لا تزال الأزمات تتوالى في مصر على مختلف الأصعدة في عهد مبارك ونظامه. فعلى صعيد التعليم الذي يعد أهم ركائز الأمن القومي، سيطرت الفوضى وعدم النظام على أداء عدد كبير من المدارس والإدارات التعليمية، وقامت الحكومة بإغلاق المدارس الجادة المتميزة تحت زعم انها "إسلامية" كما حدث مع مدرسة الجزيرة بالإسكندرية، وادت تلك الأزمات إلى اندلاع احتجاجات واعتصامات لأولياءالأمور والتلاميذ في عدد من المدارس هي الأولى من نوعها. ومن ناحية أخرى، تجددت الاشتباكات بين منكوبي الدويقة والأمن بعد قرار الحكومة هدم بيوتهم وحشر كل 3 أسر قي شقة 60 متر بمساكن سوزان مبارك في الوقت الذي "يستولى" فيه الكبار على آلاف الأفدنة من أملاك الدولة بالمجان، وتزامنت تلك الأزمات مع أزمة الكهرباء الكبرى التي تشهدها البلاد وأدت إلى تعطيل مصالح العباد في شتى أنحاء المحروسة. مع دخول العام الدراسي الجديد يومه الثالث أمس، لا تزال العديد من المدارس تشهد أزمات متنوعة أدت إلى اعتصامات واحتجاجات واسعة من اولياء الأمور والتلاميذ. أبرز تلك الاحتجاجات، هو الاعتصام الضخم الذي نظمه مئات من أولياء أمور تلاميذ مدرسة "الجزيرة" بالإسكندرية التي أصدر أمن الدولة "فرمانًا" بإغلاقها وتشريد مئات التلاميذ بها، والسبب من وجهة نظرهم أنها مدرسة تابعة للإخوان المسلمين، والواقع وأولياء الأمور يشهدون بأن المدرسة متطورة وملتزمة، ويتردد أن قرار إغلاق المدرسة وراءه السفارة الأمريكية التي ترى فيها نموذجًا للمدارس الإسلامية "المتطرفة". الاعتصام الكبير الذي دخل يومه الثاني أمام ديوان عام محافظة الإسكندرية شهد حصارًا أمنيًا مشددًا وكان مشهد قوات الأمن المتحفزة في مواجهة التلاميذ الصغار جديدًا على مصر بكل المقاييس. وأكد أولياء الأمور أن اعتصامهم مستمر لحين إلغاء قرار الغلق، رافضين تحويل أبنائهم إلي مدارس أخري، وقال حمدي حسن، نائب الإخوان في مجلس الشعب، إن قرار المحافظ بإغلاق المدرسة لا مبرر له، وفجر مفاجأة بتأكيده أنه اتصل بالمحافظ لسؤاله عن السبب فكان رده له "القرار علوي". منع وتهديد ومن ناحية أخرى، قامت قوات الأمن بمحافظة الإسكندرية صباح اليوم بمنع مدرسي وطلاب وأولياء أمور مدرسة "الجزيرة" الخاصة بمنطقة العجمي بالإسكندرية من مغادرة المحافظة والتوجه إلى محافظة القاهرة لمقابلة وزير التربية والتعليم لعرض قضية المدرسة عليه. كانت قوات الأمن قد شكَّلت طوقًا أمنيًّا حول الأتوبيسات التي كان من المقرر أن تقلَّ المدرسين والطلاب وأولياء أمورهم إلى محافظة القاهرة صباح اليوم، وهدَّدت سائقي الأتوبيسات باعتقالهم في حالة تحركهم تجاه القاهرة. قال طلعت فهمي رئيس مجلس إدارة المدرسة إنهم فوجئوا صباح اليوم بقوات الأمن تمنعهم من مغادرة الإسكندرية؛ حيث كان من المقرر تنظيم وقفة احتجاجية أمام مجلس الشعب وأخرى أمام المجلس القومي للأمومة والطفولة؛ للتنديد بالقمع الأمني ضد مدرسة (الجزيرة) وعدم احترام أحكام القضاء وقراراته، خاصةً القرار الصادر عن محكمة القضاء الإداري في القضية رقم 15553 لسنة 62ق، والذي يُلزم أجهزة الأمن بفضِّ الحصار الأمني عن المدرسة وإعادة استكمال الدراسة بها بشكلٍ طبيعي ومقابلة وزير التربية والتعليم لعرض قضيتهم عليه. وشدَّد على أن إدارة المدرسة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام رفض قوات الأمن تنفيذ قرارات القضاء الإداري، مؤكدًا أنه ابتداءً من صباح غد سوف تستأنف المدرسة سير العملية الدراسية بها على "الرصيف"؛ على حد تعبيره؛ باستخدام الإمكانيات المتاحة من "كراسيّ ولوحة الكتابة (السبورة) وغيرها، فضلاً عن استكمال الخطوات القضائية المطلوبة لمتابعة القضية. وفي المنوفية، امتنع حوالي 500 تلميذ عن الذهاب إلي مدرستي "سعد زغلول" و"الزهراء" الابتدائيتين في شبين الكوم، احتجاجاً علي إنشاء محطة لتقوية إرسال "التليفون المحمول" بجوار المدرستين، ونظم أولياء الأمور وقفة احتجاجية للمطالبة بإزالة المحطة، وقالت هند علام: "قوات الأمن حاصرت وقفتنا وهددتنا بالاعتقال وتلفيق التهم لنا، ما لم نفض الوقفة". طب إحاطة عن الأزمة وفي طلب إحاطة برلماني عاجل، وصف النائب علي لبن عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بداية العام الدراسي الجديد بأنه يتسم بالكثير من مظاهر الفشل في السياسة التعليمية. وقال في سؤال وجهه إلى الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء وإلى وزير التربية والتعليم إنه على الرغم من تصريحات الدكتور يسري الجمل وزير التربية والتعليم حول البداية الجادة لتحقيق جودة التعليم؛ إلا أن الحكومة ووزارة التربية والتعليم لم تهتما حتى بتحديد المناهج الدراسية المقررة على الطلاب الذين فُرِضَ عليهم التوجه لصفوف الدراسة في ذلك الوقت من العام. وأشار النائب إلى أنه على الرغم من أن الدراسة تدخل يومها الرابع؛ إلا أن العديد من المعلمين لم يتلقَّ حتى الآن المناهج الدراسية أو مفردات المقرر التي يفترض أن يدرِّسوها، مشيرًا إلى أن طلاب الصف الرابع لم يتسلَّموا كتبهم الدراسية بحجة أن المناهج قد تم تغييرها، وأن المطوِّرين لم ينتهوا من عملهم بعد، بينما لا يعلم أساتذة هذا الصف تلك المناهج الجديدة أو شيئًا عن ملامح مفرداتها!. وانتقد لبن السياسة التعليمية، مؤكدًا أنها تعاني الشلل، وأنها كارثة؛ تساوي في حجمها كارثة تسرُّب الامتحانات والغش الجماعي وإلغاء مكتب التنسيق؛ الذي يفتح باب المحسوبية والواسطة والتحايل والرشوة وغيرها من ألوان الفساد الذي استفحل في التعليم. واعتبر أن وراء الكارثة التعليمية في مصر انفتاح وزير التعليم على الدول المانحة لرسم سياستنا التعليمية وفق أجندتها وليس أجندتنا الوطنية؛ حيث تم استبعاد مؤسساتنا التعليمية الوطنية مثل المجلس القومي للتعليم؛ بما فيه من أشهر علمائنا التربويين، فضلاً عن نقابة المعلمين والأحزاب وغيرها من القوى الوطنية؛ لنفاجأ بقرارات فوقية مجهولة المصدر؛ تمثل كوارث حقيقية في حقل التعليم. الدويقة: حشر المواطنين كالبهائم من ناحية أخرى، تقوم الحكومة هذه الأيام بجريمة جديدة ضد اهالي الدويقة، ففي الوقت الذي يرتع فيه كل واحد من "الكبار" في مئات الأفدنة بمفرده، تقوم الحكومة الآن بتسكين أكثر من 3 أسر من منكوبي الدويقة بشقة واحدة لا تتعدى ال 60 متر بمساكن سوزان مبارك. التصرف الحكومي تسبب في اشتباكات كبيرة بين الأهالي وقوات الأمن والأهالي بعضهم البعض، رافضين قرارت الحكومة الجائرة التي أخلتهم من بيوتهم قهرًا ثم رمتهم هذه الرمية غير الآدمية. ومن ناحية أخرى، هاجمت 50 أسرة من منكوبي "الدويقة" موكب نائب محافظ القاهرة أمس لدي زيارته المنطقة، وحاولوا الاعتداء عليه، اعتراضاً علي قرار المحافظة تسكين كل 3 أسر في شقة واحدة بمساكن سوزان مبارك. واشتبك مواطنون داخل الوحدات السكنية في إطار رغبة كل منهم في الحصول علي شقة دون شركاء، وتدخلت قوات الأمن للسيطرة علي الموقف، وأمر اللواء إسماعيل الشاعر، مساعد أول وزير الداخلية، بنشر قوات الأمن المركزي بصورة مكثفة في الشوارع، تحسباً لوقوع مشاجرات جديدة، بعد فشل جميع محاولات التوفيق بين الأسر لإقناعها بالإقامة المشتركة. انقطاعات الكهرباء في ازدياد وفي موضوع آخر، لا تزال أزمة الكهرباء تضرب مدن وقرى مصر، فبعد تأثر عدد من المناطق بالقاهرة والجيزة بالانقطاعات التي وصلت إلى 7 ساعات يوميًا، انضمت قري نمرة البصل والبنوان ودخميس وكفر قريطنة بمركز المحلة الكبري إلي قائمة القري التي تعاني من انقطاع التيار الكهربي بشكل دوري، ليفطر يوميا حوالي 60 ألف مواطن، هم تعداد تلك القري، علي ضوء الشموع ولمبات الجاز. وقال رضا مصطفي، من قرية نمرة البصل:"شركة توزيع الكهرباء تتعلل دائما بتخفيف الأحمال عن المحطات، رغم أن القرية لا يوجد بها أجهزة تكييف أو مصانع". وقال حسين الشهاوي:" كثير من الطلبة يذاكرون دروسهم الآن علي "لمبات الجاز". وفي محافظة سوهاج ناقش المجلس الشعبي مشكلة انقطاع الكهرباء عن القري والمدن بصورة متكررة ومعاناة الأهالي مستمرة خلال شهر رمضان المعظم وتقدم أعضاء المجلس بطلب إحاطة عاجل إلي اللواء محمد المعز، رئيس المجلس، وقال سمير قورة، عضو المجلس: "المشكلة بدأت منذ فترة في مركز دار السلام ويتكرر انقطاع التيار من الثالثة عصرًا حتي منتصف الليل"، وقال علي حمادة، من مركز المنشأة إن التيار ينقطع ثلاثة أيام متتالية. وقال فتحي المقدم، عضو الشعب عن طهطا: "جميع قري طهطا ينقطع عنها التيار من السابعة حتي الثانية عشرة ليلا"، وأكد فهر التاجي أن هناك مستشفيات يتعرض فيها المرضي للموت بسبب انقطاع الكهرباء، وأن هناك أمصالا تفسد ومخابز ومطاحن ومكينات ري تتعطل. وقال الأعضاء من مركز ساقلته إن انقطاع الكهرباء يرجع إلي المحولات المتهالكة منذ عام 1979. وأكد محسن النعمان، محافظ سوهاج، إنه تم الاتصال بوزير الكهرباء لحل المشكلة وعمل إحلال وتجديد لشبكات الكهرباء