يحاول الفلسطينيون العرب داخل إسرائيل الحفاظ على ما تبقى من أماكن مقدسة إسلامية ومسيحية وحمايتها من الاندثار في قراهم المهدمة وفي مدنهم التي أصبحت إسرائيلية بعد 1948. وقال الدكتور حسن جبارين، مدير مركز عدالة الحقوقي في مدينة حيفا، "قدمنا التماسات عينية للمحكمة الإسرائيلية العليا لإنقاذ الأماكن المقدسة التي تبقت من قرانا المهدمة والمهجرة، ومن مدننا الفلسطينية التي تحولت إلى مدن يهودية أو مختلطة بغالبية يهودية، بعدما رفضت المحكمة العليا التماسا للحفاظ على كل الأماكن المقدسة". وأضاف جبارين "قدمنا الشهر الماضي التماسا للمحكمة العليا لإجبار وزير الأديان على سن أنظمة وقوانين للحفاظ على الأماكن المقدسة الإسلامية وإلزام الوزارات المختلفة بسن أنظمة شبيهة بتلك الأنظمة القائمة للحفاظ على الأماكن المقدسة اليهودية". وتابع "لكن المحكمة اعتبرت أن تعريف مواقع معينة على أنها مواقع إسلامية مقدسة هو "أمر حساس" بالرغم من اعترافها في قرارها بالوضع المزري لهذه الأماكن وبضرورة العمل على إصلاحها". وبعد قيام نكبة 1948 قامت الحكومة الإسرائيلية بوضع يدها على ممتلكات الوقف الإسلامي التي كانت تابعة للمجلس الإسلامي الأعلى، بحجة أن رئيس المجلس المفتي الحاج أمين الحسيني غائب. واعتبرت أملاك الوقف أملاك غائبين وصادرتها إدارة أملاك إسرائيل. كما صادرت أملاك الوقف المسيحي الفلسطيني وأبقت الممتلكات المسيحية التابعة للدول الغربية على ما هي عليه. وقال سكرتير مؤسسة الأقصى للوقف والتراث عبد المجيد اغبارية "كان في فلسطين قبل عام 1948 أكثر من 2500 مكان مقدس". وأشار إلى أنه "بقي من هذه المواقع نحو 200 موقع مقدس فقط، وتعتبر ملكا لدائرة أملاك إسرائيل ولهذا السبب يمنع العرب من ترميمها إلا بإذن من المحكمة العليا وترفض السلطات ترميم الكثير منها بحجة أنه إذا طالبنا بحق الترميم كأننا نطالب بحق العودة". ومضى يقول "لقد باعت المؤسسة الإسرائيلية جزءا من هذه الأماكن المقدسة وأجّرت جزءا آخر وحولت بعض المساجد والكنائس إلى حظائر للأبقار والبعض الآخر لكنس، وعددا منها إلى مكبات للنفايات وخمارات". وأوضح اغبارية أن "مسجدي الشعرة الشريفة والست سكينة في صفد –شمال- تحولا إلى كنس لليهود، وسمي مسجد "الست سكينة" ب"كنيس راحيل" ومسجد "ابو هريرة" في واد حنين قضاء الرملة –وسط- إلى كنيس باسم "الراف غمليئيل"". وأوضح "بالنسبة للكنائس فقد هدموا كنيسة قرية سحماتة في الجليل، ولم يبق منها شيئا، وفي قرية البصة -بالقرب من رأس الناقورة- استخدموا كنيسة كمزبلة، وكنيسة أخرى مغلقة ومنعونا من ترميمها، وحولوا المسجد هناك إلى حظيرة". وذكر اغبارية أن "مقبرة المسيحيين في قرية البروة المهدمة -قرية الشاعر محمود درويش في الجليل- أرادوا تحويلها إلى حظائر للأقار، وأوقفناهم بأمر من المحكمة، وسبق لهم أن هدموا كنيسة في حالة جيدة في البلدة قبل عشرين عاما". وتحدث اغبارية عن المقابر وقال "حولوا مقبرة عبد النبي في يافا إلى فندق هيلتون تل ابيب، ومقبرة سلمى في يافا إلى شقق سكنية ومقبرة العفولة إلى موقف سيارات، والآن يحاولون بناء متحف ومبنى للمحاكم في مقبرة مأمن الله في مدينة القدس". وكان نحو 1500 فلسطيني تظاهروا في نوفمبر الماضي في القدس منددين بقرار المحكمة الاسرائيلية العليا بدء أعمال بناء متحف للتسامح على أرض هذه المقبرة التاريخية في القدسالغربية. من جهته قال المحامي عادل بدير من مركز عدالة "لقد تقدمنا بالتماس للمحكمة العليا للحفاظ على مسجد بئر السبع -المسجد الكبير- الذي حول إلى مقر للحاكم العسكري بعد "قيام اسرائيل"، وبعدها أغلق وأهمل لوقت طويل وطالبنا بفتحه". وأضاف بدير "وبعد الالتماس أعلنت بلدية بئر السبع عن تحويلها المسجد إلى متحف بحجة أنه يقع في وسط المدينة، وهي مدينة مختلطة يهودية عربية، وإذا تحول المسجد إلى مكان صلاة سيؤجج مشاعر الغضب لدى المواطنين". وأوضح أن البلدية بدأت بالترميم، مضيفا "سنقوم بزيارة بأمر من المحكمة حتى لا تغير البلدية من طبيعته، وتفرض وقائع جديدة على الأرض، خصوصا أنه مسجد اثري كبير شيد عام 1901 في الفترة العثمانية". وتحدث عن المساجد في مدينة طبريا –شمال- وقال" تحول البعض منها إلى مكب للنفايات، وقسم آخر مهمل وآيل للسقوط، وحول البعض إلى بارات وسنقوم بزيارة مع مندوب عن وزارة القضاء للاطلاع على أوضاع هذه الأماكن وبحث سبل إصلاحها". وأوضح بدير أن مؤسسته تحاول أيضا إنقاذ مسجد قرية الغابسية -قضاء عكا- "الذي تحول إلى حظيرة للأبقار، ومسجد مدينة قيصاريا الأثرية الذي تحول الطابق الأول منه إلى مطعم.