[email protected] عجيبة حقا تلك اللعبة الجهنمية التى تديرها الدول الاستعمارية على رقعة المعمورة، فاللعبة تبدو وكأنها بين طرفين مختلفين فى هذا البلد أو ذاك، قبيلتين .. عرقين .. ديانتين .. أو حتى عائلتين، هذا ما يبدو على رقعة الصراع المحددة والمحصورة عمدا بفعل الإعلام الموجه والمسيطر عليه بقوة الآلة الإعلامية الغربية، أو بتبعية الإعلام العربى الأسير التى ينتجها الكسل البحثى والضعف المعلوماتى، أو العمالة المباشرة للغرب ومخططاته وأهدافه وكم هى رائجة هذه الأيام..!! ولكننا لو توغلنا قليلا تحت الطلاء الخارجى الموضوع للتمويه، وصناعة الأقنعة سواء للاعبين أو قطع الشطرنج التى تنفذ بها اللعبة لوجدنا لونين لا ثالث لهما لا يتغيران بتغير أماكن الصراعات، أو أسماء القطع التى تمارسها، وما خرج عن هذه القاعدة من الصراعات لا تسمع عنه شيئا لا فى الاتحاد الأوروبى .. ولا الأممالمتحدة .. ولا مجلس الأمن الموقر .. ولا تتحرك له المنظمات الإقليمية عربية كانت أو إفريقية أو إسلامية.. ولا تتحرك له قوات الطوارئ وقوافل الإغاثة مهما كانت الكارثة.... لونان لا ثالث لهما.. لون التحرر الأبيض .. ولون الهيمنة الاستعمارية الأسود القاتم بكل ما يحمله من تداعيات العنف والقتل والدمار وعرقلة التنمية والاستغلال والقهر... إلخ. خريطة العالم ألوان متعددة ومعركة واحدة.. جنوبا ... تشاد .. السودان .. الصومال .. إلخ .... شرقا ... العراق الباسل .. أفغانستان .. الشيشان .. إيران.. إلخ .... شمالا ... فلسطين .. لبنان .. تركيا .. كوسوفو .. البوسنة .. فى كل أنحاء المعمورة تستعر الصراعات تحت عناوين مختلفة، ولكنك ما أن تزيل الطلاء عن وجوه اللاعبين حتى تكتشف أن طرفا دائما فى الصراع هو الغرب الاستعمارى ولعبة الدول الكبرى لإعادة تقسيم المستعمرات فى حقبة الهيمنة العسكرية الأمريكية. فى تشاد فرنسا .. فى السودان جنوبا أمريكا وبريطانيا وغربا (دارفور) فرنسا.. فى الصومال أمريكا فى محاولة لإحلال النفوذ محل النفوذ الاستعمارى التقليدى لفرنسا وإنجلترا وإيطاليا.. نيجيريا تعود الصورة لتظهر الوجهين الأوروبى والأمريكى. العراق .. هو النموذج للصراع بين الإمبراطور الجامح ودول الاستعمار التقليدية ولعله يكون إن شاء الله مقبرة الغرور الأمريكى الأعمى.. وقد كانت أفغانستان الخطوة الأولى فى طريقه للإنتحار. الشيشان .. التجسيد لتوحد الدول المستكبرة شرقية وغربية فى قضية قهر عالمنا العربى والإسلامى. إيران وقد خرجت من الدور المرسوم لها عبر ثورتها التاريخية تحولت من عائق للتواصل بين قوى الأمة لمعبر محتمل لهذه القوى وقد استدعى هذا التحول دخول الدور الأمريكى والصهيونى مباشرة على الخط. فلسطين ولبنان نموذجين لخلق المعوقات والمشكلات لإيقاف أى حل أو تسوية لضرب القوة الوطنية الصاعدة. تركيا رغم قوتها بالمقارنة مع تلك الدول التى تم قبولها بالاتحاد الأوروبى ممنوعة بل ويمكن القول بحصارها لوأد تجربة العدالة والتنمية. كوسوفا .. نموذج آخر للصراع على الغنائم ومناطق النفوذ فها هى روسياالبيضاء تعلن رفضها لأى شكل من أشكال الاستقلال لها بعد كل ما عانت من الصرب، بينما تحاول أوروبا ضرب النفوذ الروسى الصربى بدعم استقلال كوسوفو وضمها للإتحاد الأوروبى.. وما ينطبق على كوسوفو ينطبق على البوسنة بفروق ضئيلة. وقد تتعدد الجهات التى تمثل الجهاد من أجل الخلاص من هيمنة الاستعمار.. ولكن من يحاربون بالوكالة عن دول الاستكبار لهم نفس الصفات ونفس الأسماء وذات الخصال.. فجميعهم يستولون على السلطة نتيجة التركة الاستعمارية فى بلادنا .. وكلهم يشكلون أحزابا تحت إسم الوطنى أو الديموقراطى أو الحر.. وليس فيهم من هو ليس ديكتاوريا وحشيا وقاتلا لبنى وطنه.. وبقائهم فى السلطة مرهون جميعا ببقاء النفوذ الاستعمارى.. وهم يتواطئون مع الإرهاب الاستعمارى ويحاربون الإرهاب بالمفهوم الأمريكى.. من دحلان إلى كرزاى إلى ديبى إلى السنيورة وجنبلاط وسعد الحريرى ومتمردى دارفور وحكومة الصومال والمالكى وصحوة المرتزقة والجيش الأتاتوركى. أما المناطق الأقل سخونة على الرقعة أو التى لم يأت دورها فى أجندة دول الاستكبار فهم (أى وكلاء الخزى) عقلاء حكماء لا ينقلون القدم من موضعة قبل سنوات من التفكير العقيم، لا إرادة لهم ولا همة، لا يعرفون من الثوابت إلا أركان حكمهم وأرجل كراسيهم، يضعون أوراق اللعب فى يد سادتهم دون عناء المجادلة ناهيك عن المقاومة، أما العمل على المدى البعيد فلا مكان له فى عقولهم المشغولة جدا بالكبارى ومسابقات كرة القدم. إنها الحقيقة التى يحاول الإعلام المعتل والخائن أن يواريها عن الأنظار والتى تبدو واضحة باستخدام القليل من التعمق لإزالة الطلاء .. جيشين لا ثالث لهما ..... الأحرار فى جانب .. والاستعمار والعملاء الذين يمارسون حربا بالوكالة فى الجانب الآخر .. مهما اختلفت التسميات والتوصيفات أو تنوعت أشكال ممارسة هذه الحرب.. وقد انكسرت شوكت الإمبراطور فى العراق والمقاومة تتقدم بخطى ثابتة فى كل مناطق الصراع ولم يبقى للكرازايات سوى إعداد أوراق حساباتهم فى بنوك سادتهم لزوم العلاج فى المنافى.. فالمسألة مسألة وقت ليس إلا.