أكدت دراسة أمريكية أن الغارات الجوية المكثفة التي يشنها التحالف الدولي على تنظيم الدولة الإسلامية لم تؤثر في قدراته العسكرية ولم تحد من زخم توسعه في سوريا. وذكر موقع "دايلي بوست" الأمريكي أن تنظيم الدولة الإسلامية لا يزال يحقق تقدما في العراقوسوريا رغم أكثر من 800 غارة جوية. وقال "تيم ماك"، مراسل الموقع لشؤون الكونجرس: إن تنظيم الدولة حقق إنجازات جديدة في مناطق الريف التي يمكن أن تستخدم كطريق للمدن الكبرى التي يقاتل تنظيم الدولة لضمها إلى "خلافته". وأضاف التقرير أن مقاتليه لم يتكبدوا خسائر فادحة منذ بداية الغارات الجوية عليهم في أغسطس 2014. وبحسب المعلومات التي جمعها باحثون في "معهد دراسات الحرب" بواشنطن، فما حدث هو أن التنظيم عزز ووسع من إنجازاته. وتقول الباحثة في المعهد، جينفر كافاريلا، التي تدرس الوضع العسكري في سوريا: "لم يخسر تنظيم داعش أي مناطق". واعترف مسؤولون عسكريون أمريكيون نقل عنهم الموقع أن تنظيم داعش حقق إنجازات في بعض المناطق، مع أنه لم يكن قادرا على السيطرة على بلدة عين العرب/كوباني التي يتعرض فيها لغارات مستمرة. ويقر مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) قائلا: "نعم حققوا تقدمًا في بعض المناطق ولكننا أوقفنا زخم تقدمهم". وتشير خريطة أعدها "التحالف من أجل سوريا ديمقراطية"، وهي مجموعة سورية – أمريكية معارضة إلى أن تنظيم الدولة قد وسع المناطق التي سيطر عليها منذ بداية الغارات العام الماضي. ونقل عن معاذ مصطفى، المستشار السياسي للتحالف من أجل سوريا ديمقراطية، قوله: "من خلال النظر للخريطة، يظهر أن التنظيم قد ضاعف من سيطرته على مناطق في سوريا. والأهم من هذا هو الزيادة النسبية في عدد السكان الذين يخضعون لحكم داعش". ومع سيطرة التنظيم على مناطق جديدة أصبح السوريون، الذين كانوا يعيشون في مناطق تابعة للمقاتلين أو من دون سلطة تديرها الآن، تحت حكم داعش. وهذا أمر مهم في وضع الحرب لأن السيطرة على السكان تظل أهم من حيازة الأراضي. ويشير الكاتب إلى الأثر الذي أحدثته الغارات الجوية على الوضع الديمغرافي في البلاد، فبعد شهرين من بدء الغارات الأمريكية أصبح حوالي مليون سوري ممن كانوا يعيشون في مناطق المعارضة المعتدلة تحت سيطرة جبهة النصرة التنظيم الموالي للقاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية. ويقول الكاتب إن توسع تنظيم الدولة الإسلامية ضم مناطق في صحراء حمص وتمتد من عاصمته في الرقة وحتى الحدود مع العراق. وهي مناطق ريفية لم يكن تنظيم الدولة بحاجة لخوض معارك شرسة للسيطرة عليها. وكما تقول كافاريلا، فقد سيطر داعش على المناطق التي لم يكن أحد ينافسه عليها، وفي الوقت نفسه قام بضرب نظام بشار الأسد في معاقله القوية. وكون المناطق خالية من السكان أو ريفية/صحراوية لا يعني أنها ليست مهمة لتنظيم الدولة الإسلامية. على العكس تسمح هذه المناطق الشاسع له للانطلاق منها وتهديد مناطق أكثر أهمية منها، طبقًا لما أوردته مجلة العصر. ولاحظت الباحثة حضورًا للتنظيم في حمص والقلمون وجنوب دمشق، وهو حضور متزايد بسبب حرية الحركة التي تربط شبكاته في الغرب بمناطق سيطرته ومعاقله في الرقة ودير الزور شرق سوريا. ويرى معاذ مصطفى أن مكاسب تنظيم الدولة الإسلامية جاءت بسبب غياب تنسيق الغارات الجوية مع القوى المعتدلة على الأرض في داخل سوريا، فلا يستطيع الجيش السوري الحر والفصائل المتحالفة معه استعادة أراضٍ من تنظيم الدولة الإسلامية. وتعبر المعارضة المعتدلة عن حالة من الإحباط نظرًا لتركيز التحالف الدولي في غاراته على المناطق الواقعة في قلب الدولة الإسلامية بدلا من التركيز على الجبهات التي يمكن من خلالها وقف تقدمه. ويشبه مصطفى غارات التحالف في سوريا بتلك الغارات التي تلاحق قادة القاعدة في اليمن والباكستان، فهي وإن قتلت قيادات وسط في تنظيم الدولة الإسلامية إلا أنها لم تؤثر على الخطوط الأمامية له. وبلغ عدد الغارات التي قام بها التحالف الدولي حتى يوم الأحد على سوريا، منذ سبتمبر 2014، 790 غارة وأنفقت واشنطن 1.2 مليار دولار على حملتها في العراقوسوريا. ويرى "ماك" أن العسكريين الأمريكيين عادة ما يخلطون بين نجاحاتهم في العراق بما يجري في سوريا، فعندما تطرح عليهم أسئلة حول تقدم تنظيم الدولة في سوريا، يشيرون إلى وقف زخمه في العراق. وعندما يشار إلى تقدمه في سوريا يسارعون للقول إن التنظيم فشل في السيطرة على بلدة عين العرب/كوباني. وعندما سئل الأدميرال، ألن كيربي، المتحدث باسم البنتاغون في مؤتمر صحافي عقد في السادس من يناير الحالي عن نقاط قوة تنظيم الدولة الإسلامية، كان جوابه بالإشارة إلى المدن والبلدات التي أجبر فيها على التقدم. وعندما أصر السائل للحصول على جواب حول ما يجري في سوريا، تلعثم كيربي وقال إنه لا يملك جوابا محددا. وفي السياق نفسه أكد كيربي أن تنظيم الدولة خسر 700 كيلومتر مربع، أي بحجم مدينة نيويورك، ومرة أخرى لم يقل أين، في سوريا أم في العراق وماذا تمثل هذه الخسارة من المساحة التي يسيطر عليها. ولم يكن التحالف قادرا على الاستفادة من المصاعب التي تواجه تنظيم الدولة الإسلامية من ناحية تراجع أسعار النفط العالمي، وتراجع مستويات الخدمات والمعيشة في المناطق التي يسيطر عليها، وفشل التنظيم في حملته للوصول إلى العاصمة العراقيةبغداد. وحتى الآن، لا تزال الولاياتالمتحدة تركز في حملتها على "العراق أولا"، ولهذا السبب لم يكن لدى المتحدثين باسم البنتاغون ما يقنع حول التطورات في سوريا. وحتى في العراق، فلا تزال الإدارة مستمرة في محاولاتها لحشد الدعم ضد تنظيم الدولة الإسلامية، فبالإضافة لتدريب القوات العراقية وإرسال مستشارين عسكريين إلى العراق، تقوم إيران بتوفير الدعم للميليشيات العراقية التي تقاتل بمفردها أو إلى جانب الجيش العراقي. ولا يزال السنة مترددين في التعاون بالنظر إلى تجربتهم في "الصحوات". واشتكت قبائل سنية تواجه تنظيم الدولة من نقص الغذاء والسلاح، وهو ما يعاني منه معسكر للشرطة العراقية السابقة في محافظة نينوى "معسكر تحرير نينوى" الذي أقيم في بلدة دبردان. المصدر: وطن