01 يعرف اوباما ان بلده مكروه في العالم العربي والإسلامي وبالتالي وضع هدفا لخطابه أن يعيد صياغة الرأي العام العربي والإسلامي بحيث يصبح في غالبيته مناصرا لأمريكا بدلا من أن يكون معاديا لها, وبالتالي فقد خطط خطابه لتحقيق هذا الهدف ، فبدا مذكرا بجذوره الإسلامية والاستشهاد بأجزاء من بعض الآيات القرآنية كتحريم قتل النفس إلا بالحق ، والتعارف بين القبائل والشعوب ، والإسراء وإمامة الرسول للأنبياء جميعا ، وتحدث عن فضل الحضارة الإسلامية ، بدأ أوباما بهذه البداية لكي يثبت أرضية مشتركة تجمعه مع الجماهير العربية والإسلامية. (2) ردد أوباما كلمة التسامح كثيرا ، وإننا إذا أردنا أن ننطلق إلي المستقبل علينا أن لا نعيش في الماضي ، علينا أن نتخلص من ألام الماضي بالتسامح ، لكن في نفس الوقت تحدث كثيرا عن أمرين: الأول هو يوم 11 سبتمبر 0 الثاني هو المحرقة النازية لليهود، في حديثه لم ينسي أوباما11 سبتمبر، بل أكثر من ذلك أوضح أن هذا الحدث سيظل يوجه السياسة الأمريكية في العالم العربي والإسلامي حتى يتم استئصال المتطرفين، فانه- أوباما – ملتزم بالحفاظ علي حياة مواطنيه ، وفي حديثه وصف من ينكر المحرقة بأنه إما جاهل أو متعصب ، هكذا يطلب منا أوباما أن نتسامح وننسي مجازر أمريكا في فلسطين ولبنان والعراق والسودان والصومال و أفغانستان في حين أنه لن ينسى أبداً 11 سبتمبر و المحرقة النازية التي لا دخل للعرب و المسلمين بشأنها. (3)في حديثه عن أفغانستان ذكرنا اوباما بأن دخول القوات الأمريكيةأفغانستان كان بسبب 11 سبتمبر وقتل أكثر من 000 3 إنسان ولم يبين لنا ما علاقة أفغانستان بهذا الحدث ، وأكد أن أمريكا لن تترك أفغانستان حتى تنتهي من أخر المتطرفين هناك ،وأن أمريكا تقود تحالف دولي من 46 دولة لتحقيق هذا الهدف ، لم يتحدث أوباما عن كيف جعلت القوات الجوية الأمريكيةأفغانستان كلها " فرش حصير " لإبادة وتدمير الحياة في أفغانستان؟ ،ولم يتحدث عما يحدث ألان في إقليم سوات الباكستاني من عمليات قتل بالجملة وابادة وتشريد للباكستانيين بتخطيط ودعم أمريكي مباشر ، وهنا أوجه ثلاثة أسئلة للسيد أوباما: (1)لماذا لم تحترم أمريكا الاتفاق الموقع بين إقليم سوات والحكومة المركزية الباكستانية وأجبرت الحكومة المركزية علي نقض الاتفاق وشن الحرب علي سوات ؟. (2) هل باكستان كان لها علاقة بأحداث 11 سبتمبر ومن ثم يجب شن الحرب عليها . (3) أم القضية هي ملاحقة المعارضين الإسلاميين لسياسات أمريكا ؟ ، القضية في كل الأحوال هي : أين التسامح الذي يدعوا له أوباما ؟ إنها العنصرية .. يطالبنا بالتسامح عما فعلوه بنا ويستمرون هم في قتلنا وابادتنا . (4) في حديثه عن العراق قال أوباما أن أمريكا هي التي اختارت الدخول في العراق ،ولو كان حديث أوباما يتسم بالوضوح والصراحة كما أراد أن يوحي لنا بذلك ، لقال لنا أن أمريكا دخلت العراق بدون أسباب تدعوا لهذا التدخل ، وكان هذا يتطلب من الرجل المتسامح أن يعتذر للعراقيين وللأمة العربية والأمة الإسلامية اعتذارا واضحا وعظيما عن تدمير بلد عربي إسلامي وسرقته ونهبه وتسليمه للخونة عملاء أمريكا وهتك أعراض النساء والرجال ، أم أننا أمة لا تستحق الاعتذار، السيد/ اوباما يطلب منا أن نتمتع بالتسامح وننسي ما فعلته أمريكا بنا وهو في نفس الوقت يحسب ويخطط مصالح بلده علي ضوء ما حدث في 11 سبتمبر، أن كل ما يعرفه أوباما هو أنه علي الرغم من هدم الدولة العراقية والتدمير والقتل الجماعي وهتك أعراض الأمة وسب الإسلام والمسلمين فان الشعب العراقي يعيش حياة أفضل من الحياة التي عاشها في عهد صدام حسين ! يا سلام ،ما هذا الاستعلاء والاستكبار ؟ ما هذه العنصرية؟ ما هذا الجهل بالسيكلوجية العربية الإسلامية؟ إن العراق تحت الاحتلال كلها أبو غريب ، كلها فساد وطائفية يتحكم فيها العملاء والخونة واللصوص والقتلة ، لذلك فالعراق كلها مقاومة والمقاومة العراقية هي التي هزمت أمريكا وعطلت مشروعها وحولتها إلي دولة من الدرجة الثانية . (5) في حديثه عن فلسطين ذكرنا أوباما بالموقف الأمريكي التقليدي وهو أن العلاقة الأمريكية الإسرائيلية فوق كل العلاقات ، فهي علاقة عقيدية وثقافية وحضارية غير قابلة للانكسار ، إن علاقة إسرائيل بأمريكا اكبر من مجرد كونها حليف استراتيجي ، وأن إسرائيل وجدت لتبقى وان الدولة اليهودية حق تاريخي لليهود ، وعندما تحدث عن الجانب الفلسطيني لم يذكر السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس وإنما تحدث عن حماس باعتبارها قوة تمتلك دعما شعبيا كبيرا ، كان من الممكن أن يكون هذا الحديث أمرا ايجابيا إلا انه يطالب حماس بأن تكون عباس فتخون شعبها الذي انتخبها علي برنامج التحرير لكل فلسطين وترضى بدويلة مخنوقة ومقطعة الأوصال وملحقة بالدولة الصهيونية ، أيضا يتذكر أوباما المحرقة النازية ولم يتفوه بحرف واحد عن المحرقة النازية الصهيونية للفلسطينيين في غزة واللبنانيين في الضاحية والجنوب اللبناني ، مرة أخرى ما هذا الاستعلاء والعنصرية ؟ ويطالب أوباما الحكومات العربية بتجاوز المبادرة العربية والقيام فورا بالتطبيع الكامل للعلاقات مع إسرائيل ، فهو يقول ان المبادرة العربية ليست نهاية المطاف وعلي الدول العربية أن تبدأ في تحمل مسئولياتها ، وطلب أوباما من حماس وقف ما اسماه بالقتل ، هو يسمي المقاومة للاحتلال قتل ، ويطالبها بالاعتراف بإسرائيل ولم يكلف نفسه أن يشير إلي قول مسئولين إسرائيليين إلي أن الأردن هي الوطن البديل للفلسطينيين .. وقال أن وجود دولة فلسطينية ضرورة لأمن إسرائيل وأمريكا ، إن هذا يعني انه إذا كان الأمن يتحقق بدون هذه الدولة أو علي حسابها فلا مبرر لوجودها ولا عزاء للعرب والمسلمين . (6) في حديثه عن الديمقراطية قال كلاما مكررا ، قال أن أمريكا لم تفرض قيمها وصيغتها الديمقراطية علي احد .. وإنها لا تنوى التدخل لتحقيق الديمقراطية ،ولكنه للأسف تدخل فورا عندما وصف الأقباط في مصر والموارنة في لبنان بالأقليات المحرومة ديمقراطيا .. لو تحدث أوباما عن الحاجة للديمقراطية بشكل عام دون لهجة طائفية لقلنا أن مقصده نبيل ، تكن هذه اللهجة الطائفية عن القضية الديمقراطية جعلت حديثه تدخلا غير محترم في شئوننا الداخلية ويتجاهل أن الموارنة يحكمون لبنان، أو بالأحرى يعلم ويحاول أن يؤثر في الانتخابات اللبنانية لصالح قوى 14 اذار،ان حديثه عن الديمقراطية حديث فتنة طائفية . (7 ) تحدث أوباما عن السلاح النووي ، وقال أن الهدف هو التخلص نهائيا من هذا السلاح ، ولكنه فرق بين الدول النووية والدول الساعية لامتلاك هذا السلاح ، وقال ان تحقيق الهدف يتطلب منع امتلاك دول جديدة له ، لم يقل لنا أوباما لماذا لا تكون البداية تدمير ما هو موجود لدى بعض الدول دون غيرها من هذا السلاح ، هذه البداية الأخيرة هي الأكثر عملية ومنطقية لمنع انتشار السلاح النووي ، لان انتشاره مبنى علي وجود هذا السلاح لدى بعض الدول دون غيرها مما يحدث خللا في التوازن الاستراتيجي الاقليمى والدولي فتسعي الدول التي لا تمتلكه إلي امتلاكه لإصلاح هذا الخلل في التوازن القائم ، لكن أوباما لان عينيه علي إسرائيل و إيران وهو منحاز لأمن إسرائيل الذي هو قدس الأقداس علي حساب الأمن العربي والإسلامي فقد قلب المعادلة وطرح حلا يحافظ علي القوة النووية الإسرائيلية ويمنع إيران أو أي دولة أخرى عربية أو إسلامية من امتلاك هذا السلاح . (8) أما حديثه عن التنمية فهو حديث فيه تملق للرأي العام الشبابي العربي والإسلامي،لأنه في الوقت الذي تعتبر فيه أمريكا أكبر مدين في العالم وتعيش أسوأ أزمة مالية واقتصادية وتفلس اكبر شركاتها وبنوكها وتتسول المساعدة من الدول العربية الخليجية والصين – علي الرغم من هذا – يعد الشباب بتوزيع القروض عليهم لعمل مشروعات خاصة بهم ، لم يقل أوباما لنا من أين سيمول هذه القروض ،هل سيمولها من دول الخليج العربي وتحسب لأمريكا؟ لم يتحدث أوباما عن أزمة الرأسمالية وأسبابها والنظام البديل الذي يحقق العدالة والمساواة اللتان يفتقدهما النظام الرأسمالي وأكتفي بالحديث عن بعض أمراض العولمة والحداثة مثل الإباحية وفقد الهوية! يا له من رجل محافظ متسامح... شكرا والسلام عليكم.