ترددت انباء عن تجارب طبية غير مشروعة ارتكبها اطباء وعلماء نفس اميركيون يعملون لصالح وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية على سجناء لمراقبة "التحقيقات الموسعة" للمشتبه بانتمائهم الى المجموعات الارهابية. ونقلت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية عن هيئة "اطباء من اجل حقوق الانسان" اتهامها لهؤلاء الاطباء بتجاوز ما اعلن عن دورهم في المراقبة والمتابعة الصحية للسجناء. وكانت الهيئة قد قامت بالتحقيق في الدور الذي قام به الاطباء في حوادث التعذيب التي جرت في غوانتانامو (كوبا) وابوغريب (العراق) وباغرام (أفغانستان) ومواقع اعتقال اميركية اخرى. وقالت تلك الهيئة ان مهنيين صحيين شاركوا في كل مرحلة من مراحل تطوير وتنفيذ تبرير قانوني لما وصفوه ب"برنامج التعذيب" السري للوكالة المركزية الاميركية. وقد اعلنت الجمعية الطبية الاميركية، وهي اكبر هيئة تضم الاطباء في الولاياتالمتحدة، انها تجري حوارا مفتوحا مع ادارة اوباما ووكالات حكومية اخرى حول الدور الذي لعبه الاطباء. وقالت "ان اشتراك الاطباء في اعمال التعذيب والتحقيق هو انتهاك صارخ للقيم الاخلاقية". واكثر الاتهامات حدة في التقرير الاخير لهيئة "أطباء من اجل حقوق الانسان" الذي صدر تحت عنوان "التعاون مع التعذيب" ينصب على ان الاطباء شاهدوا بالفعل اساليب التحقيق التي تتبعها الوكالة المركزية الاميركية بهدف تقرير مدى فاعليتها، مستخدمين المعتقلين كتجارب بشرية من دون الحصول على موافقتهم. ويخلص التقرير الى ان جمع مثل هذه المعلومات يرقى الى مرتبة "الممارسة التي تصل الى حد التجارب غير المشروعة". وقد حُظرت التجارب البشرية الا بموافقة الشخص المعني على اختلاف اشكالها منذ العام 1947 عندما حدد "مبدأ نورمبيرغ" عشرة أسس مقدسة نبعت من محاكمة الاطباء النازيين. وينص المبدأ على ضرورة الحصول على الموافقة الطوعية للمعنيين، وانه يجب تحاشي كل اشكال المعاناة والالم الجسدي والمعنوي غير الضروري. كما ان معاهدات جنيف تحظر اجراء تجارب طبية على السجناء واسرى الحرب، وتصفها بانها "انتهاكات خطيرة". ووفق ارشادات وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية فان هناك حاجة لوجود أطباء وعلماء نفس خلال تطبيق العمليات التي يشار اليها باساليب التحقيق الموسع على المحتجزين. وتحدث تقرير للجنة الدولية للصليب الاحمر تسرب في ابريل عن حضور اطباء يعملون لصالح الوكالة المركزية عمليات حبس النفَس بصب الماء على الوجه بكثرة، بل انهم استخدموا ما يبدو انه جهاز قياس النبض الهيدروجيني "اوكسي ميتر" الذي يُربط باصبع السجين لمتابعة التشبع الهيدروجيني في جسده خلال تلك العملية. وقد ندد الصليب الاحمر بهذه الاعمال واصفا اياها بانها "انتهاك جسيم للاخلاقيات الطبية". واقامت هيئة "أطباء من اجل حقوق الانسان" تقريرها على اساس التجارب الممكن اجراؤها التي شرحها تقرير المفتش العام للوكالة المركزية لسنة 2004 ، نشر اخيرا قبل اسبوعين بسبب ضغوط مارستها المحاكم القضائية، بشأن اساليب الوكالة للتحقيق. ويورد ملحق للتقرير تحت عنوان "سري للغاية" ارشادات لموظفي مكتب الوكالة للخدمات الطبية الذي "يوفر المساندة في مجال اعتقال الارهابيين الذين يحالون الى الوكالة المركزية من اجل التحقيق معهم". وقد اوكلت الى الاطباء مهمة "تقييم ومتابعة الشؤون الصحية لجميع المعتقلين لدى الوكالة" الذين يخضعون لاساليب التحقيق الموسعة. وتشمل هذه الاساليب صفع الوجه، والحرمان من النوم، وضرب الرأس بالجدران، والحبس في صناديق، وحبس النفَس بصب الماء على الوجه بكثرة او محاكاة الغرق. وتطلب الارشادات من الاطباء اجراء فحص طبي للمعتقلين بصورة دورية. وعليهم التأكد من ان السجناء يحصلون على ما يكفي من الطعام، وان لم يكن من "الضروري ان يكون الغذاء مما يصلح للاكل"، وبمراقبة درجة حرارة اجسامهم عندما يتعرضون لمواقف "اجواء باردة غير مريحة لفترات تتراوح بين ساعات وايام". واكثر الارشادات مثارا للجدل تلك التي تتناول عمليات حبس النفَس التي يُصب الماء فيها على قطعة قماش توضع على الوجه. وتشدد الارشادات على ان ذلك الاسلوب ينطوي على مخاطر جسدية، وبشكل خاص "في اليوم الثالث الى الخامس من برنامج متشدد". وتطالب هيئة "اطباء من اجل حقوق الانسان" باجراء تحقيق رسمي في الدور الذي قام به الاطباء في برنامج وكالة الاستخبارات المركزية الذي يلقى الاستهجان حاليا على نطاق واسع. كما انها تطالب بمعرفة عدد الاطباء المشاركين، وما قاموا به، والسجلات التي احتفظوا بها، والتطبيقات العلمية التي استخدموها.