اشتد الصراع فى السلطة التونسية وتضاربت التصاريح والقرارات الرسمية أيضاً فبعد أن أعلن وزير الخارجية التونسى عن عودة العلاقات الدبلوماسية قال قائد السبسي في حوار لقناة فرانس 24 الجمعة إنّ السياسة الخارجية التونسية من أنظار رئيس الجمهورية وأنّ وزارة الخارجية ما عليها إلا أن تطبّق هذه السياسة، موضحا أنّ الرئيس هو من يضبط الخطوط العريضة للسياسة الخارجية. ونفى الرئيس التونسي أن تكون تونس قد طلبت عودة السفير السوري إلى تونس، قائلا إنّه في السابق كان ضدّ طرد السفير السوري من تونس، وأضاف "أن قرار بعث قنصل عام أو قائم بالأعمال في سوريا أو أيّ تمثيل قنصلي يهدف الى الاهتمام بشؤون الجالية التونسية هناك وهو ما أراد أن يقوله الوزير (الطيب البكوش) حسب ما أعتقد، لكننا لم نقرّر بعد في أيّ مستوى ستكون التمثيلية التونسية للاهتمام بمصالح التونسيين هناك". وتابع "ما زاد عن ذلك فتونس لم تغيّر سياستها تجاه الوضع في سوريا، وسيقع عند الاقتضاء اتخاذ القرارالمناسب لتعيين من يهتم بشؤون التونسيين هناك لكننا مازلنا نتفاعل ضمن قرار الجامعة العربية وما يضبطه الإجماع العربي". يذكر أن وزير الخارجية الطيب البكوش أعلن الخميس عن إعادة التمثيل القنصلي في سوريا حرصا على مصالح التونسيين المتواجدين هناك، وعبّر عن ترحيبه بعودة السفير السوري إلى تونس في حال رغب في ذلك. وقال مراقبون إن تراجع قائدالسبسي يضع وزير الخارجية في موقف محرج وقد يصعب من مهمته على راس هذه الوزارة الحساسة. كما يثير التراجع التساؤل حول طبيعة التنسيق بين قصر قرطاج والوزارة بخصوص هذا الموضوع، وما إذا كان ذلك له علاقة بصراع مواقف داخل أجنحة حزب نداء تونس الحاكم، ضمن تحالف حزبي رباعي يضمن بين مكوناته حركة النهضة الإسلامية التي أطردت تونس خلال فترة حكمها السفير السوري السابق. وكان البكوش من أبرز المعارضين داخل حزب النداء للتحالف مع النهضة التي كان يعتبرها سببا مباشرا في حالة التخبط التي تعيشها تونس سواء في وضعها الداخلي او على صعيد علاقتها الخارجية. وبعد أن فرض قائدالسبسي التحالف مع النهضة على البكوش وبقية الفريق الذي يشاطره موقفه داخل النداء، هاهو يبطل واحدا من أخطر القرارات التي اتخذها البكوش خلال هذه الفترة التي تقلد فيها رئاسة الدبلوماسية التونسية. ويرى محللون للشأن التونسي أن تبرير قائدالسبسي لإبطاله قرار وزير خارجيته، بالتزامه بمقررات الجامعة العربية، يحيل ربما الى أنه لا يريد ان يخالف موقف اقوى الدول العربية نفوذا داخل الجامعة، وهي المملكة العربية السعودية التي ترفض رفضا قطعيا اعادة تأهيل نظام الرئيس السوري بشار الاسد وتعتبره في حكم المنتهي على ارض الواقع. وأكد البكوش أن الوزارة قامت بإبلاغ الجانب السوري بأنه يمكنه إرسال سفير إلى تونس. وكان من شأن هذه الخطوة أن تعني عودة العلاقات بين البلدين بعد انقطاع دام ثلاث سنوات. لكن موقف الرئيس التونسي يمكن ان يجعل الجانب السوري بدوره يرفض عودة قنصل تونسي وهو ما يعني تواصل معاناة آلاف التونسيين العالقين هناك إضافة إلى تنامي خطر آلاف الجهاديين التونسيين الناشطين بقوة في الجماعات الإرهابية في سوريا. وكان حزب نداء تونس قد وضع هذه الأولويات كعناوين بارزة لسياسته الخارجية في حال وصوله الى السلطة، وذلك بعد ان وجه انتقادات لاذعة لقرارات حكومة الترويكا في ما يتعلق بطرد السفير السوري من تونس والموقف مما يحدث في سوريا بصفة عامة. وتونس هي أول بلد طرد السفير السوري في مطلع 2012 بقرار من الرئيس السابق منصف المرزوقي وقيل وقتها إن القرار اتخذ بناء على رغبة قطر وعدد من دول "أصدقاء سوريا" التي كان يعتقد قادتها ان الرئيس السوري بشار الاسد لن يصمد طويلا فتسابقوا إلى طرد سفرائه من دولهم ظنا انه ساقط لامحالة.