تثير زيارة "بابا الفاتيكان" بنديكت السادس عشر "للكيان الصهيونى" في مايو/ أيار المقبل نقاشات وتحفظات لدى أوساط إسلامية ومسيحية فى كل من الأردن وفلسطين والضفة الغربية.. وهى المناطق التى ستشملها الزيارة.. وذلك على خلفية تصريحاته ضد الإسلام علاوة على توقيتها بعد العدوان على غزة المستثناة من الزيارة. وأكدت الحركة الإسلامية بقيادة الشيخ رائد صلاح مقاطعة الزيارة بسبب تصريحاته السابقة المسيئة للإسلام والنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، واستثناء قطاع غزة من برنامج الزيارة. وأوضحت الحركة في بيانها أن "علاقاتها مع الأهل النصارى العرب تتسم بالاحترام المتبادل وبالتعاون في حمل هموم المجتمع الفلسطيني"، معتبرة أن ملاحظاتها حول زيارة بنديكت خاصة بشخصه وبموقفه الذي من خلاله أساء للرسول الكريم. وقال البيان "موقفنا ديني وليس موقفا سياسيا ولا علاقة له بالمجاملات أو بالعلاقات العامة، فالإساءة للرسول محمد جريمة بكل ما تحمل الكلمة من معنى". وأشارت الحركة إلى أنه طالما أصر بنديكت على موقفه ولم يعتذر ولم يشطب الإساءة المذكورة من مضبطة الفاتيكان فإنها تعلن صراحة عدم مشاركتها في أي فعالية من فعاليات استقباله وتجواله، وشددت على أن "حائط المبكى" جزء من الأقصى كونه حائط البراق.
بين محرقتين وقالت الحركة إنه "إذا كان بنديكت حريصا على مشاعر اليهود إزاء المحرقة أليس حريا به أن يخصص لمحرقة غزة بل محرقة القرن الواحد والعشرين ساعة من زيارته أم هو الخضوع للإملاءات والتهديدات الإسرائيلية؟". ورأى الناطق بلسان الحركة الإسلامية المحامي زاهي نجيدات أن مقاطعة الزيارة ينم في صلبه عن احتجاج على تصريحات الرجل المسيئة للإسلام. وأكد نجيدات أن الحركة تعد القضية شرعية وغير قابلة لمواقف دبلوماسية. وقال "كان كل شيء قابلا للنقاش عدا هذا الموضوع علاوة على حساسية بنديكت المفرطة للمحرقة اليهودية مقابل عدم الحساسية لمحرقة غزة". وردا على سؤال حول استقبال مفتي فلسطين لبنديكت قال إن هذا السؤال يوجه للذين سيستقبلونه في الحرم القدسي.
تحفظ مسيحي من ناحية أخرى أرسل القاضي المتقاعد خليل عبود رئيس الجمعية المسيحية العالمية في الناصرة رسالة للبابا قال فيها "إن أهل الناصرة يشعرون بأن توقيت الزيارة المرتقبة للأراضي المقدسة ليس مناسبا، ومع ذلك فالجميع هنا يرحب بكم من كل قلبه". وانتقد القاضي عبود توقيت الزيارة معتبرا أنه كان يجب تأجيلها لمدة عام على الأقل بعد الحرب على غزة. وقال "أنا متأكد بأن إخواننا المسلمين لديهم تحفظات من الزيارة ناهيك عن أن الحكومة (الإسرائيلية) التي ستشكل قريبا هي حكومة يمين متطرف". ومن المقرر أن يزور البابا إضافة إلى مخيم عايدة للاجئين بجوار بيت لحم الحرم القدسي الشريف، وسيلتقي مفتي فلسطين الشيخ محمد حسين في مكتبه بعد زيارة قبة الصخرة. وردا على سؤال حول الانتقادات الصادرة عن أوساط مسيحية وإسلامية فلسطينية لزيارة البابا إسرائيل بعد جرائمها في غزة أوضح المستشار الإعلامي لزيارة البابا في البلاد وديع أبو نصار أن الفاتيكان تباحث بالموضوع وقرر تنفيذ الزيارة لأنه لا ضمان بتحسن الوضع مستقبلا في حال إرجائها. وقال "كما أن البابا يرى بزيارته زيارة حج للأرض المقدسة وسيحرص على أن تكون متوازنة".
زيارة حج
أبو نصار الذي آثر عدم التعقيب على مقاطعة الحركة الإسلامية أشار إلى أن زيارة البابا تأتي كحج للديار المقدسة والتواصل مع مسيحييها، وتقديم رسالة حوار مع الأديان. ورأى بها "فاتحة خير" لدفع عملية السلام مشيرا إلى أنه سيحث خلال الزيارة السياسيين لبذل جهود مضاعفة من أجل السلام. من ناحية أخرى طالب أهالي قرية برعم المهجرة في أعالي الجليل البابا بالتدخل لدى السلطات الصهيونية للسماح لهم بالعودة لمنازلهم بعدما طردتهم من ديارهم عام 1949 ولم تحترم قرارا من محكمة العدل العليا بإعادتهم هم وجيرانهم سكان قرية إقرث الذين لقوا ذات المصير. الزيارة للمنطقة تشمل الأردن، الضفة الغربية والكيان الصهيونى.
سياسيون وقيادات دينية ومسيحيون أردنيون ينتقدون تصريحات البابا
وقد أثارت الزيارة ردود فعل كثيرة فى الأردن التى ستشملها الزيارة، سواء بين السياسيين أو الشخصيات والحركات الدينية الإسلامية والنصرانية على حد سواء.. المراقب العام للإخوان المسلمين في الأردن سالم الفلاحات في معرض تعقيبه على تصريحات بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر المسيئة للإسلام إن الأخير يتحدث بعقلية الحروب الصليبية وإنه انساق في حملة الهجوم على الإسلام وتشويه صورته المستمرة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001. وأكد الفلاحات أن تصريحات البابا تؤكد "أنه مسكون بالتوجيه الصهيوني"، لكنه فرق بين هذه التصريحات والموقف من المسيحيين العرب الذين قال إنهم جزء من الحضارة العربية الإسلامية ولا يوافقون على ما تفوه به البابا. وقال "النبي محمد عليه السلام هو نبي المسيحيين العرب بالحضارة". واعتبر الرجل الأول في جماعة الإخوان الأردنية أن البابا انساق في الحملة العالمية التي تقودها إدارة بوش لتشويه الإسلام وصورته، موضحا أن وصف بوش الإسلام بالفاشية لا يقل خطورة عن ما تفوه به البابا على ما يمثله من مرجعية روحية. رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأردني محمد أبو هديب أكد من جهته أن تصريحات البابا مرفوضة ومستهجنة ومستنكرة، أضاف "خطورة التصريحات أنها تصدر عن مرجعية دينية وهو ما يجعلها دعوة صريحة للتطرف". "سالم الفلاحات قال إن البابا بنديكت يتحدث بعقلية الحروب الصليبية وإنه انساق في حملة الهجوم على الإسلام وتشويه صورته المستمرة منذ 11 سبتمبر/أيلول2001" وأشار أبو هديب إلى أنه بعد هجوم رجال السياسة والمال في الغرب على الإسلام "جاء الآن دور رجال الدين"، موضحا أن البابا "تحدث بنفس منطق المحافظين الجدد في الإدارة الأميركية". وبين أن تصريحات البابا تقوي من جبهة المتطرفين الذين يقولون إن الحرب الحالية هي حرب صليبية على الإسلام، ويدفع بحجج العقلاء والمعتدلين إلى مزيد من التهميش.
مسيحيو الأردن النائب في البرلمان عن المقعد المسيحي في محافظة الكرك الأردنية رائد حجازين انتقد بشدة تصريحات البابا قال "أنا كنائب عن المقعد المسيحي وممثل للمسيحيين الأردنيين والشرقيين، أستنكر هذه التصريحات وأي تصريحات تتعرض للأديان لأن الدين المسيحي هو دين محبة"، وأضاف أن "البابا لا يمثل أي مسيحي مشرقي في تصريحاته المسيئة للإسلام، لأنه إذا كان الإسلام دينا للعرب فهو حضارة لنا". وقال حجازين "ككاثوليكي أجزم بأن البابا لا يلتقي دينيا مع إدارة بوش والمحافظين الجدد، لأن العقيدة الكاثوليكية ترى أنهم أعداء كاليهود تماما، لكن المصيبة أن ما تحدث به البابا ومن قبله جورج بوش يصب في ذات القناة". وأجمع مراقب الإخوان ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان والنائب حجازين على ضرورة تقديم البابا اعتذارا صريحا، وإذا لم يتم ذلك طرد سفراء الفاتيكان من الدول العربية والإسلامية، بل إن النائب حجازين ذهب حد مطالبة هذه الدول بمنع البابا من دخول أي منها إذا لم يتقدم بالاعتذار. رائد حجازين: "ككاثوليكي أجزم بأن البابا لا يلتقي دينيا مع إدارة بوش والمحافظين الجدد، لأن العقيدة الكاثوليكية ترى أنهم أعداء كاليهود تماما" ديمتر دلياني وفي غزة استنكر رئيس التجمع الوطني المسيحي ديمتري دلياني بشدة التصريحات التي أدلى بها البابا، وأكد في رسالة وجهها للبابا أن التصريحات أثارت مشاعر المسلمين والمسيحيين حول العالم وفي الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. وذكر دلياني البابا بالحملات الصليبية على بلاد العرب التي قاومها العربي المسيحي إلى جانب أخيه المسلم، لافتا في رسالته إلى أن تلك الحملات أتت بالخراب والدمار على بلاد الشرق الأوسط وكان مصدرها ومحركها من سبق بنديكت السادس عشر على الكرسي البابوي. من جانبه استهجن قاض قضاة فلسطين الشيخ تيسير التميمي تصريحات البابا واعتبرها خروجا على منهج سلفه البابا الراحل يوحنا بولص الثاني وعن منهج الكنيسة الكاثوليكية في الحوار بين الأديان. وطالب التميمي بابا الفاتيكان في بيان له، بسحب تصريحاته المسيئة والتراجع عنها.