ساعات قليلة مضت على تطبيق قرار الحكومة برفع أسعار الوقود، بنسب متفاوتة، كانت كافية لإشعال النار في أسعار أغلب السلع، وفي الصدارة المواد الغذائية. وخلال جولة بسوق شعبي في حي "البراجيل" اتفق التجار والمشترين على أنهم "في الهم سواء"، لا سيما في ظل توقيت رفع الأسعار الذي تزامن مع شهر رمضان، حيث كانوا يتوقعون تخفض الأسعار أو ثباتها على الأقل، لكن جرت الرياح بما لا تشتهيه السفن. وفي الوقت الذي شكا فيه المشترون من ارتفاع أسعار الخضراوات والفاكهة بنسب متفاوتة، برر التجار القرار بزيادة تكلفة النقل نتيجة ارتفاع أسعار الوقود. تقول أم مريم، بائعة خضراوات، "بعد ساعات من ارتفاع سعر البنزين والسولار ، كل حاجة سعرها ارتفع، ومنها الخضراوات والفاكهة، ولو استمر الوضع كذلك، الناس هتقتل بعضها، لأنه لا أحد منهم يستطيع تدبير حياته"، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسب تراوحت بين 30 إلى 100%. "أم مريم"، التي بدت غاضبة أكثر من المشترين أنفسهم، توضح أنها في الماضي كانت تعاني من تلف نصف البضاعة نتيجة الكساد، والآن لا تعرف ماذا ستفعل بعد ارتفاع أسعار البنزين، لأنه هذا سينعكس بكل تأكيد على حركة البيع وسيزداد الكساد. واعتبرت أن الوضع الحالي يشبه "الموت بالبطىء للمصريين". يقاطع "أم مريم" الحاج سعيد الجزار، مدافعا عن قراره برفع أسعار اللحوم بالقول "أنا مضطر لرفع أسعار اللحوم بعد رفع أسعار البنزين، بالأمس كنت أبيع كيلو اللحوم ب48 جنية (أقل من 10 دولار) واليوم رفعت السعر ل50 جنيه وغدا سأرفعه ل55 جنيه". لكن الحاج سعيد، بدا مستشعرا أحوال المواطنين بقوله، "رغم أني سأضطر لرفع الأسعار لكن في النهاية لا أعرف من سيشتري مني، فالزبون الذي كان يشترى 2 كيلو أو ثلاثة، أصبح الآن يشتري نصف كيلو، ولا أعرف ماذا سيحدث فيما بعد". السوق الذي جمع بين الجزارين وبائعي الخضار والفاكهة، حمل بين جنباته، أطفالا حضروا مع ذوييهم، في انتظار شراء كل ما يعجبهم من مواد غذائية وفاكهة في ذلك السوق الكبير، لكن محمد سكر، الذي حمل طفله الصغير، قال لوكالة الأناضول إنه "لا يستطيع شراء نفس كميات السلع الغذائية من زيت وسكر وأرز ومعكرونة بقيمة 100 جنية (نحو 15 دولارا)، لأن ارتفاع سعر الوقود أدي إلى ارتفاع جميع المواد الغذائية والسلع. يتابع سكر "البائع يجد نفسه مضطرا لرفع الأسعار، لأن التاجر يقوم برفع سعر أجولة الخضراوات والفاكهة عند بيعها له بسبب ارتفاع أسعار البنزين (تكلفه زيادة في النقل)". يتفق معه ياسر، بائع مواد غذائية في بقالة داخل السوق، بقوله "الأسعار أصبحت مرتفعة ونضطر لرفع السعر، وأنا كبائع أضطر إلى تحمل تكلفة ارتفاع أسعار البنزين، والزبون نفسه يتحمل معي". غير أن أم محمد، وهي ربة منزل، تقول إنها "لا تستطيع تحمل الأمر مع الباعة، خاصة في ظل عدم رفع قيمة معاش التقاعد كما وعدت الحكومة من قبل". الأمر نفسه قالته الحاجة رجاء إبراهيم، التي ألقت باللوم على القيادة الجديد للبلاد، بقولها "لا يوجد عمل، لو كان هناك عمل للكل كنا نستطيع التغلب على الأسعار، توقعنا بعد أن يقود البلاد (تقصد الرئيس الجديد عبدالفتاح السيسي) أن يكون كل شىء جيد، وهو ما لم يحدث". ودشنت الرئاسة المصرية مطلع الشهر الحالي، صندوق "تحيا مصر" تفعيلا لمبادرة أعلنها السيسي بإنشاء صندوق لدعم اقتصاد البلاد على ضوء الظروف الاقتصادية والاجتماعية الحالية. أشرف، الذي يعمل بائع لاسطوانات الغاز قال إن ارتفاع الأسعار لم يقتصر على الخضروات والفاكهة، لكنها امتدت لأسعار الغاز والكهرباء وحتى الأنبوبة (اسطوانة غاز الطهي) التي يقوم ببيعها، معتبرا أن حديث المسؤولين "لا يمت لصلة بالواقع الذي شاهد فيه الطوابير تمتد لعدة كيلومترات أمام محطات البنزين منذ مساء أمس للحصول على الوقود قبل ارتفاع الأسعار". وفعلياً، احتج اليوم صباح السبت المئات من سائقي الأجرة والأتوبيسات في عدد من المحافظات ضد قيام الحكومة برفع أسعار المحروقات. وقال شهود عيان إن عدد من سائقي وملاك سيارات الأجرة أعلنوا الدخول في إضراب مفتوح في عدد من محطات النقل في كل من الغربية والسويس وأسيوط للمطالبة برفع أسعار قيمة الانتقالات تماشيا مع الأسعار الجديدة. وقال رئيس الوزراء إبراهيم محلب (لحكومة الانقلاب)، في مؤتمر صحفي إن "ارتفاع أسعار الوقود يوفر 51 مليار جنيه (7.14 مليار دولار)"، وذلك في أول تعليق رسمي عقب قراره اليوم حدد فيه ارتفاع سعر بيع اللتر من السولار بنسبة 64%، ويحدد سعر بيع اللتر من البنزين (80 أوكتين) بنسبة 78%، ويحدد سعر بيع اللتر من البنزين (92 اوكتين) بنسبة 41%، ويحدد سعر بيع اللتر من البنزين (95 اوكتين) بنسبة 7%. وبهذا القرار ارتفع سعر بنزين 80 من 90 قرشا إلى 1.6 جنيه، فيما ارتفع بنزين 92 من 1.85 جنيه إلى 2.6 قرشا، كما ارتفع سعر السولار من 1.1 جنيه إلى 1.8 جنيه، وفقا لمنشور وزع على محطات الوقود.