لم يترك الفلسطينيون من أبناء القدسالمحتلة وأراضي العام 1948 مناسبة حلول الجمعة الثانية من الشهر الفضيل دون أن يجتهدوا، بشد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك، وتخطي وتجاوز كافة تحديات وعقبات الاحتلال. وما أن حلت الجمعة الثانية من شهر رمضان الفضيل، حتى راح الآلاف من أبناء الوطن، ليؤكدوا أن للأقصى مكانته الخاصة والمميزة في نفوسهم واعتقادهم وإيمانهم. ومع بزوغ فجر يوم الجمعة، بدأت جموع المُصلين تزحف، عبر حافلات منظمة ومركبات خصوصية، قادمة من مختلف مناطق وأحياء وبلدات مدينة القدسالمحتلة، وأراضي العام 1948. وتزامن زحف الجماهير نحو المسجد الاقصى مع فرض قوات الاحتلال المزيد من إجراءات الإغلاق والعزل على المدينة ومحيطها، والتي تضمنت إغلاق وسط المدينة، وعصبها الرئيس المتمثل بالشارع الممتد من منطقة باب العامود مروراً بشارع السلطان سليمان وحتى بابي الساهرة والأسباط، ومحيط البلدة القديمة وأسوار القدس، ونشر آلاف العناصر من الوحدات الخاصة والشرطة وحرس الحدود في كافة الأحياء والشوارع والطرقات وبوابات الأقصى والبلدة القديمة. وفي حدث غير مألوف منذ سنوات عديدة، امتلأت ساحات ومُصليات الأقصى المبارك، مّا اضطر مئات المُصلين الى أداء صلاة الجمعة في الساحات الخارجية للمسجد، وخاصة في بوابة الأسباط وبوابة السلسلة، الأمر الذي يعكس مدى استجابة المواطنين للنداءات التي تناشدهم شد الرحال إلى الأقصى للحفاظ عليه من أطماع المتطرفين، ولتأكيد هوية القدس والمسجد الأقصى المبارك. وانهمك أذنة وسدنة وحُراس المسجد الأقصى وعناصر المجموعات الكشفية المقدسية ونشطوا بتنظيم أمور المُصلين وإرشادهم لاماكن الصلاة المخصصة للنساء، وهي صحن قبة الصخرة المشرّفة ومسجدها، والأماكن المُخصصة للرجال والتي تشمل سائر الباحات والساحات والأروقة واللواوين والمُصلى القبلي المسقوف والمُصلى المرواني، والمسجد الأقصى القديم وبوابات المسجد. وانتشر أفراد اللجان الصحية والبعثات الطبية وعيادة المسجد الأقصى والمركز الصحي بين صفوف المواطنين لتقديم العلاجات الأولية المناسبة للمصلين. وفي الوقت الذي فضّل فيه الآلاف من المُصلين المقدسيين البقاء في باحات المسجد الأقصى لصلاة العصر، اضطّر الآلاف من المُصلين القادمين من مختلف أراضي وبلدات العام 1948 إلى تقديم صلاة العصر وأدائها بسبب السفر، في ما انهمك نشطاء الجمعيات الخيرية المختلفة في ترتيب العديد من الساحات المخصصة لتنظيم الافطارات الجماعية اليومية في شهر رمضان الكريم.