في الوقت الذي تزحف فيه زحفا بطيئا العلاقات الأميركية الإيرانية مع شبه تأكيد معلوماتي إسرائيلي من أن أول بوادر تلك العلاقات ستظهر في شهر نوفمبر القادم عبر زيارة قد يقوم بها دنيس روس إلى طهران ، فإن تراجعات إسرائيلية خطاها رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو فاتحا اجندة سياسته الخارجية على أنه لا انسحاب من الجولان السوري المحتل وعلى رفض الشروط الفلسطينية المسبقة مما يعني توقف جميع الحوارات وحتى الحديث عن دولة مفترضة ، مصرا على توسيع الاستيطان. ولا يخفى الامر على إسرائيل بالنسبة للملف الأميركي الإيراني عندما كشفت احدى الصحف العبرية عما سمته صفقة مذهلة للرئيس الأميركي أوباما تقوم على التسليم بتحول إيران إلى " دولة على عتبة ان تكون نووية " وبمنظومة العلاقات الإيرانية السورية حيث ساد نوع من الذعر بعض بلدان الشرق الأوسط الامر الذي دفع بواشنطن إلى إرسال وزير الدفاع روبرت جيتس قبل أيام للطمأنة في هذا الامر . وبحسب آخر حديث للوزير اللبناني السابق ميشال أده العليم بشؤون البيت الابيض والخبير بالصهيونية وإسرائيل تأكيده بان سياسة أوباما جدية فيمايقوله وما يفعله ، وليست هنالك أوهام كما يشاء البعض او يتصور ، مضيفا ان التهديد الإسرائيلي لإيران حبر على ورق او فورة اعلامية لاغير. اذا صدقت تلك المعلومات فان المنطقة مقبلة على تطورات دراماتيكية ، ويحدث فيها تراجع تكتيكي إسرائيلي في ملفات عالقة مع سوريا والفلسطينيين ، فيما تتقدم الولاياتالمتحدة لاحتواء الموقف المتفجر مع إيران عاملة من خلاله على اغلاق التهديدات العسكرية ، خصوصا امام المحنة الباكستانية وتلك الافغانية ، وتحديدا الاولى التي تحمل بذور شر مستطير ليصبح الملف الباكستاني - الافغاني في مقدمة الاهتمام الأميركي وفي صلب المعالجات المنتظرة والسريعة والتي تحتاج لحسم قبل اتساع دائرتها التي قد تهدد العالم مستقبلا بالنظر إلى خطورة تمدد طالبان والقاعدة الى ماهو أبعد بكثير من كل الاحتياطات المأخوذة لحصرها. اما بالنسبة الى إسرائيل فمن الواضح ان نتنياهو سيبلغ الرئيس المصري حسني مبارك بمواقفه الجديدة التي تعيد الوضع في المنطقة الى نقطة الصفر . كما انه سيبلغ الرئيس الاميركي أوباما بمقترحاته تلك بعد ايام قليلة عند اجتماعه به في واشنطن. ولا شك ان الرئيس الاميركي المتقدم على جبهات ساخنة من أجل تبريدها ، قد لاترضيه الآفاق الإسرائيلية الجديدة التي تعتبر تحديا لعهده ولعهوده التي قطعها قبل وصوله الى سدة الرئاسة الاميركية. ليس من جديد في التراجع الإسرائيلي سوى ان نتنياهو يقلب دفاتره القديمة ويعود الى كتبه التي ألفها كي يستخلص منها مضامين افكاره الوهمية ، علما انه أبرز من يعرف السياسة الاميركية ، بل هو أكثر خبرة من غيره في فهم ابعادها ، الا اذا كانت ثقته بجدية أوباما مفقودة الى حد بعيد.