اعتبر خبير جزائري في الشئون الأمنية توجه الحكومة الجزائرية لإطلاق حملة دينية واسعة النطاق أخيرا، لتفنيد الفتاوى التي يصدرها ما يسمى "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" على موقعه الإلكتروني، إيصال رسالة إلى "المترددين في التوبة" مؤداها أن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي انتهيت المهلة المقررة للعمل به رسميا في سبتمبر 2006 لا يزال ساريا. ويرى محمد شراق الخبير الجزائري في الشئون الأمنية "أن إطلاق هذه الحملة الدينية من قبل الحكومة الجزائرية جاء بعد معلومات تفيد بأن عددا كبيرا من المتشددين ينوون التوبة غير أنهم لا زالوا محل تردد بفعل الضغوطات الممارسة ضدهم من قبل أمرائهم في التنظيم". وتابع شراق: "هذا الأمر قد يكون السبب الرئيسي الذي دفع السلطات إلى تكثيف جهودها في إقناع المتشددين بزيف ما يصدر عن قيادة التنظيم، وفساد منطقهم وحججهم، استنادا لما ورد من فتاوى علماء أجلاء مثل الشيخ يوسف القرضاوي". سريان الميثاق وأضاف الخبير الجزائري أن "الأجهزة الأمنية أرادت من خلال هذه المبادرة أن تطمئن العناصر الإرهابية باستمرار سريان ميثاق السلم والمصالحة الوطنية (الذي من المفترض انتهاء العمل به في سبتمبر 2006) على عكس ما تروج له قيادة التنظيم بانتهاء مفعولها". و"ميثاق السلم والمصالحة الوطنية" تم إقراره في 29 سبتمبر 2005، وبمقتضاه تم العفو والإفراج عن أكثر من 2200 شخص كانوا أدينوا بالإرهاب، واستسلام نحو 300 مسلح. وسبق للأجهزة الأمنية أن قامت بخطوة مماثلة "للحملة الدينية"عام 1999، أي تزامنا مع إصدار قانون الوئام المدني، وهذا من خلال نشرها فتوى الشيخ: محمد صالح العثيمين - رحمه الله - حول عدم شرعية حمل السلاح وقتل المسلمين، وهو ما دفع عددا كبيرا من المتحصنين في الجبال إلى مغادرة معاقلهم وتطليق العمل المسلح. الحملة الدينية وأطلقت السلطات الجزائرية "حملة دينية" تهدف لتفنيد فتاوى الجماعات المسلحة التي كثفت في الآونة الأخيرة هجماتها في البلاد. فقد بثت "إذاعة القرآن الكريم" الجزائرية الإثنين الماضي، برنامجا بعنوان "تحذير من التكفير والتفجير" شارك فيه خمسة من علماء الدين، هم أحمد سعيد بلعيد بن أبي سعيد، ونبيل مصطفى العصماني، من الجزائر، وأبو حازم عدنان عرور من السعودية، وأبو الحارث علي حسن عبد الحميد الحلبي من سوريا، وعبد المالك رمضاني، وهو جزائري مقيم بالسعودية. ورد هؤلاء المشايخ الذين يحظون بتقدير في الوسط الديني الجزائري على أفراد تنظيم "القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي" الذين يستندون إلى فتاوى غير معلنة لا تحرم سقوط مدنيين في أعمال مسلحة إذا كانوا غير مستهدفين بصفة مباشرة. وقال الشيخ أبو الحارث أبو الحسن إن عناصر التنظيم المسلح "تصوروا لأنفسهم مناصب هم دونها، وهؤلاء لن تجد منهم إلا المتردية والنطيحة وما أكل السبع، وأفعالهم (التفجيرات الانتحارية) ليس فيها حجة أو برهان، وإنما أهواء وخزعبلات". وانتقد قيادات التنظيم التي شككت في مراجع دينية واتهمتها بالولاء للأنظمة العربية الحاكمة، فقال: "لقد وجهوا سيلا من التهم لمشايخ كبار أمثال الألباني وابن باز وابن عثيمين. هذا منطق العاجز عن مواجهة الحجة بالحجة". نشر الحملة وأفادت مصادر مطلعة بأن السلطات تعتزم نشر هذه الآراء الفقهية التي أوردها المشايخ الخمسة، على نطاق واسع في معاقل "القاعدة" في الجبال والغابات، في شكل منشورات، سعيا للتأثير على أفرادها. ويندرج ذلك ضمن الحرب الدعائية التي تقودها مصالح الأمن ضد التنظيم المسلح. وشن "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" منذ بداية العام 2007 سلسلة من الهجمات الانتحارية في مناطق متفرقة من التراب الجزائري أسفرت عن مقتل أزيد من 120 شخصا وجرح المئات، غالبيتهم من المدنيين. لكن الاعتداءات التي ضربت بعض أحياء العاصمة تبقى الأكثر دموية مقارنة بغيرها، والتي كان آخرها استهداف مقر المجلس الدستوري بحي بن عكنون ومقر المفوضية العليا للاجئين التابع لهيئة الأممالمتحدة بسيارتين مفخختين، وهما الانفجاران اللذان خلفا 41 قتيلا وما يقارب 200 جريح، وفق الحصيلة التي قدمتها السلطات الجزائرية. وقدرت جهات مستقلة عدد أفراد تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي "بألف عنصر، في حين أن السلطات تقدر عددهم بأقل من هذا الرقم