لا تزال أزمة الانقطاعات المتتالية للتيار الكهربائي في مختلف أنحاء الجمهورية والتي وصلت إلى 7 ساعات يوميًا بعض المناطق تلقي بظلالها على مسئولي الكهرباء والمواطنين، فقد تعددت الشكاوى الغاضبة بشكل غير مسبوق من المواطنين حول تكرار تلك الانقطاعات وأثرها السلبي على حياة المواطنين. المسئولين من جانبهم يؤكدون أن المواطنين هم السبب، مرجعين تلك الانقطاعات إلى زيادة استهلاك المواطنين للكهرباء بشكل غير مسبوق وخاصة في فترات الذروة المسائية بسبب انتشار أجهزة التكييف في مختلف المنازل وقيام المواطنين بإنارة عدد كبير من اللمبات دون الحاجة إليها. وزير الكهرباء من ناحيته اعترف بالأزمة، وصب جام غضبه أيضًا على المواطنين، مؤكدًا أن الحمل الأقصي للشبكة وصل هذا الصيف إلي 21 ألفاً و530 ميجاوات، بينما كان الحمل الأقصي العام الماضي 19 ألفاً و250 ميجاوات فقط، أي أن الاستهلاك زاد هذا العام نحو 2280 ميجاوات. وأوضح وزير الكهرباء أن هذا الحمل يتركز في فترة الذروة المسائية، التي تبدأ بعد الغروب مباشرة ولمدة ساعتين، لافتاً إلي أن أكبر دليل علي أن هذا الحمل هو حمل استهلاكي، هو أن الفرق بين فترة الذروة الصباحية والمسائية هو ثلاثة آلاف ميجاوات. ووصل في بعض الأوقات إلي 3370 ميجاوات، تمثل ضعف القدرة المنتجة من محطة السد العالي. وأضاف: "نحتاج إلي سدين عاليين لمواجهة زيادات الاستهلاك في الفترة المسائية لتغذية الإنارة وأجهزة التكييف التي انتشرت بالمنازل" وتابع يونس: من واقع بيانات التحكم كانت الذروة في الصباح 16140 ميجاوات وصلت في المساء إلي 19510 أي نحو 3370 ميجاوات فرق الاستهلاك بين الصباح والمساء، وهذا يعني أنك يجب أن توفر محطتينa عملاقتين للعمل بالليل فقط لمواجهة الزيادة في معدلات الاستهلاك. وأكد أن تخفيف الأحمال يتم من خلال التنسيق بين المركز القومي للتحكم وبين شركات التوزيع، حيث يضع المركز خططاً يومية ولكل ساعة بشأن استهلاك الطاقة ويقوم المركز بمراجعة المتاح له من التوليد ومطابقته مع مؤشرات الاستهلاك، وبناءً علي المتاح لديه من التوليد يضع خططاً لتخفيف الأحمال، ثم يقوم بتوزيعها علي جميع الشركات بما لا يمس المرافق العامة مثل منشآت المياه والصرف الصحي والمستشفيات، مراعاة لمصالح المواطنين. وأشار إلي أن التخفيف لا يزيد عادة عن ساعة فقط، مؤكداً أنه ضرورة من ضروريات الشبكة لحمايتها حتي لا يحدث انقطاع للتيار بالكامل نتيجة زيادة الأحمال. موضحاً أنه نظام مطبق في كل شبكات العالم كمعيار لتشغيل وحماية الشبكة. وقال الوزير إن كل دول العالم تحاول حالياً التقريب ما بين فترتي الذروة المسائية والصباحية، عن طريق ترشيد الاستهلاك باتجاهين، الأول ثقافي بتوعية المواطنين بضرورة ترشيد الكهرباء في المنازل وعلي كل المسارات المختلفة، والاتجاه الآخر اتجاه إجباري في الترشيد، عن طريق وضع تسعيرة مزدوجة، حيث تصل أسعار الاستهلاك في فترة الذروة المسائية إلي ثلاثة أضعاف أسعار فترة الذروة الصباحية، مشيراً إلي أن مصر لا تستطيع تطبيق الخيار الثاني الخاص بالأسعار لأنه سيحتاج إلي تغيير في أنظمة شبكة التوزيع والعدادات، وحتي لا تضاف أي أعباء أخري علي المواطنين. ودعا وزير الكهرباء المواطنين إلي الانتباه لموضوع ترشيد الطاقة، وقال «نحن لا نقول للناس عيشوا في ضلمة، ولكن نقول لهم بلاش تنوروا الأجهزة واللمبات في عز وقت الحاجة إليها وبالذات في وقت الذروة المسائية». وكشف يونس أن الوزارة مع عدة وزارات أخري بالدولة بصدد السير حالياً في تشكيل هيئة قومية لترشيد وكفاءة الطاقة، تابعة لمجلس الوزراء وستقوم بوضع الخطط والبدائل الخاصة بترشيد الاستهلاك في جميع المجالات، وكذلك وضع المعايير اللازمة لاستخدامات الطاقة ومتابعة تنفيذها في جميع المجالات في البترول والصناعة والمنازل والنقل، وسيكون لها ميزانية مستقلة من الدولة تستطيع من خلالها أداء دورها بشكل كامل. وقال الوزير إن دول العالم المختلفة لديها توجه حالياً لترشيد استهلاك الكهرباء، لأنه أصبح مطلباً حيوياً وضرورياً للحياة، مشيراً إلي أن كل برامج الصيانة الروتينية والإحلال والتجديد في جميع شركات التوزيع متوقفة حالياً ولا يسمح إلا بالبرامج الطارئة فقط، حتي لا تحدث انقطاعات بسبب هذه البرامج. وعن حدوث أزمة متوقعة خلال السنوات المقبلة، قال الوزير: لن توجد أزمة لأننا لدينا خطط خمسية حتي عام 2027، وسيضاف إلي الشبكة حتي عام 2012 قدرات تصل 9500 ميجاوات، وخلال عام 2009 سيبدأ تشغيل 2000 ميجاوات من وحدات الكريمات وسيدي كرير والعطف والنوبارية.