يحاول الرئيس بوش حاليا تأكيد الاتفاقية الأمنية مع الحكومة العراقية الحالية التي نصبت انتخابات جرت تحت الإحتلال لتكبيل هذا البلد ولسنين طوال ورهن مصيره بإدارة البيت الأبيض، وتعريض مستقبل أجياله للوصاية الأمريكية والتي لافكاك منها ربما لقرون. جوهر تلك الاتفاقية هو إنشاء خمسين قاعدة عسكرية أمريكية ثابتة في العراق تفوق عدد المحافظات التي يتكون منها الوطن العراقي، ناهيك عن صعوبة التخلي عنها كون تأسيسها سيكلف الولاياتالمتحدة مليارات الدولارات، كما أنها تحتاج الي قوات يكثر تعدادها لإدارة المنشآت التي توجد في فيها، كما أنها تعد سبيلا لاستمرار تلك الاستراتيجية وعدم مخالفتها لمن لا يؤيده في هذا التوجه (الحزب الديمقراطي وأركانه) أي إنها بمعني أدق وسيلة لأحراج (أوباما) والابقاء علي نظرية القطب الأحادي في السياسة الدولية كون أن بنود الاتفاقية تؤسس لعدم التخلي عنها وتجعل من الالتزام بها أمرا مفروغا أمام القادم الجديد للبيت الأبيض؛ أي فرض سياسة الأمر الواقع علي الخصوم السياسيين مما سيؤدي بالمقابل الي تقوية الجانب الآخر المتمثل بالمرشح الجمهوري (ماكين) وزيادة حظوظه الانتخابية ويولد وبشكل آلي استمرار لاستراتيجية بوش التي تعني حسب نظرية الاستعاضة أن ما بدأه بوش سيكمله ماكين وهذا بدوره يؤسس لولاية ثالثة لبوش لكنها ستطبق بل سينفذها (ماكين الجمهوري) أو النسخة الأخري لبوش. إن الأتفاقية المزمع عقدها بين طرفين متناقضين هما الولاياتالمتحدةالأمريكية بما تملكه من عنجهية وقوي ظالمة طاغية متجبرة وسيطرة تامة علي العراق وما فيه باستثناء الساحة التي تنفرد بها المقاومة العراقية قولا وفعلا وتأثير دفع المحتل الأمريكي يفكر في سبيل للخلاص مع الاحتفاظ بما يحصل عليه من غنائم من حرب بدأت تكلفتها البشرية والمادية تسجل أعلي مستويات لها بالمقارنة مع الحروب التي خاضتها أمريكا خلال القرنين الأخيرين حيث نشأت وأصبحت دولة لها كيانها حتي أنفردت في قيادة العالم وفق الطريقة الشريرة التي نشهد. ولو كان هناك من خير في هذه الاتفاقية لما اعتمدت نظام ما وراء الكواليس لأغراض مناقشتها، ثم أن كل شيء يعمل في الخفاء هو عمل غير شرعي. ولو كان غير ذلك لأظهر وأعلن عنه بكل وضوح وتحت ضوء النهار. من هنا نفهم ماذا تريد الولاياتالمتحدة عبر تلك الاتفاقية المشؤومة (حلف بغداد الجديد) الذي تغيرت فيه الوجوه ليس إلا بفعل الزمن الذي غيب الباشا نوري السعيد ليأتي المالكي وينفذ ماكان للباشا أن يعمل حينها ولكن إرادة العراقيين عطلت فعل الباشا أيامها وهي قادرة إن شاء الله علي تعطيل دور المالكي اليوم ومن ورائه أمبراطورية الشر الأمريكية. تلك الصورة ستؤسس لفكرة الدفاع عن المصالح الأمريكية في العراق المتمثلة في تمسك الجمهوريين بهذا الرأي مقابل الرفض الواضح لتواجد القوات في هذا البلد والأصرار من قبل الديمقراطيين يمثلهم مرشحهم أوباما علي سحب تلك القوات فور الفوز بالرئاسة وهذا السجال سيخلق الكثير من الفرص المساندة لماكين مقابل خسارة الديمقراطيين لفرصهم في الترشيح.