دعت المؤتمرات الثلاثة (المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر العام للأحزاب العربية، والمؤتمر القومي - الإسلامي) القمة العربية التي ستعقد بالعاصمة القطرية الدوحة يومي الإثنين والثلاثاء المقبلين 30 و31 مارس إلى اتخاذ خطوات عملية وإجرائية تجاه مواجهة محاولات تهويد القدس، والتصدي لمحاولات هدم المسجد الأقصى ولسياسة هدم بيوت الفلسطينيين في القدسالمحتلة، والتي يمارسها الكيان الصهيوني بشكلٍ مُمَنْهَجٍ. كما حثَّت المؤتمرات الثلاثة القمة العربية على وقف ما سمَّته "الاعتداء الصارخ على سيادة السودان الشقيق الذي اتخذ من المحكمة الدولية المتصهينة سلاحًا، ومن الرئيس السوداني عنوانًا". جاء ذلك في بيانٍ مشتركٍ أصدرته المؤتمرات الثلاثة والذي استهلته المؤتمرات بقولها: "لقد استقبلت مؤتمراتنا الثلاثة: المؤتمر القومي العربي والمؤتمر العام للأحزاب العربية والمؤتمر القومي - الإسلامي، بالارتياح النسبي ما جرى في الشهرين الماضيين من خطوات عربية - عربية باتجاه المصالحات، مع الحث على الانتقال إلى التضامن، كما استقبلت بالارتياح النسبيِّ أيضًا ما تحقَّق من خطوات المصالحة وتفاهمات أولية فلسطينية - فلسطينية في القاهرة، مع أمل الانتقال إلى وحدة وطنية فلسطينية حقيقية تواجه العدوان والاحتلال، وتتصدَّى للمخططات الصهيو- أمريكية في المنطقة". وقال البيان: "ومع تقديرنا وتفهمنا للبنود المدرجة على جدول أعمالكم المكتظ كالعادة بسائر قضايا الأمة، إلا أننا نرى ثمة قضيتين ينبغي أن تكون لهما الأولوية في المعالجة واتخاذ القرارات والخطوات العملية والإجرائية بشأنهما في هذه القمة؛ فكل ما عداهما على أهميته يظل ثانويًّا إذا لم تبدأ القمة أعمالها بعلاجهما أو إن فشلت -لا سمح الله- في ذلك". وأوضح البيان أن القضية الأولى تتعلَّق بمصير القدس وما تتعرَّض له يوميًّا وبشكلٍ متسارعٍ من عمليات التهويد التي تجعل استنقاذها بمواقف عملية وحاسمة أمانةً في أعناق القادة العرب، مضيفًا البيان: "فكل النداءات والبيانات لا تمنع منزلاً من الهدم، وها هو المسجد الأقصى أوشك على الانهيار، وها هي الأرض يتواصل الاستيلاء عليها والمستوطنات يتسارع بنيانها، وإذا ما هُوِّدت القدس فعن أيِّ حلٍّّ وعن أية دولة تتحدثون؟! أو إلى أي جدوى للمبادرة العربية تتطلَّعون؟!". أما القضية الثانية فقد حدَّده البيان بأنه الاعتداء الصارخ على سيادة السودان الشقيق، مطالبًا القادة العرب "باسم الأمة متمثلة في مؤتمراتها الثلاثة وأحزابها المائة والأربعين وقواها الشعبية وشخصياتها الوطنية التحرك العاجل في تضامن قوي لإلغاء هذا القرار الفاسد؛ حتى لا يكون الرئيس البشير الرقم الثاني من القادة العرب بعد عرفات، إن في غضِّ النظر عن هذه القضية انصياعًا لكل ما يحمله من إذلال للدول العربية جميعًا". ثم حدَّدت المؤتمرات مطالبها بالتالي: أولاً: أن يتوحَّد الموقف العربي الرسمي في دعم الشعب الفلسطيني في قطاع غزة؛ وذلك برفع الحصار، وفتح المعابر، وفي مقدِّمتها معبر رفح، وتقديم المساعدات العربية السخية وغير المشروطة للألم الجراح وإعادة البناء؛ وذلك حمايةً لوحدة الصف الفلسطيني من تدخلات الدول المانحة عبر المساعدات. ثانيًا: اتخاذ المواقف العملية لوقف الاستيطان في الأراضي المحتلة وحماية فلسطينيِّي 48 من التهجير، والسعي إلى الضغط بكل الوسائل المتاحة للإفراج عن 12 ألف أسير ومعتقل في سجون الاحتلال الصهيوني. ثالثًا: أن يقرِّر المؤتمر استحداث صندوقٍ للدعم المالي العربي للشعب الفلسطيني يُغني عن المساعدات الأمريكية والأوروبية؛ وذلك من أجل تحرير إرادة السلطة الفلسطينية من الارتهان للمساعدات التي تبتزها وتتحكَّم في سياساتها، وفي تشكيل الحكومة وبرامجها وشخوصها، فضلاً عن انتزاع التنازلات التي تمس ثوابت القضية الفلسطينية مثل التخلي عن حق العودة. رابعًا: التخلي عن مبادرة السلام العربية التي تم في ظلها احتلال مناطق (أ) والعدوان على لبنان وقطاع غزة وتضاعف الاستيطان الاستعماري، وتضاعفت الحواجز حتى بلغت أكثر من سبعمائة حاجز، وتسارعت خطوات تهويد القدس والحفريات تحت المسجد الأقصى، كما استخدمت لتمرير مؤتمر "أنابوليس" والمفاوضات الثنائية السرية. خامسًا: العودة إلى اتفاقية المقاطعة العربية، وإلى معاهدة الدفاع العربي المشترك، واتخاذ الخطوات السياسية والعملية لدعم المقاومة والممانعة والوحدة الوطنية الفلسطينية. سادسًا: اتخاذ موقفٍ عربيٍّ موحَّدٍ في مواجهة الأزمة العالمية الراهنة، واعتماد طريق اقتصادٍ عربيٍّ مستقلٍّ ومتضامنٍ ومتكاملٍ في ظلِّ سوقٍ عربيةٍ مشتركةٍ وسوقٍ إسلاميةٍ، وتعاونٍ اقتصاديٍّ إسلاميٍّ وعالم ثالثيٍّ للخروج من هيمنة العولمة الكارثية. سابعًا: التخلص من نظريات الاقتصاد الليبراليِّ العولميِّ على المستوى القطريِّ، والعودة إلى اقتصاد منتِجٍ صناعيًّا وزراعيًّا يوازن بين الملكية العامة والاجتماعية والملكية الفردية وملكية الدولة. مع ضرورة اتخاذ العدالة الاجتماعية معيارًا رئيسًا عند وضع البرامج الاقتصادية. ثامنًا: دعم مقاومة العراق المشروعة لطرد الاحتلال، وإسقاط كل الاتفاقيات والإجراءات التي اتخذها لتقسيم العراق وضرب هويته وتحطيم مؤسساته وبناه وشلِّ دوره العربيِّ والإسلاميِّ ومصادره وموارده، كما العمل الدؤوب من أجل الإفراج عن آلاف المعتقلين والأسرى وعودة ملايين العراقيين المهجَّرين في الخارج والداخل إلى بلدهم ومنازلهم. وختمت المؤتمرات الثلاثة بيانها قائلة: "إن مؤتمراتنا الثلاثة تدعو القمة العربية إلى العمل على تحرير الإرادة العربية من الهيمنة الأمريكية، والتخلص من العجز والوهن في مواجهة العدو الصهيوني، ومخططات الشرق أوسطية ليقوم تضامنٌ عربيٌّ قويٌّ في ظل المصالحات العربية - العربية، وقد ثبت أن طريق الصمود العربي والممانعة العربية ومواجهة العدوان هو طريق تجنب الانقسام وردم الهوَّة بين الأنظمة وشعوبها وعكسه يشجِّع الكيان الصهيوني على العدوان ويجرِّئ أمريكا على الاستهتار بحقوقنا ومصالحنا وعدم احترام دولنا".