بعد الحرب العالمية الأولي أصبحت فلسطين تحت ما يسمى بالانتداب الإنجليزي التي أخذت في فتح باب الهجرة على مصراعيه لليهود وذلك لإدخال "وعد بلفور" حيز التنفيذ وأخذت أعداد اليهود في التزايد على أرض فلسطين وتم تعيين وزير الداخلية الإنجليزي السير "هيربرت صمويل" وهو يهودي الديانة كأول مندوب سامي بريطاني على فلسطين وفور وصول هذا الصهيوني إلى فلسطين أصدر قرارًا بالسماح لليهود بتملك الأراضي ورفع معدل هجرة اليهود لفلسطين إلى 16500 مهاجر يهودي سنويًا. ومع زيادة أعداد اليهود بفلسطين زادت حدة استفزازاتهم للمسلمين هناك وبدءوا يروجون لفكرة حائط المبكى حتى وصلت الاستفزازات لذروتها في مطلع مايو عام 1921 فاندلعت ثورة إسلامية كبرى في يافا. وانتشرت الهبه من يافا إلى باقي الشمال الفلسطيني وصار المسلمون يهاجمون اليهود في كل مكان وقتلوا منهم 47 وجرحوا 146 فهرع الإنجليز لنجدة إخوانهم الصهاينة وقمعوا الثورة بالقوة فقتلوا 48 فلسطينيًا وجرحوا 73 واستمر الإنجليز في إخماد هذه الثورة عدة أيام، وكان اليهود أذل وأحقر من أن يواجهوا المسلمين الفلسطينيين. أسبابها * النقمة من سياسة بريطانيا واستمرار الهجرة الصهيونية واستفزاز المشاعر العربية. * إقرار المؤتمر العربي الفلسطيني الثالث الذي انعقد في مارس 1921 رفض الانتداب و"وعد بلفور" وطالب بوقف الهجرة اليهودية وإنشاء حكومة وطنية في فلسطين، وهذا ما عارضته بريطانيا. * إعلان بريطانيا التمسك بالانتداب وبوعد بلفور. * دعوة الصحف الصهيونية أهل البلاد العرب إلى الرحيل عن فلسطين إلى الصحراء العربية. * قرار بحارة ميناء يافا العرب مقاطعة البواخر التي تنقل يهودًا مستجلبين والامتناع عن تفريغها. * إقالة موسى كاظم باشا الحسيني من رئاسة بلدية القدس. * رفض قرار حكومة الانتداب البريطاني الموجه إلى بلدية القدس بأن تعتبر اللغة العبرية لغة رسمية في البلاد . أحداثها في بداية الإنتفاضة تقدمت مظاهرة يهودية حاشدة من تل الربيع المحتلة حاليًا باتجاه حي المنشية بيافا تصحبها وتحرسها قوات بريطانية فتصدى لها شباب الحي وردوها على أعقابها بعد معركة بدأها المتظاهرون، وسقط فيها عدد من القتلى والجرحى . وعاودت العصابات الصهيونية مهاجمة حي المنشية ونشبت معركة أخرى استطاع أهالي يافا خلالها أن يردوا المهاجمين على أعقابهم بعد تكبيدهم الخسائر الموجعة، وفي اليوم نفسه عمدت العصابات الصهيونية إلى تغيير وجهة عدوانها بالهجوم على قرية العباسية المجاورة ليافا، والقيام بمذبحة ضد الفلاحين الآمنين ، فرد أهالي القرى بالهجوم على المستعمرات المجاورة واشتبكت عشيرة أبو كشك مع القوات البريطانية التي كانت تحمي المعتدين الصهاينة. وقد اتسع نطاق الثورة وحاول الشبان المتحمسون مهاجمة مستعمرة ملبس الصهيونية فتصدت لها قوات الحكومة البريطانية بإطلاق النار الكثيف الذي أوقع ستين شهيدًا فلسطينيًا وعشرات الجرحى. ثم هجم الثوار على مركز الهجرة الصهيونية في يافا وعلى بعض المستعمرات اليهودية بين يافا وطولكرم وقد وقفت القوات العسكرية البريطانية إلى جانب اليهود ووصلت إلى يافا بارجتان حربيتان لإرهاب السكان واستمرت المعارك خمسة عشر يومًا. نتائجها *وقوع العديد من الضحايا والجرحى العرب على أيدي القوات العسكرية البريطانية. *فرض غرامات باهظة على الفلسطينيين . *أصدرت المحاكم أحكامها الصارمة على الفلسطينيين ورافق ثورة يافا تظاهرات واضطرابات في سائر مدن فلسطين. *تشكيل لجنة تحقيق بريطانية برئاسة قاضي القضاة ويدعى "هايكرافت" و التي قررت أن أسباب الثورة ترجع إلى خطة بريطانيا بإقامة وطن لليهود في فلسطين، وإلى انحياز بريطانيا السافر مع اليهود وعملها على حرمان العرب من حكم أنفسهم بأنفسهم. * فرض غرامات مالية بقيمة ستة آلاف جنيه فلسطيني على كل من قلقيلية وطولكرم وقاقون. على إثر ذلك وفي يونيو عام 1922 أصدرت الحكومة البريطانية الكتاب الأبيض وقد اشتمل على دستور لفلسطين وعلى سياسة عامة مبنية على أساس الانتداب ووعد بلفور مؤكدا أنهما لا يقبلان التغيير، وتأسيس مجلس تشريعي، ليس له الحق في التعرض لمبدأ الانتداب. وقد رفضه عرب فلسطين رفضا باتا كما رفضوا المجلس التشريعي الذي نصّ على أن يكون للسكان العرب 10 أعضاء من أصل 23 عضوا، بالرغم من أنهم يمثلون 91% من السكان وقد رحبت الجمعية الصهيونية بالكتاب واعترف وايزمن في مذكراته أن الحكومة البريطانية عرضته على الجمعية الصهيونية قبل إصداره.