بعد تكرار الاشتباكات الدامية بمدينة طرابلس بين أبناء منطقتي درب التبانة وجبل محسن من السنة والعلويين والتي خلفت أكثر من أربعة قتلى وما يقارب 80 جريحًا، بدأت وحدات من الجيش اللبناني بالانتشار في محيط طرابلس لاحتواء الأزمة، وطالب الجيش كل الأطراف بالالتزام بالتهدئة ووقف إطلاق النار، مهددًا باستخدام القوة مع أي طرف كان لإحلال الهدوء والأمن بالمدنة. وهدد الجيش اللبناني الطرفين المتقاتلين في الحيين في بيان بالرد على النيران أيا كان مصدرها. وحسب مصدر أمني فإن قوات الأمن الداخلي تلقت تعليمات بتكثيف دورياتها، وتوقيف كل من يتعدى على الأمن العام، "حتى إن اقتضى الأمر اللجوء إلى القوة". ورغم اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ بعد الساعة الثامنة مساء بالتوقيت المحلي، تواصلت الاشتباكات المتقطعة مساء أمس بين حيي باب التبانة الذي تسكنه أغلبية سنية, وجبل محسن الذي تسكنه أغلبية علوية. وبدأت المواجهات مساء الثلاثاء واستعملت في الاشتباكات الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية واشتدت فجر الأربعاء, مما اضطر عشرات الأسر إلى مغادرة بيوتها, لكن حدتها تراجعت في المساء. وذكرت مصادر أمنية أن شقيقين قتلا قرب باب التبانة برصاص قناصة مما رفع عدد قتلى المواجهات إلى أربعة في الاشتباكات الأخيرة التي جاءت بعد أسبوعين من تصعيد مشابه خلف تسعة قتلى و45 جريحا. واتفق الطرفان على وقف لإطلاق النار يقضي -حسب بيان أعقب اجتماعين منفصلين في إقامة مفتي طرابلس الشيخ "مالك الشعار" ضما ممثلي الطرفين المتصادمين- بانتشار الجيش في الأحياء الشعبية حيث تركزت الاشتباكات. دعوة للتهدئة ودعا ممثلو الأحزاب والشخصيات السياسية والدينية إلى التهدئة, وطالبوا الجيش بالتدخل خصوصا بعد موافقة الجميع على رفع الغطاء عن كل مسلح إثر أحداث الشهر الماضي. وقال النائب سعد الحريري زعيم تيار المستقبل إنه اتصل بقائد الجيش بالوكالة اللواء شوقي المصري واتفقا على أن "يدخل الجيش اللبناني إلى كافة المناطق التي شهدت مواجهات عسكرية وأن يطلق النار على كل مخل بالأمن أيا يكن". وأكد المجتمعون في دار مفتي المدينة، والذي كان من بينهم ممثلون للجيش وغاب عنه ممثلو جبل محسن على "ضرورة التهدئة" واكدوا "وجود طرف متضرر يعمل على اشعال فتيل الفتنة" بدون ان يسموه. ولفتوا الى "ضرورة أن يأخذ الجيش والقوى الامنية دورهم الكامل على الارض" في قمع الاشتباكات. وطالب مصطفى علوش احد نواب طرابلس في البرلمان الجيش "بالامساك بشكل كامل بزمام الامور في هذه المنطقة بعد ان رفعت كل الاطراف الغطاء عن المسلحين" إبان الاشتباكات السابقة. واضاف علوش وهو من صفوف تيار المستقبل (موالاة) في تعليق تلفزيوني "الجيش لا يجب ان يكون مراقبا فقط". ويأتي تجدد الاشتباكات فيما تعثر الإعلان عن حكومة الوحدة الوطنية بعد أن كان وشيكا السبت الماضي, بسبب خلافات –هذه المرة- داخل الأكثرية, حول توزيع الحقائب. ويواصل رئيس الوزراء المكلف فؤاد السنيورة مشاوراته لتشكيل الحكومة الجديدة التي من المقرر أن تضم 30 وزيرا 16 منهم من الموالاة و11 من المعارضة وثلاثة وزراء يعينهم رئيس الجمهورية.