تدخلت هيئة علماء السودان لتهدئة الأوضاع المتصاعدة بين مشجعي منتخبي مصر والجزائر الذين يخوضان الليلة لقائهم الحاسم في التأهل لمونديال كاس العالم في جنوب إفريقيا بمحاولة إبعاد أبناء الشعب السوداني عن أجواء المباراة المرتقبة. وأصدرت هيئة علماء السودان بياناً رسمياً أكدت فيه عدم جواز تشجيع الجمهور السوداني لأي من منتخبي مصر والجزائر في لقائهما المنتظر في السودان في فاصلة التأهل لمونديال 2010 اليوم الأربعاء وطالبت هيئة علماء السودان في بيانها الذي نشرته الشعب السوداني بعدم مناصرة أي طرف على الآخر لتجنب إثارة الضغائن والأحقاد بين الأخوة في مصر والجزائر. واعتبرت الهيئة أن عدم تشجيع أي طرف من قبل الشعب السوداني يأتي من مبدأ المساواة في معاملة الضيف ويحد كثيرا من التأجيج الغير جائز. وقالت هيئة علماء المسلمين أن الأمر برمته ليس سوى مباراة كرة قدم فيها الفائز وفيها المهزوم مطالبةً الهيئة كافة وسائل الإعلام بتوخي الموضوعية التامة في تناول الأمر. وأضافت الهيئة بأنه على الرغم من أن الفائز سيعد فخراً للأمة العربية إلا أن الالتزام بالأخلاق الرياضية الرفيعة هو خدمة لأهداف الرياضة نفسها كما جاء في بيان الهيئة ورأت الهيئة أيضاً بأنه من المستحب أن يذهب المقتدرين من الشعب السوداني في الخرطوم إلى مطار الخرطوم الدولي لاستقبال الضيوف المصريين والجزائريين بل واستضافتهم في منازلهم لتوضيح الكرم والنخوة والشجاعة السودانية مطالبة بأن يستضيف كل سوداني شخصاً أو شخصين حسب استطاعته على حد قول الهيئة. من جهة ثانية دعا رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي إلى الهدوء قبل المباراة الحاسمة في كرة القدم للتأهل إلى المونديال 2010 بين مصر والجزائر مساء اليوم في الخرطوم. وقال القرضاوي في بيان أن كرة القدم مجرد "لعبة" تقام في "ملعب"، مذكرا المصريين والجزائريين أن "بينهم تاريخا مشتركا وقفوا فيه صفا واحدا ضد عدو مشترك"، وحذر من أن "نار الفتنة يمكن أن تأكل الجميع وتلتهم الأخضر واليابس وسيكون المنتصر الحقيقي هو إسرائيل". نشرت السلطات الأمنية السودانية 15 ألف شرطي إضافي لتأمين سير المباراة الفاصلة بين مصر والجزائر اليوم في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2010 بعد توافد أعداد كبيرة غير متوقعة من مشجعي البلدين إلى الخرطوم. وقال مسؤول في وزارة الداخلية السودانية "لقد تجاوزت الأعداد التي وصلت الخرطوم ما كان متوقعا إذ كان من المتوقع وصول عشرة ألف من الدولتين لكن الأعداد التي وصلت تجاوزت هذه التقديرات بكثير". وأوضح أن مطار الخرطوم استقبل حتى صباح اليوم أكثر من 13 ألف جزائري قدموا من الجزائر وآخرين من أوروبا فيما وصل ثمانية آلاف مصري عن طريق الرحلات الجوية وعبر أكثر من ثلاثة آلاف برا واحتشد في العاصمة مئات المصريين المقيمين في السودان. وأضاف أن هذا الوضع فرض على السلطات فرض إجراءات إضافية بخاصة بعد وقوع عدد من الاشتباكات المحدودة بين مشجعي الطرفين في شوارع العاصمة والمطاعم. وأكد المصدر أن وزارة الداخلية بالتعاون مع جهاز الأمن والمخابرات وضعت تدابير أمنية مشدده للفصل بين جمهور الفريقين وأمرت بحصر جماهير الجزائر على بعد كيلومتر من ملعب المباراة في منطقة (أم درمان) لتدخل الملعب من أبوابه الشمالية فيما تدخل الجماهير المصرية من الناحية الجنوبية ويفصل بينهما الجمهور السوداني. واصدر والي ولاية الخرطوم قرارا بتعطيل كافة المدارس إضافة إلى منح عطلة جزئية للعاملين في الدولة حتى يتم تفريغ الشوارع من المارة خلال وقت كاف قبل المباراة. من جهتها نشرت وزارة الصحة 125 عربة إسعاف حول الإستاد و300 من متطوعي الهلال الأحمر كما شكلت لجنة برئاسة وكيل الوزارة لمواجهة أي طارئ صحي. وأكد رابح سعدان المدير الفني للمنتخب الجزائري لكرة القدم أن فريقه "سيقاتل" خلال المباراة الفاصلة مع نظيره المصري اليوم بإستاد أم درمان بالسودان لنيل تأشيرة التأهل لكأس العالم. وقال سعدان في تصريح للإذاعة الجزائرية اليوم من الخرطوم إن فريقه "وصل إلى العين ولابد أن يشرب منها" وأنه إذا لم ينجح في تحقيق دلك فسيتقبل الهزيمة بكل روح رياضية لأنه حقق هدفه المتمثل في التأهل إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا 2010 بأنجولا. وأوضح أن الاستقبال الجيد للسلطات وعامة الشعب في السودان سمح لعدد من اللاعبين المصابين باستعادة الثقة بالنفس وحتى إمكانياتهم الفنية والبدنية بسرعة كبيرة. وحذر سعدان الجمهور الجزائري من التصرفات غير الرياضية أثناء المباراة كاجتياح أرض الملعب التي تكون سببا في خسارة بطاقة التأهل بقرار من الاتحاد الدولي للعبة "فيفا" والترفع عن التصرفات التي تزيد من تأزم العلاقات بين الشعبين الجزائري والمصري. هذا وقد استقبل مطار القاهرة الدولي مساء أمس 120 مواطنا مصريا قادمين من الجزائر بعد هروبهم مما وصفوه ب " اعتداءات ومطاردات الجزائريين المتعصبين" لهم في مقار أعمالهم وحتى مطار هواري بومدين أثناء عودتهم للقاهرة. وأكد العائدون أن المتعصبين طاردوهم حتى المطار وقاموا بتكسير الواجهات الزجاجية لصالة السفر الدولية في محاولة منهم لاقتحامها والاعتداء عليهم، إلا أن سلطات المطار قامت بنقلهم إلى صالة الخطوط الداخلية حتى سفرهم على رحلة مصر للطيران. وقال المهندس هشام منصور، أحد العائدين :" أنا صاحب شركة في الجزائر تعرض مقرها للتدمير، لذلك قررت الهرب من الأحداث، أنا وعدد من العاملين معي.. لم أنجح في التوجه إلى المطار إلا بعد أن قمت بلف العلم الجزائري حول جسدي"، مضيفا أن هناك عددا كبيرا من المصريين يريدون العودة إلى مصر قبل المباراة الفاصلة بين منتخبي البلدين بالعاصمة السودانية الخرطوم مساء اليوم خوفا من تداعيات نتيجة المباراة. وقال محمد عطا، وهو مشرف معماري في شركة أوراسكوم للإنشاءات انه :"رغم زيادة قوات الأمن حول تجمعات المصريين، إلا أن الموقف لا يزال مشتعلا وسط استمرار تجمعات المتعصبين حولهم وقيامهم بقذفهم بالطوب والزجاجات المشتعلة" وأضاف أن هناك توقعات بموجة عنف أشد في أعقاب مباراة الخرطوم " لذلك نناشد المسئولين في مصر بالسعي من أجل إعادة المصريين من هناك".