نَفَت الحكومة الفلسطينية مسئولية رئيس الوزراء إسماعيل هنية عن القرار الذي قالت مصادر فلسطينية إنَّ رئيس السلطة محمود عباس اتخذه بتجميد المفاوضات حول تشكيل حكومة الوحدة الوطنية. وكانت مصادر فلسطينية قالت: إن عباس اتخذ هذا القرار بعد تصريحات أطلقها هنية أعلن فيها أنَّ حكومة الوحدة القادمة لن تعترف بالاتفاقات الموقعة مع الكيان الصهيوني، مُستندًا إلى وثيقة الوفاق الوطني التي لا تُلزم الحكومة بذلك الاعتراف.
ونقلت وكالات الأنباء عن الأمين العام لمجلس الوزراء الفلسطيني محمد عوض استبعاده أنْ يكون هنية معنيًّا بذلك الموقف، مُشيرًا إلى أنَّ تصريحات رئيس الوزراء جاءت في إطار وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني التي توافقت عليها الفصائل.
وأوضح عوض أنَّه تمَّ الاتفاق بين الحكومة والرئاسة من حيث المبدأ على البرنامج السياسي للحكومة، مشيرًا إلى أنَّه تم تأجيل الاتفاق على بعض النقاط إلى حين عودة عباس من زيارته للولايات المتحدة، كما قلل المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية غازي حمد من أهمية الخطوة قائلاً إنَّ هناك اتفاقًا سياسيًّا بين الحكومة والرئاسة حول تشكيل الحكومة.
وكانت وكالات الأنباء قد نقلت عن المتحدث باسم حركة فتح أحمد عبد الرحمن أنَّ عباس قد جمَّد المفاوضات حول تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بسبب ما وصفه ب"التصريحات المتضاربة" من قيادات حماس، بينما قال المستشار الإعلامي لرئيس السلطة نبيل عمرو إنَّ عباس جمَّد المحادثات بعدما أعلن هنية أنَّ حركة حماس لنْ تعترف بالاتفاقات الموقعة مع الكيان بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية لعدم وجود ما ينص على ذلك في وثيقة الوفاق الوطني الفلسطينية المعروفة باسم "وثيقة الأسرى" والتي تستند عليها الفصائل الفلسطينية في مساعيها لتشكيل حكومة الوحدة.
فيما أشارت وكالة (رويترز) إلى أنَّ مصادر فلسطينية أكَّدَتْ أنَّ القنصل الأمريكي في مدينة القدسالمحتلة جيكوب والس قد طلب من رئيس السلطة الفلسطينية تجميد أو تأخير مفاوضات تشكيل الحكومة مع حماس حتى تستجيب حماس لمطالب اللجنة الرباعية الدولية، ويلقي التزامن في التصريحات الصادرة عن كل من القنصل الأمريكي وقيادات فتح والسلطة الشكوك حول وجود بعض الأطراف داخل حركة فتح ترغب في الضغط على حركة حماس لتحقيق أجندتها الخاصة.
وكانت حماس قد شدَّدَتْ على أنَّ تشكيل حكومة الوحدة يجب أن يستند إلى توافقات داخلية بعيدًا عن الإملاءات الخارجية، وهو الموقف الذي تلا مطالبة رئيس الحكومة البريطانية توني بلير للفلسطينيين بتشكيل حكومة الوحدة على أساس مطالب اللجنة الرباعية وذلك خلال زيارته الأخيرة للأراضي الفلسطينية.
وتتلخص تلك المطالب في الاعتراف بالكيان الصهيوني والتخلي عن سلاح المقاومة والاعتراف بالاتفاقات الموقَّعة مع الكيان، وهي الشروط التي ترفضها حماس مطالبة الصهاينة والمجتمع الدولي بالاعتراف بالحقوق الفلسطينية وبالخيار الديمقراطي الفلسطيني الذي أتى بالحركة إلى رئاسة الحكومة، وقد فرض الكيان الصهيوني والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة حصارًا سياسيًّا واقتصاديًّا على الحكومة لدفع حماس للقبول بالشروط أو إثارة الأوضاع الداخلية لإسقاط الحكومة.
وتتكون اللجنة الرباعية من القوى التي توقع العقوبات - عدا الكيان الصهيوني وذلك بجانب روسيا - الأمر الذي يعني أنَّ اللجنة المناط بها الوساطة في القضية الفلسطينية توقع العقوبات على الحكومة التي تُدير شئون أحد أطراف الصراع!!
وفي إطار جولة رئيس السلطة الفلسطينية خارجيًّا، من المتوقع أنَّ يُجري عباس مباحثات مع قيادات الاتحاد الأوروبي، ويشار إلى أنَّ الأوروبيين أعلنوا أنَّهم يساندون حكومة الوحدة الوطنية شريطة ألا تُسْنَد المناصب الرئيسية فيها لحركة حماس وأنْ تعترف بالاتفاقات الموقعة مع الكيان الصهيوني.
في هذه الأثناء يُحاول الفلسطينيون تنشيط ذاكرة المجتمع الدولي بشأن الانتهاكات الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني؛ حيث نظم عدة مئات من اللاجئين الفلسطينيين من مخيم عين الحلوة للاجئين في صيدا بلبنان مسيرة في الشوارع أمس في الذكرى ال24 لمذبحة مخيمي صابرا وشاتيلا للاجئين اثناء الغزو الصهيوني للبنان عام 1982م.
وكانت هذه المذبحة قد وقعت عام 1982م عندما سمح الجيش الصهيوني الذي كان يحاصر مخيمي صابرا وشاتيلا بدخول رجال الميليشيات اللبنانية المسيحية التابعة للقوات اللبنانية المحظورة وحزب الكتائب للمخيمَيْن الواقعين على أطراف العاصمة اللبنانية بيروت؛ حيث جرت عمليات قتل استمرت ثلاثة أيام راح فيها نحو 3500 قتيل من اللاجئين الفلسطينيين وكان المشرف الصهيوني على تلك العملية رئيس الوزراء الصهيوني السابق أرييل شارون عندما كان وزيرًا للحرب في ذلك الحين.