وعلى الرغم من التزايد المستمرلعدد المسلمين, إلا أن روسيا مازالت تحافظ على هويتها المسيحية، وإذا ما حاول أحد المساس بتلك الهوية, يكشر الدب الروسى عن أنيابه ويدافع عن هويته الدينية بكل ما أوتى من قوة. فبمجرد أن أعلن «جوهر دوداييف» رئيس جمهورية الشيشان الأول عام 1991 استقلال الشيشان عن روسيا وقاد المقاومة رئيسا وسياسيا ومجاهدا رفضت روسيا استقلال الجمهورية, وقادت حربا ضارية ضد الشيشان, وفى الوقت ذاته لم تتلق الشيشان أى اعتراف دبلوماسى من دول معترف بها دوليا بخلاف «جورجيا», ثم حدث انقسام فى جمهورية الشيشان – أنجوشيا إلى دولتين فى وسط صراع متزايد بين «أوسيتيا» و«أنجوشيا» بعد إعلان الأولى لسيادة الشيشان 1991, اختار الكيان الأنجوشى السابق الانضمام إلى الاتحاد الروسى وتم إعلان دولة الشيشان «ايشكريا» استقلالها التام عام1993، وفى العام نفسه توقفت دراسة اللغة الروسية فى المدارس الشيشانية وأعلن استخدام كتابة اللغة الشيشانية, خاضت على إثرها روسيا حربا مدمرة استخدمت فيها كافة وسائل التعذيب الوحشية والإعدام الجماعى والخطف واغتصاب النساء, وكرد على هذا قامت الشيشان بإعلان الحرب على روسيا وحشد قواتها المسلحة، واستمرت تلك الحرب الضارية بين روسيا والشيشان ثلاث سنوات بقياده القائد العسكرى «شامل باسييف». الذى ناضل وقام بعدة عمليات ناجحة من أجل الاستقلال وفرض شروطه فى محادثات السلام مع الحكومة الروسية. وبعد تولى أصلان مسخادوف رئاسة الجمهورية تم توقيع اتفاقية لوقف الحرب وخروج الروس من الشيشان وإجراء استفتاء فى الشيشان لتقرير المصير، كما نصت على أنه لا يجوز استخدام السلاح أو التهديد باستعامله, لكن لم يلتزم الروس بالاتفاقية ونقضوها وقاموا بعدة عمليات تفجيرية فى مناطق متفرقة من الشيشان. واستمرارا لفكرة الجهاد من أجل الاستقلال ظهرت جماعه «الأرامل السوداء» وهم مجموعة من المقاتلات الانتحاريات قدمن من شمال القوقاز ليزرعن الرعب فى قلب المجتمع الروسى انتقاما لأفراد عائلاتهن الذين قتلوا على أيدى القوات الروسية، فهن بدون عمل ولا مال ولا أزواج ولم يعد يلوح بأذهانهن إلا سبب واحد يدعوهن للحياة ألا وهو الانتقام لأفراد أسرهن, قامن بعدة عمليات استشهادية كان أهمها الهجوم على مسرح البلشوى عام 2002 وتفجير محطتين للمترو بالعاصمة الروسية «موسكو» عام 2004. وهذا يدعو العبارة الشهيره للقائد «دوداييف» التى وجهها للروس :« يجب أن تقتلوا كل الشيشان فى العالم حتى تستطيعوا قول كلمة «انتصرنا»، فإن بقى شيشانى واحد سينجب ويحاربكم وسينتصر». ويعتقد كثير من الخبراء أن القيادى الشيشانى «شامل باسييف» كان هو الرائد فى الاستعانة بمقاتلات فى الصراع مع روسيا, ومازالت المقاومة الشيشانية مستمرة, حيث أعلن «دوكو عمروف» آخر المتبقين من زعماء التمرد الأول فى الشيشان فى أكتوبر2007 إقامة إمارة إسلامية فى منطقة القوقاز الأوسع، كما أعلن أن للجهاد فى الشيشان هدفين؛ الأول هو طرد غير المسلمين وتطبيق الشريعة، والثانى هو توسيع الجهاد إلى مابعد الشيشان. لم تعترف أى دولة ذات سيادة باستقلال الشيشان على الرغم من مساندة الأممالمتحدة لدولة «تيمور الشرقية» التى تتشابه فى ظروفها مع دولة الشيشان مع اختلاف بسيط للغاية وهو الديانة المهيمنة على الدولة صاحبة السيطرة, فتيمور الشرقية كانت دوله تابعة لأندونيسيا «الإسلامية», أما الشيشان- دولة تابعة للدب الروسى الذى يدين بالمسيحية، والذى لا يسمح لأحد بالمساس بتلك الهوية، فلا يجوز الاعتراف باستقلالها وإعلانها «كدولة إسلامية», لذلك فإن حظ تيمور الشرقية كان أفضل بكثير، حيث حظت بمساندة الأممالمتحدة, و اتخذ الرئيس الأندونيسى يوسف حبيبى قرارا مفاجئا بإجراء استفتاء شعبى تحت إشراف الأممالمتحدة للاختيار بين الاستقلال الذاتى ضمن أندونيسيا أو الاستقلال النهائى, والذى انتهى بإعلان استقلال تيمور الشرقية عن أندونيسيا, حيث اختار 78.5 % من الناخبين الاستقلال. الجدير بالذكر، أن نسبة من يدينون بالمسيحية فى مدينة تيمور الشرقية بلغت نحو94.2 % فى حين لم تتخط نسبة من يدينون بالإسلام فى الدولة نفسها 2.1 % . وهذا إن دل فإنه يدل على ازدواجية المعايير فى التحكم بمصائر الشعوب.