قال المحلل العسكري الإسرائيلي" رون بن يشاي" إن ما يفعله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للإخوان المسلمين منذ يونيو 2013 يفعله حاليًا رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه موشيه يعلون لحركة حماس، مؤكدًا على أن العمليات الإسرائيلية بالضفة الغربية هدفها الرئيس هو القضاء على حماس هناك كيلًا تسيطر على الشارع الفلسطيني بعد المصالحة، وليس العثور على المستوطنين الثلاثة الذين اختطفوا الخميس الماضي. وأضاف في مقال بصحيفة " يديعوت أحرونوت": مثلما قام السيسي بشكل ممنهج لمنع "بعث سياسي" للإخوان المسلمين في مصر، تعمل حكومة إسرائيل من خلال الجيش والشاباك ( جهاز الأمن العام) لإحباط إمكانية استلاء حماس ابنة الإخوان المسلمين في مصر على الشارع الفلسطيني بالضفة الغربية". لكن ثمة اختلافا رأى "بن يشاي" بين نتنياهو والسيسي قد لا يتعلق بالهدف ولكن بطريقة العمل نفسها، الأمر الذي عبر عنه بالقول: ” لكن هناك اختلافًا واضحًا: تعمل إسرائيل خلال هذه الأيام بمنهجية، وعمق ضد حماس لكن بدون وحشية و بدون عنف. أسلوب السيسي مختلف، الهدف هو نفس الهدف بالضبط". وفي مقاله الذي حمل عنوان " نتنياهو في أعقاب السيسي" اعتبر المحلل الإسرائيلي المخضرم أن تحذيرات أجهزة الأمن الإسرائيلية قد تصاعدت من عامين على الأقل من تسلل الإسلام السياسي، والإسلام المتشدد إلى حدودها، وداخل الضفة الغربية. المخاوف الإسرائيلية تزايدت- بحسب" بن يشاي"- عندما أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس حكومة حماس إسماعيل هنية عن توقيع اتفاق المصالحة، حيث تحولت تلك المخاوف المتزايدة إلى ذعر تقريبًا عندما اتضح أن التهديد يتحقق. بكلمات أخرى عندما بدأت المصالحة تتبلور في حكومة مشتركة. هذا الذعر تحول إلى هستيريا مع سيطرة داعش، (الدولة الإسلامية في العراق والشام) التي تتخذ من بن لادن ملهما لها على شمال العراق. يمكن القول اليوم أن إسرائيل تنظر إلى الخطر الذي يعكسه الإسلام المتشدد الجهادي بشكل مساوٍ في قيمته لخطر البرنامج النووي العسكري لإيران. إن اختطاف الجنود منح القادة في القدس فرصة لتنفيذ ما فكروا في القيام به من قبل. ربما تجادل حماس أن عملية الاختطاف رفعت أسهمها في وعي الشارع الفلسطيني، لكن هذا إنجاز قصير المدى. فعلى المدى الطويل ربما تفقد حماس بسبب الاختطاف الفرصة لتحقيق هدفها الاستراتيجي- ألا وهو السيطرة السياسية والجسدية على الساحة الفلسطينية وتحديدًا على الضفة الغربية، بما أن غزة في يدها فعليًا. الخطير ما أوضحه " بن يشاي" بالقول: ”يجب أن يكون واضحًا لمواطني إسرائيل وأيضًا للفلسطينيين من سكان الضفة أن: العملية ضد حماس التي توسعت الليلة الماضية إلى نابلس وخميات اللاجئين القريبة منها وأيضًا لمنطقة بيت لحم، لم تأتِ لدفع جهود تحرير المخطوفين، بل لإفشال سيطرة حماس على السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية". و مضى عارضًا لوجهة نظره:” كذلك فإن حواسيب الجمعيات الخيرية التابعة لحماس التي عثر عليها أمس في بيت لحم، لا تتعلق من قريب أو بعيد بالمختطفين، لكنها تحوي معلومات تساعد إسرائيل وبشكل غير مباشر السلطة الفلسطينية التابعة لأبو مازن لسحق" الدعوة"- أي النشاطات المدنية والاجتماعية والاقتصادية لحماس، التي تعد مصدر قوة التنظيم، والرافعة الأساسية لحشد التأييد في الشارع وتجنيد ناشطين للجناح العسكري". مع ذلك والكلام ل" بن يشاي"- فإن تلك العمليات من شأنها أن تساعد أيضا في العثور على المختطفين كونها تضغط على السكان وتضع قادة حماس في ورطة: هل يفضلون مصالح التنظيم السياسية طويلة المدى ويعطون إسرائيل طلبها، أم يستمرون في إخفاء المختطفين وربما يعمدون إلى إجراء مفاوضات على إطلاق سراحهم- في ظل إدراكهم أن كل يوم يمر يبعدهم عن فرصة التحول إلى العنصر المهيمن على الساحة الفلسطينية؟ بسبب الاختطاف، قد يحدث لحماس بالضبط ما جرى مع الإخوان المسلمين في مصر على خلفية الحماسة للرئيس المعزول محمد مرسي ورجاله". لكن المخطط الإسرائيلي هذا لا يمكن تمريره دون توافر شرط واحد وهو:” ألا تفقد إسرائيل الشرعية الدولية لعملياتها في الضفة ضد حماس. لهذه الشرعية عدة مصادر: بالطبع، الاختطاف في حد ذاته والذي يعتبره العالم بأسره عملا إرهابيًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن مصدر الشرعية لعمليات الجيش الإسرائيلي في الضفة هو الرعب والاشمئزاز في الولاياتالمتحدة وأوروبا من العملية الوحشية لداعش في العراق وسوريا، ومؤخرًا في نيجيريا، كينيا والصومال ومناطق أخرى". فالعالم الغربي وأيضًا في شرق أوروبا بدأوا يدركون أن الإسلام الجهادي يشكل خطرًا جسديًا وثقافيًا عليهم ومن ثم فإن لإسرائيل الحرية الكاملة في قمع حماس، فقط دون أن يتعلق الأمر بانتهاك صارخ لحقوق الإنسان، كالعقاب الجماعي مثلا وسفك الدماء. "اعتبار آخر هو أن إسرائيل عضو في ائتلاف دول شرق المتوسط التي تتخوف من الإسلام المتشدد، وتعاني منه وتحرص على تصفيته، على رأسها مصر والأردن. لذلك تطلب مصر الآن من إسرائيل أن تبدي توازنًا في عملياتها بالضفة الغربية، لكنها لم تطلب وقف العمليات ضد حماس. هذا ليس مصادفة. ولم تكن مصادفة أيضا أن تطلق الأردن طلبا مماثلا بلغة لينة للغاية. فليس هناك مثل الأردنيين من يدركون مدى خطورة حماس، أيضا عليهم. لكن من المحظور علينا، نحن الإسرائيليون، أن نصل إلى وضع يبدأ فيه الأردن، وأيضا مصر والسعودية العمل ضدنا. هذا يمكن أن يحدث مثلا إذا ما شنت إسرائيل عملية عسكرية واسعة في غزة". وبحسب المحلل العسكري الإسرائيلي:” في الوضع الحالي، حيث يملي الشارع على الأنظمة العربية وليس العكس، فإن دخول الجيش لغزة أو عملية واسعة تخلف الكثير من القتلى من شأنها أن تخرج المصريين والأردنيين للشوارع، عندئذ سيجد الملك عبد الله وأيضًا السيسي صعوبة في مواصلة تأييد الصمت على العمليات الإسرائيلية".