فجأة بين عشيةٍ وضحاها، صعدت الجماعة الحوثية الشيعية، بسرعة البرق، نحو سدة الحكم، وهوت اليمن إلى قاع الانهيار.. مجتمع عربي وخليجي لم يحرك ساكنًا، وأيادٍ إيرانية لم تَعُد تلعب في الخفاء. وبعد سيطرة الحوثيين على اليمن، وكشفهم عن نواياهم عبر إعلانهم الدستوري، رأت دول الخليج أنها فقدت أحد أهم أعماقها الاستراتيجية في المنطقة، ودعت إلى جبهة خليجية موحدة لمواجهة الأوضاع. المراقبون أكدوا أن الحوثيين فرضوا وجودهم بالقوة، وأن الخليج لم يعد بإمكانه حلحلة الوضع، مستبعدين تدخلا عسكريًا خليجيًا أو عربيًا. حرب عن بُعد بدوره قال محمد محسن أبو النور، المحلل السياسي والباحث المتخصص في العلاقات الدولية: إن الأزمة اليمنية وصلت إلى منحنى حرج، ومجلس التعاون الخليجي، تأخر كثيرًا في التصرف بحزم إزاء تطورات الوضع اليمني. وأضاف المحلل السياسي ، أنّ المرحلة المقبلة لن تشهد تدخلًا عسكريًا خليجيًا أو عربيًا خاصة إن لم يوسع الحوثيين من نشاطهم في اليمن، مؤكدًا أن الوقت قد فات وأصبح الانقلاب الحوثي في اليمن قائمًا ولا يمكن تغييره حاليًا. وأشار أبو النور إلى أن التدخل الخليجي العسكري قد تحول اليمن إلى سوريا جديدة، خاصة وأنّ جماعة الحوثي مدعومون بالمال والسلاح من قوى إقليمية ودولية مهمة، بالإضافة إلى ضعف الجيش اليمني وقلة حيلة الأحزاب السياسية. وعن التحرك الخليجي المتوقع تجاه اليمن، قال أبو النور: إن تدخل دول الخليج سيكون عبارة عن حرب عن بُعد إعلامية ودبلوماسية وسياسية، ومن المؤكد أن السعوديين تحدثوا مع الولاياتالمتحدةالأمريكية حول هذا الخصوص، متوقعًا عقد مجلس الأمن لجلسة طارئة لمحاولة حل الأزمة بالطرق غير المسلحة، لأنّ هناك قوى كبرى لو تدخلت ما سيصعب من المهمة الأممية. الأمر الواقع من جانبه قال الدكتور مختار غباشي (نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية): إن تحدث دول مجلس التعاون عن موقف موحد لحل الأزمة اليمنية، لن يجدِ نفعًا، فقد سبق السيف العذل، مشيرا إلى أن الوضع هناك لم يعد مجرد صراع على سلطة بين الحكومة وأطراف سياسية، بل وصل إلى انقلاب مكتمل الأركان. وأضاف الخبير السياسي ل، أن الحوثيين هم الطرف الأقوى والأكبر على الساحة اليمنية، وفرضوا سياسة الأمر الواقع على جميع الأطراف الفاعلة سواء داخليًا أو خارجيًا، مشيرًا إلى أن إيران نجحت في الوصول بالجماعة الحوثية الشيعية إلى سدة الحكم. وعن الحديث عن تدخل خليجي عسكري، قال غباشي: إن الأمر لم يعد مطروحا حاليا، فدول الخليج فقدت كل آلياتها بالداخل، فالحكومة اليمنية الموالية للخليج لم تعد موجودة، وكذلك آل الأحمر في الجيش، ومن هنا لن تجد دول الخليج سبيلا لحسم الأمر لصالحها. وبسؤاله عن التدخل المتوقع من دول الخليج، أجاب أن التدخل قد يكون عبر تفهمات مع الجماعة الشيعية، خصوصا وأن الحوثيين يبحثون عن التمكين لا الحكم. موقف خليجي موحد وكشفت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية عن مصادر سعودية مطلعة، لم تسمها، نشرته اليوم الأحد، أنّ عن ترقب تحرك خليجي رفيع المستوى بين الدول الستّ في خطوة لبناء موقف خليجي موحد تجاه الحالة اليمنية الجديدة. وأوضحت المصادر أن هناك "تحركاً خليجياً يجريه مسؤول سعودي رفيع المستوى، بين دول الخليج الست، في خطوة لبناء موقف خليجي موحد تجاه الحالة اليمنية الجديدة، والتلويح بعقوبات خليجية"، وقالت المصادر: إن "التحرك سيحدد رؤية دول الخليج تجاه اليمن". وأدانت دول الخليج "الانقلاب الذي أقدم عليه الحوثيون واعتبرته نسفاً كاملاً للعملية السياسية السلمية"، ووصفته بأنه يمثل "استخفافاً بكل الجهود الوطنية التي سعت للحفاظ على أمن اليمن، ودعت دول الخليج مجلس الأمن الدولي إلى سرعة التحرك لتفعيل قراراته، لوضع حد لهذا الانقلاب". تحرك حوثي وفرض مسلحو الحوثي، اليوم الأحد، أحد قياداتهم مديراً لمكتب رئاسة الجمهورية في العاصمة اليمنية صنعاء بعد اقتحامه، حسب مصدر في المكتب لوكالة الأناضول. وقال المصدر إن "مسلحي الحوثي اقتحموا اليوم مكتب رئاسة الجمهورية وفرضوا محمود الجنيد، القيادي في الجماعة والعضو السابق في مؤتمر الحوار الوطني عنها، كمدير للمكتب خلفاً للدكتور أحمد عوض بن مبارك الذي اختطفه الحوثيون لقرابة عشرة أيام الشهر الماضي قبل أن يفرجوا عنه". وأشار إلى أن الجنيد بدأ بممارسة عمله كمدير لمكتب رئاسة الجمهورية. يأتي هذا بعد يومين من إعلان ما يسمى "اللجنة الثورية"، التابعة لجماعة "أنصار الله" (الحوثي)، في القصر الجمهوري بصنعاء، ما أسمته "إعلانا دستوريا"، يقضي بتشكيل مجلسين رئاسي ووطني، وحكومة انتقالية، وهو ما قوبل بالرفض الداخلي والخارجي. ويعيش اليمن فراغاً دستورياً منذ استقالة هادي وحكومته في ال22 من الشهر الماضي، على خلفية مواجهات عنيفة بين الحرس الرئاسي ومسلحي جماعة الحوثي، أفضت إلى سيطرة الحوثيين على دار الرئاسة اليمنية، ومحاصرة منزل الرئيس اليمني وعدد من وزراء حكومته.