مفاجأة مفادها أن الترع التي تم شقها في سيناء لعمل مشروعات التنمية هناك ولم تنجح، سيتم استخدامها لتوصيل المياه للكيان الصهيونى في المستقبل مثلما يحدث مع الغاز.
وانتقد حمودة طريقة تعامل الحكومة المصرية مع الحكومة الإثيوبية، والتعالي عليها والترويج لأفكار بأنها أفضل منها، وهو الأمر الذي يجعل الصحافة الإثيوبية تقود حملة كراهية ضد المصريين بانتظام منذ أعوام، ودعا النظام المصري إلى التوقف عن تلك النظرة شبه المتغطرسة، مشيراً إلى ضرورة استعادة الدور الرائد لمصر في أفريقيا من اجل حصار الصهاينة والعمل على قلع جذورهم المتنامية هناك.
ولفت الأنظار إلى سيطرة الصهاينة على أكبر شركات تسويق المنتجات في أثيوبيا وأكبر المنتجعات الزراعية وسطوها على التقاوي المصرية التي كانت لا توجد إلا في مصر مثل القطن طويل التيلة والعديد من الحبوب والخضراوات والفواكه، وتحدث بسخرية لاذعة حينما أشار إلى ان الكيان الصهيونى قد سطا حتى على الورد البلدي الذي كان المطربون المصريون يتغنون به.
وأشار حمودة إلى انه "منذ 10 سنوات كان صادق المهدي رئيس الوزراء السوداني في القاهرة، وقال إن إسرائيل عرضت على الحكومة السودانية أن تشتري من بعض حكومات دول حوض النيل نسبة من المياه، مما يجعل النيل كالبترول وعبر عن شعوره باقتراب المرحلة التي قد نرى فيها مياه النيل تتدفق في المستوطنات الإسرائيلية بينما قرى مصريه تموت عطشاً وشباب الخريجين من الفقراء لا يجدون الماء مما يدفعهم لهجر أراضيهم خاصة وأن نهر النيل أصبح حكراً لأصحاب ملاعب الجولف من المليارديرات الجدد الذين كونوا الثروات الطائلة على حساب عرق ودم الغالبية الساحقة من المصريين".