كشف تحقيق استقصائي عن التهريب بجميع أشكاله عبر الموانئ المصرية اليوم الأحد عن عيوب خطيرة بأجهزة كشف المعادن والأسلحة والمفرقعات بالمنافذ والموانئ، والتي أصبحت "عمياء" لا ترى ما بداخل الحاويات، لاعتمادها على تكنولوجيا قديمة تتحكم فيها شركة أمريكية، وما زالت معتَمَدة في بوابات مصر.. ما سبق كشفت عنه مذكرة مقدمة إلى رئيس الإدارة المركزية للأمن الجمركي، أكدت وجود عيوب خطيرة في مواصفات أجهزة الكشف عن الآثار والأسلحة، وقيام المهربين باستغلال تلك العيوب لإدخال الأسلحة وتهريب الآثار، في وضح النهار مع استحالة تفتيش كل الشحنات ذاتيا. وجه آخر للكارثة رصدتها صحيفة التحرير للزميل محمد الأشموني كشفت عنه المذكرة الفضيحة من تحكم شركة أمريكية واحدة في تشغيل نظام التفتيش، وذلك بمنافذ ميناء نويبع ودمياط وشرق التفريعة، ووفقا للمذكرة تبين عدم قدرة الإدارة على تأمين منفذ السلوم البري الرابط بين مصر وليبيا؛ بسبب عيوب في سيارات الكشف الفني غير المطابقة للمواصفات التي تم شراؤها على أساسها. فساد بالأمن القومي وجاء فى المذكرة التى قدمها محمد فتحي، فيزيائي بالجمارك، حسب ما نشره موقع "التحرير" أن هناك خروقات أمنية نتيجة وجود فساد فني ومالي وإداري في صفقات شراء أجهزة الفحص بالأشعة التي استوردتها مصر من الشركة الأمريكية للعلوم الهندسية (as&e) للعمل داخل الدوائر الجمركية؛ حيث تم وضع سيارة كشف تسمى (zbv) في ميناء «السلوم البري» لكشف الأسلحة، إلا أن هذه السيارة تعمل بالأشعة المرتدة، والتي لا تستطيع الكشف عن وجود أسلحة حسب الكاتالوج المرفق معها، وعلى الرغم من ذلك أصر المسؤول المختص على إبقائها «ديكورًا» في المنفذ لحاجة في نفسه، وتبين مدى الاستهتار بالأمن القومي للبلاد في قيام المدير المختص بالمنفذ، بالتخلص من سيارة مجهزة للكشف عن كل أنواع السلاح والمفرقعات والشحنات المخدرة، وكل الممنوعات وتسمى «موبيل سيرش»، وذلك على الرغم من حداثة دخولها الخدمة، والتي لم تتعد عامًا واحدًا، وجاء قرار التخلص منها، حسب المنطق والعقل، كخدمة لعصابات وأجهزة تهريب السلاح وأدوات الموت والمخدرات، دون الكشف عنها. أمريكا تتحكم في الموانئ المصرية وكشفت المذكرة عن مخالفات جسيمة في منظومة تأمين المنافذ والموانئ، وتورط شركة أمريكية ومسؤولين مصريين في المساعدة على مرور الشحنات من عدة منافذ دون خضوعها للتفتيش، منها على سبيل المثال، وجود خلل فني خطير وربما يكون متعمدا في 3 أجهزة في موانئ نويبع ودمياط وشرق التفريعة، مما أدى إلى قصور في عمليات الكشف على الحاويات المبلغ عنها، أو العمل بنظام الانتقاء العشوائي، وذلك بسبب ضرورة وضع الأجهزة على ارتفاع 5 أمتار حسب توصيات مديري المواقع، إلا أن المفاجأة هو أنه تم استيراد أجهزة طبقا لارتفاع 4 أمتار ونصف، وهي غير قادرة على الكشف عن الآثار والأسلحة، رغم علم العاملين في الموانئ بعيوبها جيدا، وكذا الشركة الأمريكية الموردة؛ حيث تم إبرام عقد المرحلة الثالثة بنفس المواصفات السابقة، إضافة إلى إصرار قطاع الالتزام التجاري على استخدام الارتفاع القديم في مواقع حساسة مثل نويبع، وأوضحت المذكرة أن جميع المستوردين أصبحوا يستخدمون حاويات (hc) هاى كيوب، لا يمكن كشفها نهائيا بسبب ارتفاعها. وقال مقدم المذكرة إن الخطورة تكمن في علم جميع المستخلصين والعاملين في الموانئ بتلك العيوب وما هي إلا مسألة وقت ويتم استغلال تلك العيوب بشكل كبير في أعمال التهريب، خصوصا بعد تجاهل القيادات عمليات التعديل التي كانت متاحة للجمارك المصرية، وتم إغفالها والتشديد على تركيب الأجهزة طبقا لكتالوج الشركة الأمريكية. «الموانئ» في غيبوبة لعل إصرار المسؤولين عن الموانئ على استخدام منظمة عفا عليها الزمن، يثير التساؤل، خصوصا أن الأجهزة المستخدمة، لا تجاري المعتمدة عالميا، مما يسمح بخلق ثغرات خطيرة في المنافذ بطول البلاد وعرضها، تتيح إدخال أي شيء دون رصده؛ حيث أشارت المذكرة المرفوعة إلى رئيس الإدارة المركزية للأمن الجمركي، أن عمل سيارات الكشف الموجودة بالمنافذ الأربعة السابق ذكرها تعمل بالأشعة المرتدة لا الأشعة المخترقة، المعتمدة عالميا للكشف عن الأسلحة والمواد المتفجرة والمعادن، إضافة إلى أنه ومنذ 11 عاما لا يوجد مهندس مصري في الشركة تم تدريبه على تلك المعدات من قبل الشركة الأمريكية لتتمكن الشركة من متابعة التطورات ومراقبة الأعمال، خصوصا أنه لا توجد لجنة فنية قادرة على التأمين الفني أو الإصلاحات أو الإشراف على الشركة التي تدار من قبل شركتين أمريكيتين. «داتا المواني» في قبضة الشركة الأمريكية واستكمالا للفساد المستشري في المنافذ كما تقول التحرير تبين أنه خلال عمل التوريدات الخاصة بالمرحلة الثالثة من التعاقد مع الشركة الأمريكية تم عمل شبكة ربط للمواقع والمنافذ والموانئ باستخدام «سيرفر» في قطاع «الالتزام التجاري» يقوم بجمع الصور من جميع المواقع في مختلف مخارج ومداخل مصر، وتخزينها بصورة يومية في كمبيوتر، وبرغم إيجابية المشروع فإنه تبين وجود خرق أمني واضح نتيجة لبعض الأمور الفنية، إضافة إلى عدم تدريب كوادر فنية من داخل الجمارك المصرية للإشراف على السيرفر في حال الانتهاء من أعمال التركيبات؛ حيث تم التكتم على طريقة عمله وإصلاحه وتشغيله، ووضع كلمة سر «باسورد»، خاصة بالشركة الأمريكية فقط؛ حيث رفضت الشركة تسليم الكتالوجات الخاصة بطبيعة عمل السيرفر لقطاع الالتزام التجاري كما هو متبع في معظم الأجهزة، وهو ما يسمح للشركة الأمريكية بفتح السيرفر عن طريق الأي بي وعمل «ريموت أكسيس» عليه من أمريكا أو أي مكان في العالم، والحصول على كل المعلومات المخزنة بداخله، وهو ما يمثل خطورة على الأمن القومي المصري. مطار القاهرة مخترق ما قيل عن المنافذ والموانئ ينطبق بدوره على مطار القاهرة أهم منفذ للبلاد، وأخطرها؛ حيث تعربد فيه الشركة الأمريكية ذاتها، وأشارت المذكرة إلى أن تلك الشركة قامت بفك جهاز الكشف عن المفرقعات والأسلحة والآثار بمطار القاهرة بالأمر المباشر دون عمل مناقصات أو تحديد المبالغ المالية، وترتب عليه بقاء الجهاز على وضعه، مما يؤكد أن الشركة الأمريكية واثقة أنها ستحصل على المرحلة الرابعة دون مناقصات. وقال مقدم المذكرة إن ما زاد عملية الخروقات الأمنية هو وجود الشركة الوكيلة داخل مصلحة الجمارك، بقطاع الالتزام التجاري، وحجز غرفة مجهزة لموظفيها دون وجود علاقة تعاقدية بينها وبين الجمارك. «المالية» تتدارك الكارثة وتهدر مزيدا من المال العام في محاولة منها لتفادي كارثة منافذ البلاد «المفتوحة على البحري» كما رصدت التحريرأعلنت وزارة المالية عن صفقة جديدة لتوريد أنظمة كشف الممنوعات بتلك الموانئ، مما يبرهن على وجود شبهة إهدار مال عام في توريد الأجهزة القديمة والمعطلة بفعل فاعل، بينما يبقى الإصرار أيضا على أن تتولى شركات أمريكية توريدها تشغيلها؛ حيث أشار الدكتور مجدي عبد العزيز وكيل أول وزارة المالية رئيس مصلحة الجمارك المصرية، إلى أن 3 شركات أمريكية فازت بممارسة توريد أجهزة الكشف بالأشعة لفحص الواردات بالمنافذ الجمركية، مضيفا أن الممارسة جاءت لتنهي الجدل الدائر منذ نحو 6 سنوات بشأن صفقة أجهزة الأشعة في إطار المعونة الأمريكية، المقررة لوزارة المالية في هذا الشأن منذ عدة سنوات بقيمة 65 مليون دولار. وأضاف مصدر بمصلحة الجمارك أن حجم الممارسة التي تم فتح مظاريفها من خلال لجنة الترسية والبت بمشاركة هيئة الخدمات الحكومية، بلغ 50 مليون دولار، سيتم توريد أجهزة في حدود قيمتها، لافتا إلى أن هذه الأجهزة سيتم تركيبها بالموانئ والمنافذ الجمركية خلال شهور بعد الانتهاء من تصنيعها. وأضاف: أجهزة الكشف بالأشعة التي يتم تمويلها من أموال المعونة الأمريكية، وستسهم في تحقيق الرقابة على الواردات، ومنع دخول السلع المحظورة للبلاد وتنسيق التجارة والتحقق من مطابقة الحاويات للمواصفات، مؤكدا أن ستتسبب في خفض نسبة الفحص للبضائع إلى 10 و20% بدلا من فحص 100%.