العملة الروسية سجلت تراجعا بنحو 50% مقابل الدولار في العام الماضي في مقال جديد لها سلطت مجلة "بزنس إنسايدر" الأمريكية الضوء على التحديات التي يواجهها القطاع المصرفي الروسي في الوقت الراهن، مشيرة إلى أن زهاء 20% من البنوك هناك تواجه خطر الانهيار الناجم عن الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد في الوقت الراهن جراء العقوبات الغربية المفروضة على موسكو على خلفية الصراع في أوكرانيا والتراجع الحاد في سعر العملة المحلية " الروبل". وذكرت المجلة في تقرير نشرته اليوم- السبت- على موقعها الإلكتروني إن ثمة 200 بنك في روسيا على شفا الانهيار هذا العام، بحسب تقديرات مركز تحليلات الاقتصاد الكلي والتوقعات قصيرة المدى The Center for Macroeconomic Analysis and Short-Term Forecasting، عازية السبب إلى تضافر مجموعة من العوامل من بينها القروض المعدومة وانخفاض قيمة الروبل الذي أثر سلبا على الشركات الصغيرة والمتوسطة. وأوضح التقرير أنه في ظل التوقعات بانكماش الاقتصاد الروسي بنحو 3.5% هذا العام، بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، في الوقت الذي يشتد فيه تأثير التراجع الحاد في أسعار النفط العالمية والعقوبات الغربية المفروضة على موسكو بسبب دورها في الأزمة الأوكرانية، تواجه الشركات تحديًا كبيرًا من أجل البقاء. وأضاف التقرير أن القطاع المصرفي الروسي يواجه أيضا مشكلات صعبة، مشيرًا إلى أن إجمالي قيمة الديون الخارجية المستحقة عليه تبلغ 192 مليار دولار، منها زهاء 70% بالدولار، بل وتزداد تلك القيمة كلما استمر الروبل في الهبوط في مقابل العملات الكبرى. ولفت "بزنس إنسايدر" إلى أن العملة الروسية سجلت تراجعا بنحو 50% مقابل الدولار في العام الماضي. ونسب التقرير ل جيرمان جريف رئيس " سبير بنك" Sberbank أكبر البنوك الروسية قوله إن المؤسسات المصرفية بحاجة إلى دعم مخصصاتها كي تتمكن من تغطية تكاليف الدين المرتفعة بقيمة 50 مليار دولار حال استمر النفط عند مستوياته الحالية عند 45 دولار للبرميل. واردف جريف أن حتى تلك الفجوة التمويلية، بالنسبة للبنوك الكبرى التي تحظى بدعم الدولة، من غير المرجح أن تكون مشكلة لا يمكن التغلب عليها، لكن بالنسبة للبنوك الأصغر حجما في الأقاليم الروسية، فإنها ضربة قاضية. وكانت الحكومة الروسية قد اضطرت بالفعل إلى ضخ ما إجمالي قيمته 2.4 مليار دولار في المؤسسات المالية الشهر الماضي، من بينها بنوك مملوكة للدولة أمثال " في تي بي" VTB و "جازبرومبنك" Gazprombank. ومن المتوقع أن ترتفع تلك الفاتورة مع تصريحات المحللين بأنه من الممكن أن تكلف مساعدات الإنقاذ تلك الحكومة 40 مليار دولار أخرى هذا العام. ومع ذلك، فإنه على الرغم من أن الدولة تبدو مستعدة لدعم المؤسسات الكبيرة، فإنها من غير المرجح أن تكون الحكومة راغبة في استخدام احتياطاتها التي تتناقص بسرعة في إعطاء دفعة قوية للقطاع ككل. من جهته، قال أليكس بوزادلين نائب مدير مركز إنترفاكس للتحليلات الاقتصادية Interfax Center for Economic Analysis : " وصلنا إلى وضع يتم فيه إجبار تلك الشركات على تقليص موازناتها. إن كفاءة البنوك الصغيرة تشهد تراجعا منذ فترة طويلة- وقد أصبح وجودها مثار شك، وهي الآن تشهد أزمة." وكانت مجلة " بزنس إنسايدر" قد ذكرت في تقرير سابق أن إقدام البنك المركزي الروسي على خفض سعر الفائدة مؤخرا لن يكون كافيا للحيلولة دون تكبد النظام المصرفي في البلاد لخسائر فادحة هذا العام والتي تُقدر بما إجمالي قيمته تريليون روبل ( 14.5 مليار دولار؛ 9.6 مليار جنيه إسترليني). وقال التقرير إن البحث الذي قامت به وكالة موديز للتصنيف الائتماني يوضح أن البنوك الروسية سوف تكافح من أجل احتواء الزيادات في التكاليف في أعقاب الارتفاع المفاجئ في سعر الفائدة والبالغ قيمته 650 نقطة أساسية من جانب البنك المركزي في الشهر الماضي، إلى 17%. وأوضح التقرير أنه على الرغم من أن بنك روسيا قلص أسعار الفائدة إلى 15% مؤخرًا في مسعى لتخفيف الضغوط الواقعة على النظام المصرفي، فإنه من غير المرجح أن تكون تلك التدابير كافية لتبديل الأوضاع على النحو المرجو. واستشهد التقرير بدراسة موديز التي قالت فيها: " نقدر صافي الخسائر المجمعة التي سيتكبدها القطاع المصرفي الروسي بنحو تريليون روبل في العام 2015، قياسا بصافي أرباح يُقدر ب 600 مليار روبل في 2014 وصافي أرباح بلغ تريليون روبل في 2013." وأشار التقرير إلى أن رفع أسعار الفائدة إلى 17% كان يهدف في المقام الأول إلى وقف انهيار العملة المحلية، لكن في ظل التكلفة العالية ل أموال الاقتراض والخدمات المتعلقة بالدين، فإن ذلك يفرض مخاطر أيضا على الإنفاق المحلي.