10 صور ترصد انطلاق العام الدراسي الجديد بكليات جامعة الإسكندرية    وزيرا خارجية مصر والكونغو يتفقان على مواصلة التعاون في كافة المجالات    آداب عين شمس كاملة العدد في أول يوم دراسي (فيديو وصور)    حفيد عبد الناصر: الزعيم يعيش فى قلب كل مصرى    تعرف على موعد حفلات تخرج دفعات جديدة من كلية الشرطة والأكاديمية العسكرية    سعر الذهب اليوم السبت في مصر يهبط مع بداية التعاملات    أسعار الدواجن ترتفع اليوم السبت بالأسواق (موقع رسمي)    4 نوفمبر المقبل آخر مهلة، خطوات التصالح في مخالفات البناء بالمدن الجديدة    سعر الدينار الكويتي مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 28-9-2024 في البنوك    تداول 47 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    وزير الخارجية يشارك في الجلسة الطارئة لمجلس الأمن    إيران تتعهد بملاحقة إسرائيل في المحافل الدولية    إسقاط صاروخ "أرض-أرض" فوق شمال إسرائيل    الهند تحذر:استمرار باكستان في الإرهاب سيؤدي إلى عواقب وخيمة    تشكيل الهلال المتوقع لمواجهة الخلود بالدوري السعودي    جمهور الزمالك يهاجم إمام عاشور واللاعب يرد (صور)    تشكيل أرسنال المتوقع أمام ليستر سيتي.. تروسارد يقود الهجوم    تجديد حبس عاطلين متهمين ب سرقة سيارة في الشروق    30 يومًا.. خريطة التحويلات المرورية والمسارات البديلة بعد غلق الطريق الدائري    بأوتبيس نهري.. تحرك عاجل من محافظ أسيوط بعد فيديوهات تلاميذ المراكب    تكثيف أمني لكشف غموض العثور على جثة سيدة مقطوعة الرأس بقنا    3 أفلام سورية بمهرجان ليبيا السينمائي الدولي للأفلام القصيرة    بسبب طليقته.. سعد الصغير أمام القضاء اليوم    بمشاركة فريق مسار إجباري.. حكيم يشعل المنيا الجديدة بإحتفالية ضخمة وكلمة مؤثرة عن سعادته الحقيقية    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: رعاية كبار السن واجب ديني واجتماعي يجب الالتزام به    الرقابة الصحية تبحث التعاون في مجال السياحة العلاجية بين مصر وتركيا    أفضل الطرق الطبيعية للتخلص من دهون البطن    وزير الصحة: مصر مصنفة من أكثر البلاد استهلاكا للأدوية في العالم    أستاذ علوم سياسية: إسرائيل دولة مارقة لا تكترث للقرارات الدولية    وزارة العمل تستعرض أهم الملفات أمام رئيس مجلس الوزراء.. وتعاون مع "التعليم" في مجالات التدريب المهني    الباذنجان 3.5 جنيه، ننشر أسعار الخضراوات اليوم السبت بسوق العبور    مجسمات لأحصنة جامحة.. محافظ الشرقية يكرم الفائزين في مسابقة أدب الخيل    التفاصيل الكاملة لحفل أحمد سعد بمهرجان الموسيقى العربية    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية متواصلة تستهدف بعلبك والمناطق الجنوبية اللبنانية    إنفوجراف| حالة الطقس المتوقعة غدًا 29 سبتمبر    مقتل شخص في مشاجرة بسبب خلافات سابقة بالغربية    بسبب خلاف حول الأجرة، حبس سائق توك بتهمة قتل شاب في السلام    4 شهداء في قصف للاحتلال وسط قطاع غزة    عقوبات الخطيب على لاعبي الأهلي بعد خسارة السوبر؟.. عادل عبدالرحمن يجيب    عودة أسياد أفريقيا.. بهذه الطريقة أشرف ذكي يهنئ الزمالك بالسوبر الأفريقي    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط» 28 سبتمبر 2024    أمين الفتوى: حصن نفسك بهذا الأمر ولا تذهب إلى السحرة    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    طعنة نافذة تُنهي حياة شاب وإصابة شقيقه بسبب خلافات الجيرة بالغربية    جوميز: الزمالك ناد كبير ونسعى دائمًا للفوز    مع تغيرات الفصول.. إجراءات تجنب الصغار «نزلات البرد»    حسام موافي: لا يوجد علاج لتنميل القدمين حتى الآن    جامعة طنطا تواصل انطلاقتها في أنشطة«مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان»    عبد المجيد: التتويج بالسوبر سيمنحنا دفعة معنوية لتحقيق الدوري والكونفدرالية    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    ألسنة لهيب الحرب «الروسية - الأوكرانية» تحاصر أمريكا    الوكيل: بدء تركيب وعاء الاحتواء الداخلي للمفاعل الثاني بمحطة الضبعة (صور)    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس بين الفساد والإهمال وهيمنة السلطة وتنظيم الدولة وكأن الثورة لم تقم
نشر في الشعب يوم 22 - 04 - 2015

تصاعد منسوب الانتقادات اللاذعة التي توجهها الأحزاب السياسية المعارضة لأداء حكومة الحبيب الصيد الائتلافية بين العلمانيين والسياسيين وطريقة إدارتها للشأن العام وسط "استياء" شعبي واسع من "ضعف" أداء حكومة تعهدت ب"إنقاذ البلاد من الأزمة" إن كان ذلك على الصعيد السياسي أو الأمني أو الاجتماعي أو الاقتصادي، حتى أن عددا من الأحزاب حذرت من "دكتاتورية قادمة" ومن التأسيس ل"دولة البوليس" الأمر الذي يهدد التجربة الديمقراطية الناشئة والهشة فيما يتداول الشارع السياسي أنباء عن عزم الصيد إجراء تحوير في الحكومة يشمل عددا من الوزراء الدين لم يثبتوا "نجاعة" في أدائهم.
حكومة أمنية همشت الملفات الساخنة
وتقول الأحزاب السياسية المعارضة للائتلاف الهش بين أحزاب علمانية وحركة النهضة الإسلامية إن حكومة الصيد تدير شؤون البلاد ب"طريقة ارتجالية" وتفتقد ل"خارطة طريق" واضحة من شأنها أن "تنقد البلاد من الأزمة" التي تتخبط فيها مند أربع سنوات ما جعلها "حكومة أمنية" تختزل جهودها في "مكافحة" خلايا الجماعات الجهادية، متجاهلة مطالب التونسيين بخطة لتوفير التنمية ومعالجة المشاغل اليومية للمواطنين، وفي مقدمتها تحسين القدرة الشرائية خاصة في ظل تعثر المفاوضات الاجتماعية مع الاتحاد العام التونسي للشغل بشان الزيادة في أجر العمال والموظفين وتحسين أوضاعهم الاجتماعية والترفيع في مقدرتهم الشرائية.
وعلى الرغم من "تركيزها على الجانب الأمني" فإن الحكومة تواجه صعوبات في مواجهة الجماعات الجهادية حتى أنها اعترفت بأن مقاتلي تنظيم الدولة العائدين من سوريا والعراق وليبيا يشكلون "مشكلا" أمنيا وسياسيا لا فقط على أمن البلاد واستقرارها وإنما أيضا على التجربة الديمقراطية الناشئة والهشة.
ويقول سياسيون إن "الحزم" الذي أبدته الحكومة في مكافحة الجماعات الجهادية ونجاحها في تفكيك عشرات الخلايا في عدد من مناطق البلاد "غير كاف" في ظل غياب "خطة استراتيجية" الأمر الذي "يجعل من خطر الإرهاب ما زال قائما" في وقت "طور" فيه الجهاديون من "نوعية" نشاطهم الذي بات يعتمد على "جهاديين جدد لا يحذقون فقط حرب الشوارع وإنما يحذقون أيضا صنع واستخدام أخطر الأسلحة ووسائل الاتصال الحديثة بعد تجنيدهم لشباب متخصص في الفيزياء والكيمياء والهندسة الالكترونية".
ويرى سياسيون إن السلطات "تتكتم" على الوضع الأمني العام بالبلاد و"تكتفي" بالإعلان عن هجمات الجهاديين وتفكيك خلاياهم واعتقال عناصرها، ولم تقدم للتونسيين خارطة واضحة ودقيقة عن "الحالة الأمنية" التي تؤرق التونسيين خاصة في ظل انتشار السلاح القادم من الحدود التونسية الليبية.
وتقدر السلطات الأمنية عدد الجهاديين العائدين ب500 شخص نظموا صفوفهم وهم ينشطون في شكل خلايا نائمة، فيما يقول الخبراء في الجماعات الجهادية أن عددهم أكثر من ذلك بكثير ويفوق 1000 شخص تسللوا خلال السنوات الثلاث الماضية عبر الشريط الحدودي الجنوبي مع ليبيا بعد أن تلقوا تدريبات "إضافية" في معسكرات بصحراء ليبيا يشرف عليها سيف الله بن حسين الملقب ب"أبوعياض" أمير جماعة "أنصار الشريعة" المصنف تنظيما إرهابيا.
غير أن الخبراء يقولون إن "نجاح" الجهاديين في نقل معاركهم من الجبال المحاذية للحدود الغربية مع الجزائر إلى المدن يؤكد أن نتائج "الحزم" في مكافحة الجهاديين "تبدو دون تطلعات التونسيين".
وتبدو تقديرات السلطات الأمنية حول عدد التونسيين الذين انضموا لتنظيم الدولة غير متطابقة مع تقديرات السلطات السياسية، إذ قال رفيق الشلي إن عددهم يتراوح بين ألفين و800 و3 آلاف شخص إلى جانب وجود بعض المئات في ليبيا إما للتدرب أو من الملتحقين بالمجموعات الإرهابية في شرق البلاد وغربها، فيما قال الرئيس الباجي قائدالسبسي إن عدد التونسيين الذين انضموا لتنظيم الدولة يبلغ 5 آلاف شخص.
لا خطة لمعالجة بؤر التوتر
والثلاثاء، حذر الحزب الجمهوري خلال مؤتمر صحفي من مؤشرات ديكتاتورية الحكومة مطالبا إياها ب"التسريع في معالجة بؤر التوتر في البلاد"، في إشارة إلى موجة الاحتجاجات التي تشهدها العديد من الجهات وإلى الإضرابات التي تزايدت خلال الفترة الأخيرة لتضرب أهم القطاعات بما فيها التعليم والنقل والصحة والقطاعات الصناعية.
وتواجه حكومة الصيد موجة من الإضرابات والاحتجاجات ما انفكت تتصاعد نتيجة تردي الأوضاع المعيشية وتدهور المقدرة الشرائية لأغلب فئات المجتمع، في وقت لم يتوصل فيه الاتحاد العام التونسي للشغل إلى اتفاق مع الحكومة بشأن الزيادة في أجور العمال والموظفين.
ويقول الخبراء إنه بعد أكثر من أربع سنوات على انتفاضة 14 يناير/كانون الثاني 2011 التي قامت ضد تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، لم يجن التونسيون من ثورتهم سوى المزيد من التفقير والحرمان والاحتقان الاجتماعي وسط تخوفات من انزلاق البلاد إلى حالة من الغضب الشعبي قد يجتاح مختلف الجهات وخاصة المحرومة.
ويؤكد الخبراء على أن "الاحتقان الاجتماعي الذي اشتد خلال الأسابيع الأخيرة نتيجة سياسية حكومية غير واضحة، سيدفع لا فقط بالفئات التي قادت انتفاضة يناير 2011 للانتفاض من جديد، وإنما أيضا الفئات الوسطى التي صبرت كثيرا على فشل الحكام الجدد في معالجة المشاغل الحياتية للتونسيين".
وتؤشر الطريقة التي تدير بها الحكومة الشأن العام على أنها لم تنجح في وقف النزيف الاقتصادي إذ توقفت أكثر من 700 مؤسسة اقتصادية عن الإنتاج ولفظت أكثر من 3 آلاف شخص إلى عالم البطالة، كما أن "سياسة المعونات الاجتماعية" لم تؤد سوى إلى ظهور فئات متسولة.
وتواجه الحكومة تحديات اقتصادية عملية منها عودة 500 شركة التي تشكو نوعا من التجميد إلى سالف نشاطها واستئناف حوالي 3 آلاف من الشركات المرتبطة بها اقتصاديا عملها.
ولا يتردد الخبراء في التأكيد على ان"عمليات الترقيع عاجزة عن تقديم الحلول الجذرية" في ظل ارتفاع نسبة الفقر إلى أكثر من 25 بالمئة وارتفاع نسبة البطالة إلى أكثر من 22 بالمئة"، ويطالبون الحكومة ب"نموج تنموي ناجع يجعل مشاغل التونسيين الاجتماعية في سلم أولوياته".
وما لم تبادر الحكومة بوضع استراتيجية عملية وواضحة تكفل الضمانات الاقتصادية والمالية والاجتماعية لن تتمكن من تخفيض نسبة التضخم التي قفزت من 3 إلى 6 بالمئة حسب بيانات البنك المركزي، الشيء الذي دفع بها إلى الترفيع في أسعار المواد الأساسية والمحروقات ما زاد في تعميق أزمة تدهور القدرة الشرائية وارتفاع منسوب الاحتقان الاجتماعي.
وتطالب الأحزاب المعارضة وخاصة "الائتلاف اليساري" الجبهة الشعبية ب"إطلاق حوار وطني تشارك فيه الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وخاصة الاتحاد العام التونسي للشغل"، من أجل "وضع خطة استراتيجية واحدة وموحدة كفيلة بإنقاذ البلاد من الأزمة".
وفي ظل غياب خارطة طريق "انزلقت" حكومة الصيد في "اختزال" جهودها في ملاحقة الجماعات الجهادية حتى أن السياسيين باتوا يصفونها ب"الحكومة الأمنية"، ولم يتردد الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي في التحذير من تمهيد الحكومة الائتلافية ل"دولة بوليس" لتنسف ومن الأساس التجربة الديمقراطية وهامش الحريات وذلك خلال تعليقه على القانون المعروض حاليا على البرلمان والمتعلق بزجر الاعتداءات على القوات الحاملة للسلاح الذي رفضته الأحزاب السياسية ونشطاء المجتمع المدني والإعلاميين.
سعي إلى ضرب استقلالية القضاء
لكن تحذير الأحزاب السياسية من "دكتاتورية قادمة" شملت أيضا "تدخل" الحكومة في "صلاحيات" السلطة القضائية"، إذ حذر الحزب الجمهوري من "تدخل السلطة التنفيذية في السلطة القضائية" باعتماد "التمديد" في مصادقة البرلمان على المجلس الأعلى للقضاء.
واحتجاجا على تدخل السلطة التنفيذية في صلاحيات القضاء، كان القضاة قد شنوا إضراب عام حضوريا بكامل المحاكم في 12 مارس/آذار 2015 "دفاعا عن استقلالية السلطة القضائية" و"نزاهتها"، وطالبوا ب"إصلاح الجهاز القضائي بما يستجيب للمعايير الدولية"، ودعوا إلى عقد مجلس وطني طارئ احتجاجا على سعي الحكومة إلى "الالتفاف على استقلالية القضاء".
وأرجعت رئيسة جمعية القضاة روضة القرافي في بيان نشرته على موقعها الرسمي على شبكة الانترنت قرار الإضراب إلى سعي السلطة التنفيذية إلى الالتفاف على "تركيز سلطة قضائية مستقلة طبق الدستور" من خلال "فرضها" مشروع قانون أساسي يتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء.
وشكل الإضراب وهو الأول من نوعه مند تشكيل حكومة الحبيب الصيد في 2 فبراير 2015 والتي كانت تعهدت باحترام "مبدأ استقلالية السلطتين التشريعية والقضائية" و"عدم التدخل في سير عملهما"، ضربة موجعة للحكومة خاصة وأن جمعية القضاة اتهمت وزير العدل محمد صالح بن عيسى ب"السعي إلى تمرير مشروع قانون مخالف للدستور يتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء"، مشددة على أن "هدا المشروع يعد التفافا من السلطة التنفيذية على تركيز سلطة قضائية مستقلة ونزيهة تضمن تحقيق العدالة في المجتمع".
ويقود القضاة جهودا نضالية من أجل "لجم" السلطة التنفيذية برأسيها ضد أي شكل من أشكال التدخل في سير عملهم دفاعا عن استقلالية السلطة القضائية ونزاهتها، وفق ما ينص عليه الدستور وبما يحق العدالة في المجتمع.
وتشدد القرافي على أن القضاة يرفضون مشروع القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء لأنه تم إعداده من قبل وزارة العدل والحال أنه تم الاتفاق على إعداده من قبل لجنة فنية تتكون من كفاءات قانونية مشهود لها بالخبرة والاستقلالية، لافتته إلى أن "مشروع القانون في صيغته المقدمة من طرف وزارة العدل يضم تراجعات خطيرة عن المكتسبات الدستورية"، مشددة على أن "المشروع لن يمر" واصفة إياه ب"الرجعي بامتياز".
وطالب رئيس مرصد استقلال القضاء أحمد الرحموني الحكومة ب"ضمانات تقر باستقلال القضاء ونزاهته وفق ما نص عليه الدستور وذلك بإعطاء المجلس الأعلى للقضاء الاختصاصات الأساسية في الإشراف على القضاء الموحد في التكوين والتفقد وتقييم القضاة بمنأى عن تدخل السلطة التنفيذية".
وتدافع جمعية القضاة عن تركيبة متوازنة للمجلس الأعلى للقضاء تضم قضاة ومحامين ولكن أيضا أساتذة في القانون وشخصيات من المجتمع المدني من اجل "مجلس يكون في خدمة المجتمع لا مجلسا تتضارب فيه المصالح فتضعف نزاهة واستقلال القضاء على حساب حقوق وحريات المتقاضين". وتعتبر الجمعية أنه "تم تقليص صلاحيات مجلس القضاء في المشروع المقدم من وزارة العدل لفائدة السلطة التنفيذية".
وخلال لقاء مع رئيس الحكومة الحبيب الصيد يوم 26 فبراير/شباط 2015، أبلغت جمعية القضاة الصيد تمسكها ب"تركيز مجلس أعلى للقضاء يكون قانونه الأساسي مكرسا للرؤية الدستورية الجديدة باعتباره هيكلا ممثلا للسلطة القضائية يحقق مبدأ الفصل بين السلط والتوازن بينها، وبإسناده صلاحيات شاملة في إدارة الشأن القضائي وبأن تكون تركيبة المجلس من أغلبية من قضاة منتخبين مع الانفتاح على غير القضاة بما يحقق التعددية المتوازنة دون أن يعرض المجلس إلى إشكاليات تضارب المصالح، نظرا لخطورتها على استقلالية القضاء ونزاهته وعلى حقوق المتقاضين".
تعيينات على أساس الولاء الحزبي
وطالت انتقادات الأحزاب السياسية "التعيينات" التي أجراها الحبيب الصيد في سلك المحافظين والوظائف السامية داخل مؤسسات الدولة إذ اعتبروها "تعيينات تمت على أساس الولاءات الحزبية لا على أساس الكفاءة في وقت تحتاج فيه الدولة إلى كفاءات وطنية متخصصة قادرة على إدارة ملفات ساخنة بنجاعة الأمر الذي دفع بعدد من النواب إلى صياغة "لائحة مساءلة" لرئيس الحكومة خلال جلسة خاصة تحت قبة البرلمان.
ويتهم سياسيون حكومة الائتلاف بين العلمانيين والإسلاميين بأنها "تقاسمت" التعيينات في ما يشبه الغنيمة، ووزرعت أشخاصا موالين لحزب نداء تونس صاحب الأغلبية البرلمانية ولحركة النهضة الإسلامية في "مفاصل الدولة" الأمر الذي يتنافى ومبدأ "حياد الإدارة" ويضرب في العمق "دولة المواطنة التي يجب أن تكون دولة كلّ التونسيين بقطع النظر عن انتماءاتهم السياسية".
وشدد الأمين العام لحزب التيار الشعبي زهير حمدي على أن حزبه لديه "تحفظ على عدد كبير من التعيينات الحاصلة سواء في سلك المحافظين أو على رأس بعض المؤسسات العمومية، ملاحظا أن أن أغلب الأسماء والشخصيات التي تم تعيينها كان على أساس حزبي بامتياز دون الاعتماد على الكفاءة المهنية.
وقال حمدي إن تعيين شخصيات على رأس مؤسسات الدولة تم على أساس حزبي، معتبرا ذلك عودة إلى الوراء بجميع المقاييس، وشدد على ضرورة أن تتوفر في المترشحين الى هذه المناصب النزاهة ونظافة اليد، اضافة إلى الالتزام بالموضوعية بما يضمن حياد الإدارة.
وعبر الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري عن رفض حزبه للتعيينات في مفاصل الدولة على أساس الولاء الحزبي، معتبرا أن تلك التعيينات تعكس سعيا إلى الهيمنة على مؤسسات الدولة التي هي دولة كل التونسيين، ملاحظا أن ذلك السعي يستبطن "نزعة دكتاتورية" يرفضها التونسيون.
ودعا حزب آفاق تونس المشارك في الحكوم، إلى "ضرورة أن تعتمد سياسة التعيينات في المناصب الهامة للدولة على منهجية التشاور والتوافق، بما يضمن نجاعتها وحسن اختيار المرشحين على أساس الكفاءة والنزاهة والإشعاع، بعيدا عن التأثيرات الجانبية والمحاصصة الحزبية"
وأعرب آفاق تونس عن رفضه ل"عملية الخلط بين الحزب والإدارة"، مشيرا الى أن نداء تونس هاجم أحزاب الترويكا سابقا بخصوص التعيينات وهو اليوم يفعل نفس الشيء.
وأكد أن حزبه ضد التعيينات الحزبية الخاضعة للترضيات، داعيا إلى ضرورة تعيين شخصيات تكون نزيهة ولها قوة شخصية، وتتبنى مشروع واضح.
واعتبر القيادي في حزب التيار الديمقراطي، هشام عجبوني أن منهج الحكومة المعتمد في التعيينات "قائم على أساس الولاء الحزبي الضيق، بل وحتى الولاء للكتل المتنازعة داخل الحزب الحاكم" أي نداء تونس، معربا عن قلق حزبه من هذه التعيينات التي تمّت على أساس الزبونية ومنطق الولاء الحزبي الضيق.
أنباء عن تحوير وزاري
وإزاء الانتقادات اللاذعة لحكومة الصيد خلال ال100 يوم الماضية ومارافقها من استياء لدى الرأي العام من "ضعف" الأداء"، تحدثت تقارير عن "اعتزام الصيد إجراء تحوير وزاري جزئي" يتم بموجبه إعفاء عدد من الوزراء الدين لم يثبتوا "الكفاءة المطلوبة" في إدارة ملفاتهم.
غير أن الجبهة الشعبية القوة الانتخابية المعارضة تشدد على أن "ضعف أداء الحكومة" لا يمكن "تجاوزه" من خلال تحوير وزاري وإنما من خلال "وضع خارطة طريق واحدة" بناء على "حوار وطني"، ووضع برنامج سياسي وتنموي وأمني عملي، كفيل بإيجاد الحلول للملفات الساخنة وفق رؤية وطنية لا حزبية، خاصة وأن "الائتلاف الحاكم" لا يتبنى "نفس البرنامج" وإنما لكل حزب "رؤيته" لكيفية إدارة شؤون البلاد خلال السنوات الخمس القادمة.
ويرجع مراقبون "ضعف أداء" الحكومة إلى "طبيعة الائتلاف بين العلمانيين والإسلاميين"، مشددين على أن "الحكومة تعيش هشاشة هيكلية" سواء من حيث "التوجهات" أو من حيث "المواقف" من عدد من الملفات.
ويلاحظ المراقبون أن هناك خلافا بين موقف حزب نداء تونس وحركة النهضة بشأن الملف الليبي إذ في الوقت الذي يتمسك فيه نداء تونس ب"الوقوف على نفس المسافة" من الجيش الليبي ومن قوات فجر ليبيا الذراع العسكري لتنظيم الإخوان المسلمين، لا تخفي النهضة "علاقاتها" مع فجر ليبيا، حتى أن راشد الغنوشي "اتهم" وزارة الخارجية ب"التقصير" في "لعب دورها الإقليمي" ودعا الدبلوماسية التونسية إلى "عقد مؤتمرات ولقاءات تحتضنها تونس بمشاركة كافة الأطراف المتنازعة في ليبيا".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.