في خطوة اعتبرها البعض مذبحة جديدة للثورة، وفي صورة تعكس توغل وسيطرة فلول نظام الرئيس المخلوع في بعض مؤسسات الدولة؛ والتي لم يتم تطهيرها منهم حتى الآن, إذ ما زالت تتلاعب بمقدرات الأمور و البلد وتصدر الأزمات والكوارث اليومية للشعب الذي قهر نظامه في أقل من 18 يوما. وفي صورة صارخة وسيئة لاستغلال السلطات والنفوذ ارتكبت الشركة المصرية للاتصالات أكبر عملية اغتصاب علني لأراضي الدولة في محافظة المخلوع ( المنوفية)، وتحديدا بمدينة سرس الليان عندما استولت دون وجه حق على الأرض المقام عليها السنترال الآيل للسقوط في أي لحظة؛ مما ينذر بكارثة إنسانية خطيرة تهدد أكثر من 300 ألف نسمة، وهم سكان تلك المدينة المنكوبة، و التى قطعت عنهم خدمات الإنترنت منذ أكتوبر 2010، و حتى الآن, رغم أنها مدينة العلماء والمثقفين، إذ خرج منها أكثر من 260 أستاذا جامعيا حتى الآن . ولأن المصرية للاتصالات أكبر وأقوى من أى اتصالات أو نفوذ كالعادة، فكان من الطبيعي أن تمتنع عن دفع رسوم حقوق المنفعة بأرض السنترال للدولة منذ 2005، حتى هذه اللحظة و ذلك بعد أن تحولت من شركة قطاع عام إلى شركة قطاع أعمال. والمثير للدهشة، أن ذلك يحدث في الوقت الذي لا تمتلك فيه الشركة أية مستندات ملكية لتلك الأراضي أو ايصالات دفع ثمنها. وإذا كان عبدة الروتين والفساد في تكية المصرية للاتصالات حاليا قد اغتصبوا أراضي الدولة على مسمع و مرأى من الأجهزة المعنية التي تتستر على تلك الفضيحة، فإنهم لا يبالون ولا يعيرون الأمر اهتماما فلا ثورة تهزهم، ولا قانون رادع لهم مما شجعهم ودفعهم إلى الامتناع عن تنفيذ قرار الإزالة الصادر للسنترال منذ 2006 بمباركة ودعم مجلس المدينة. ويأتي ذلك في الوقت الذي وافق فيه المحافظ السابق، أشرف هلال على تخصيص مساحة 8 قراريط بحيث يشغل السنترال القديم حيز صغير على أحد أطرافه؛ لإقامة سنترال حديث عليها إلا أن رئيس المدينة الحالي العميد عبد الرحمن زينة مازال يماطل حتى الآن في بنائه، بل ويسعى جاهدا لنزع ملكية تلك الأراضي؛ لبناء إسكان شعبي عليها بالمخالفة لقرار تخصيصها، ما ينذر بانفجار ثورة شعبية؛ احتجاجا على حرمان الأهالي من سنترال حديث وخدمات الإنترنت . واستمرارا لجبروت وسطوة ونفوذ كبار وأباطرة الشركة الذين أثبتوا أنهم أقوى من أي ثورة وفوق أي ثورة، بل أقوى من الشعب نفسه دون أن يحاكمهم أي قانون, جاء استعراضهم لمدى قوة عضلاتهم ونفوذهم بقيامهم بتنفيذ إنشاءات خرسانية جديدة وتركيب دعامات حديدية وترميمية خلف مبنى السنترال في أغسطس 2011 بدون أمر مباشر أو تصريح من مجلس المدينة رغم بلاغات الأهالى لسكرتير المدينة وقتها، إلا أنه تجاهل الأمر مدعيا أنه خارج اختصاصاته . أما أم الفضائح والمهازل والكوارث التي ارتكبتها المصرية لذبح الاتصالات حاليا تتمثل في شبهة إهدارها للمال العام، الذي هو بالطبع مال الشعب بتشوينها منذ سنوات طويلة لأجهزة ومعدات ضخمة جديدة بالمخازن، قيمتها أكثر من 15 مليون جنيه؛ لكونها بها عيوب فنية خطيرة ومعطلة. وقامت الشركة الآن بتركيبها داخل السنترال بصفة مؤقتة بغرض التخلص منها بزعم انتهاء عمرها الافتراضي من أجل التعتيم على صفقة شرائها التي تحوم حولها الشبهات، وتثير الكثير من علامات الاستفهام .. فمثلا لماذا لم يتم تشوينها داخل سنترال منوف الرئيسي طالما أنها على أحدث النظم التكنولوجية في مجال الاتصالات خصوصا وأن الأجهزة والمعدات القديمة والمركبة بسنترال سرس تعمل الآن بكفاءة عالية تفوق سنترالات منوف العمومي والحامول وتلوانة . وأمام تجاهل المسئولين لتلك الكارثة تجمهر الأهالي عدة مرات أمام مبنى السنترال الآيل للسقوط وأغلقوه بالجنازير، وحجزوا الموظفين بداخله، ونجحوا في منع الشركة من محاولات تركيب المعدات و الأجهزة المعطلة بالشوارع، والتي كانت مشونة بالمخازن وعددها 8 وحدات, ولولا تدخل دكتور حامد عبد السميع عمارة، أحد أبناء المدينة لفض تجمهرهم بعد وعود رئيس قطاع الشركة بطنطا له ببناء سنترال جديد ومطور؛ لكادت أن تنفجر ثورة شعبية لا يحمد عقباها إلا أن وعوده تبخرت. وفي المقابل ردت الشركة على ثورة الأهالي بمعاقبتهم بقطع خدمات الإنترنت، وأي تركيبات جديدة عنهم منذ خمس سنوات، وحتى الآن. الأمر الذي يهدد بانفجار الأوضاع. وعلى المستوى الشعبي تشكلت لجنة شعبية من أبناء المدينة؛ لحل الأزمة، ضمت كلا من المهندسين حمدي مرعي، وأحمد جابر صقر ودكتور حامد عمارة؛ حيث التقت اللجنة في أول عمل لها بمدير عام تركيبات بحري بالشركة، وذلك عام 2012 ووعدهم ببناء سنترال (بون بوتيك) خلال شهرين إلا أن وعوده تبخرت أيضا على غرار وعود رئيس قطاع طنطا . ولم تتوقف وسائل الشركة للتنكيل بالأهالي عند هذا الحد، بل أصدرت قرارها الظالم والتعسفي، وكأنهم يسكبون البنزين على النار، ويزيدون الطين بِلَّة، بإغلاق السنترال، ومنع التعامل مع عملائه، ووقف توصيل أية خطوط نت جدية لهم منذ أكتوبر 2010، و حتى الآن كإحدى وسائل الضغط القوية والفعالة على مجلس المدينة؛ لإجباره على منح الشركة أرض السنترال المؤجرة، والتى لم تدفع إيجارها حتى الآن . وهذا ما كشف عنه البلاغ رقم 1146 لسنة 2012 إداري قسم شرطة سرس الليان، والذي تقدم به المهندس أحمد محمد العباسي نيابة عن الأهالي، موضحا فيه أوجه فساد تلك الشركة, كما تقدم بعدة مذكرات مماثلة بهذا الشأن إلى المحافظين الثلاثة السابقين، وهم: (سامي عمارة، و محمد علي بشر، وأشرف هلال)، و المحافظ الحالي د. أحمد شيرين فوزي؛ إلا أنهم لم يفعلوا شيئا.