"زين العابدين بن علي هو ضابط بالجيش الوطني وكان سنة 1974 على رأس ادارة الأمن العسكري الا أنه عندما قدم العقيد القدافي اقتراح الى الرئيس الحبيب بورقيبة في مدينة جربة بعد امضائه على اتفاقية الوحدة بين كل من تونس والجماهيرية الليبية يتعلق بتشكيل حكومة الوحدة وبعض الوظائف العليا اتضح وجود اسم زين العابدين بن علي مقترح على رأس ادارة الأمن العسكري مما أدخل تساؤل لدى كل من الوزير الأول آنذاك الهادي نويرة ووزيري الدفاع والداخلية عن الأسباب التي جعلت العقيد معمر القدافي يقترح هذا الاسم وما هي نوع العلاقة بين بن علي والنظام الليبي خاصة أن تلك الفترة اتسمت بعدم الثقة والاحتياط تجاه النظام الليبي. ولهذا الغرض وقع ابعاد بن علي من هاته المهمة وتعيينه كملحق عسكري بالمملكة المغربية. ورغم الأبحاث التي أجريت لمعرفة حقيقة العلاقة لم تتوصل الى نتيجة. الا أنه في أواخر سنة 1977 وعلى اثر الأزمة التي اندلعت بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل (UGTT ) وفي نطاق سياسة التصعيد مع الاتحاد وقع تعيين العقيد زين العابدين بن علي مديرا عاما للأمن الوطني وذلك في الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر 1977 , وقد عاشت تونس يوم الخميس 26 جانفي 1978 ما سمي بالخميس الأسود وهي مصادمات بين قوات الأمن و المتظاهرين كانت حصيلتها العشرات من القتلى والمآت من الجرحى . وكانت قوات الأمن المتصدية للمتظاهرين تحت قيادة بن علي. وفي جانفي 1980 كانت عملية قفصة التي أعدها النظام الليبي باستعمال عناصر تونسية معارضة تدربت وتجهزت من طرف ليبيا بالأسلحة اللازمة وذلك لبث الفوضى والذعر بقفصة على أساس القيام بانقلاب ضد نظام بورقيبة وعند نجاح المجموعة المسلحة الهاجمة يساندها النظام الليبي . وقد أسفرت عن عديد من القتلى واتضح أن مصالح الأمن لم تقم بواجبها باستغلال ما لديها من معلومات لاكتشاف هذه المؤامرة رغم المعلومات التي وصلتها والتي أفادت بها جهاتنا الرسمية بكل من طرابلس ودمشق والتي تعلم للاعداد لمثل هاته العملية. وتبين أن بن علي خلال سنتين من ترأس الادارة العامة للأمن الوطني بدأها باستعمال القوة الفادحة أدت الى عشرات القتلى وختمها بعشرات القتلى كذلك في عملية قفصة لتقصيره في آداء مهمته ولذلك وقع وضع حد لمهامه ووقع تعيينه سفيرا ببولونيا. كما يجب اضافة أنه خلال تلك السنتين وقع اكتشاف مجموعة من الأسلحة من نوع كلاشنكوف بصحراء الجنوب قرب الحدود الليبية كانت معدة لأن تتسلمها عناصر من المعارضة التونسية ورغم التأكد من أن مصدرها النظام الليبي الا أن الأبحاث التي أجريت تحت قيادة بن علي لم تبين ذلك. وكل هاته الحالات جعلت الشكوك تحوم حول مدى العلاقة المشبوهة بين بن علي والنظام الليبي. ورغم ذلك وقع تعيينه من جديد على رأس الادارة العامة للأمن الوطني سنة 1984 اثر حوادث الخبز وذلك بايعاز من رجل الأعمال المعروف كمال لطيف الذي له علاقة متينة بالوزير المازري شقير الرجل الثاني في الحكومة بعد الوزير الأول محمد مزالي مما جعله قادرا على هذا التعيين. وهكذا تمكن بن علي من فرض سلطته على وزارة الداخلية ثم رئاسة الحكومة متركزا على الأمور الأمنية وخاصة ملاحقة “الاسلاميين” الذي صورهم للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة على أساس أنهم يمثلون خطرا محدقا على البلاد وأنه يتحكم في كل الأمور لمجابهة خطر الاسلاميين أنصار تنظيم الاتجاه الاسلامي الذين تولوا القيام بعمليات ارهابية منها تفجير نزل بكل من مدينتي سوسة والمنستير في صائفة 1987 مما جعل بن علي يتصرف في الأمن بكل حرية ولا يتجرؤ أحدا على معارضته حتى نجح في عزل الرئيس بورقيبة عن أقربائه وزوجته مما سهل له عملية الوصول الى رئاسة الجمهورية في 7 نوفمبر 1987."