عبر برنامج الأغذية العالمي التابع ب"الأممالمتحدة" والمعني مباشرة بالقضية المتفاقمة بالأمن الغذائي إلى جانب منظمات إنسانية دولية أخرى ومنها منظمة الاغذية والزراعة "الفاو" دعت إلى عقد قمة مؤتمر دولي خلال النصف الأول من شهر يونيو الجاري تشارك فيه الدول الصناعية الكبرى والغنية والدول المتضررة من كوارث اللجوء والنزوح البشري والمجاعات والفقر بمقر الأممالمتحدة وتحت رعايتها وإشرافها. وكان برنامج الأغذية العالمي الذي يتخذ من العاصمة الايطالية "روما" مقرًا له قد حذر في تقرير له أصدره في أواخر شهر مايو المنصرم من أن عدة مناطق مختلفة في العالم ومنها أفريقيا الوسطى والصومال وجنوب السودان وميانمار وبعض دول الشرق الأوسط وأمريكا الوسطى تواجه أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي بسبب الصراع وارتفاع أسعار المواد الغذائية والأزمة الاقتصادية المتفاقمة. وأشار البرنامج في دراسته المعنونة ب"الأمن الغذائي حاجة ماسة لمواجهة المجاعات" إلى أن حوالي 4.6 مليون نسمة أو ما يقدر بأربعين في المئة من سكان جنوب السودان سيواجهون الجوع الحاد في الأشهر الثلاثة المقبلة ومثل هذا العدد ويزيد قليلا في وسط وشرق افريقيا وقرابة مليونين في ميانمار وثلاثة ملايين ونصف في الشرق الاوسط فضلا عن اليمن . وعبر البرنامج عن القلق البالغ حيال تدهور الأوضاع الاقتصادية في تلك الدول والمناطق... محذرا من أن نقص التمويل وتقلص وصول المساعدات الإنسانية تؤثر على قدرة وكالات الإغاثة في تلبية الاحتياجات المتزايدة لمختلف اللاجئين في العالم. يشار الى أن البرنامج يستخدم جميع الوسائل المتاحة له بما في ذلك الإنزال الجوي والمراكب النهرية وتوزيع المواد الغذائية والبرامج النقدية أو القسائم الغذائية للوصول إلى الجوعى وتوزيع المواد الغذائية الطارئة المنقذة للحياة في مناطق النزاع في العالم . وعشية الدعوة لعقد هذه القمة العالمية تقول الدول المتضررة بالمجاعات أو تلك التي تعاني من ازمات اللاجئين او تراجع وانعدام الأمن الغذائي أحيانا إنه عندما تعقد الاجتماعات والمؤتمرات الدولية التي تدعو لها الدول الكبرى أو دول العالم الغربي والمتنفذة في صنع القرار العالمي فإن هذه الدول وخلال اجتماعاتها الدورية تضع أجندة للمواضيع والقضايا الدولية والتي لها علاقة باستراتيجياتها ومصالحها لنقاشاتها خلال اجتماع عالمي وتعطي الأولوية لتلك القضايا التي لها علاقة وطيدة بسياسات الدول الكبرى أو الصناعية وتبقى الدول الصغرى والفقيرة تنتظر ما سيتمخض عن هذه اللقاءات الدولية . وفي الأعوام القليلة الماضية وخلال أكثر من اجتماع دولي وقمة عالمية خصصت للغذاء العالمي تم التوصل إلى اتفاق بشأن حل مشكلة نقص الغذاء وتقليص أعداد الجياع في العالم إلى النصف وذلك بحلول العام 2015 هذا إلى جانب لقاءات دولية انتظمت في سنوات لاحقة وأكدت على اتخاذ كافة السبل والوسائل من تعاون عالمي إلى تحقيق هذا الاتفاق الدولي. غير أن هذا المطلب العالمي لم يتحقق بل أن النتيجة جاءت مغايرة تماماً ففي العام 2015 م تفاقمت القضية ولم يستطع العالم ومنظماته المتخصصة تقليص أعداد الجياع في العالم وهم يزدادون يوماً بعد آخر وسنة بعد أخرى حيث تشير بعض التقارير إلى أنه في العام 2000م وصلت أعداد الجياع إلى حوالي 798 مليون إنسان وفي هذا العام أرتفع العدد إلى 852 مليون جائع دون أن تساعد الأممالمتحدة ولا الدول الصناعية الكبرى التي تعاني من مشكلة فائض الغذاء في إسكات رمق الجائعين في العالم. وفي تقرير آخر للمنظمة العالمية للأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو" جاء فيه أن عدد الجياع في العالم يبلغ اليوم نحو 850 مليون نسمة يعيش 820 منهم في الدول النامية وهذا في حد ذاته مشكلة عالمية فإن على الدول الكبرى الحد من تفاقمها بدلاً من تركها تنتشر في دول العالم. والقمة العالمية للغذاء والأمن الغذائي السابقة عرفت الجوع في أضيق زاوية واعتبرته وضعاً ينجم عندما يفتقر الأفراد والأسر إلى الأمن الغذائي لفترة من الزمن حيث كثيراً ما يوقع الجوع الجياع في المجتمعات الإنسانية قديماً وحديثاً في حالات دائمة ومتواصلة من انعدام القدرة على مواجهة تداعيات هذه المعضلة العالمية التي أثرت على استقرار بعض الدول حيث انتشر الفقر وفي أوسع نطاق وفقدت الحكومات المقدرة على توفير الغذاء للجائعين المتظاهرين والمهددين بإطاحة النظم السياسية القائمة التي عجزت عن إيجاد الحلول الناجمة لمواجهة ظاهرة الجوع خاصة وأن هذه الظاهرة تقلل من مقدرة بعض الدول على النمو الاقتصادي مع تزايد النمو السكاني واتساع أفواه الجائعين.