محافظ مطروح: مراجعة وفحص 93 طلب مباني و23 ملفا زراعيا تمهيدا لتقنين أوضاعهم    جيش الاحتلال: اللواء السادس يشن غارات محددة الهدف ضد حزب الله    الأهلي يهزم برشلونة ويتوج ببرونزية العالم لكرة اليد    إصابة 10 أشخاص في تصادم بأسوان بينهم 7 طالبات    السبت.. كارمينا بورانا في حفل أوركسترا القاهرة السيمفونى على المسرح الكبير    افتتاح المؤتمر الدولي لجراحة الأوعية الدموية لمناقشة الجديد فى الأمراض الوعائية    البابا تواضروس: الكنيسة تتمتع بعلاقات طيبة مع المجتمع المصري    مدرب منتخب فرنسا يكشف سبب استبعاد مبابي    بشرى سارة للأهلي.. فيفا يصدر قرارات جديدة بشأن الأندية المشاركة في كأس العالم للأندية    مصرف «أبو ظبي الإسلامي- مصر ADIB-Egypt» يفتتح الفرع ال71 بمدينتي    إصابة شاب بسبب خلافات الجيرة بسوهاج    سفير السويد: نسعى لإقامة شراكات دائمة وموسعة مع مصر في مجال الرعاية الصحية    لطفي لبيب عن نصر أكتوبر: بعد عودتي من الحرب والدتي صغرت 50 سنة    مرصد الأزهر لمكافحة التطرف :هناك قفزة غير مسبوقة في شراء المهدئات داخل إسرائيل منذ السابع من أكتوبر الماضي.    الرئيس السيسي يشهد حفل تخريج دفعة جديدة من الأكاديمية والكليات العسكرية 2024    «ينفذ يناير القادم».. «الرعاية الصحية» توقع برنامج توأمة مع مستشفيات فوش الفرنسية    رئيس وزراء ولاية بافاريا يزور الخط الأول بالقطار الكهربائي السريع    تأهل علي فرج وهانيا الحمامي لنصف نهائي بطولة قطر للإسكواش    وزارة الطوارئ الروسية تعيد من بيروت 60 مواطنا روسيا    باحث: الدولة تريد تحقيق التوزان الاجتماعي بتطبيق الدعم النقدي    تعديلات قطارات السكك الحديدية 2024.. على خطوط الوجه البحرى    محافظ القاهرة يهنئ السيسي بذكرى نصر أكتوبر: سيظل مبعثًا للفخر والاعتزاز    الهيئة تلزم صناديق التأمين الحكومية بالحصول على موافقتها عند نشر أية بيانات إحصائية    العرض العالمي الأول لفيلم المخرجة أماني جعفر "تهليلة" بمهرجان أميتي الدولي للأفلام القصيرة    كيف تحجز تذاكر حفل ريهام عبدالحكيم بمهرجان الموسيقى العربية؟    الرئيس السيسي يستقبل رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمطار القاهرة    رسميًا.. انتهاء أزمة ملعب قمة سيدات الزمالك والأهلي    «القاهرة الإخبارية»: بريطانيا تستعد لإجلاء رعاياها في لبنان برا وبحرا    يوفنتوس يعلن إصابة بريمير بقطع في الرباط الصليبي    بيراميدز يخوض معسكر الإعداد فى تركيا    أوكرانيا تهاجم قاعدة جوية روسية في فارونيش بالطائرات المسيرة    «أوقاف مطروح»: توزع 2 طن لحوم و900 شنطة مواد الغذائية على الأسر الأولى بالرعاية    تعرف على إيرادت فيلم "إكس مراتي" بعد 10 أسابيع من عرضه    منها «الصبر».. 3 صفات تكشف طبيعة شخصية برج الثور    وزيرا الرياضة والثقافة يشهدان انطلاق فعاليات مهرجان الفنون الشعبية بالإسماعيلية    محافظ الغربية يبحث سبل التعاون للاستفادة من الأصول المملوكة للرى    تعدد الزوجات حرام في هذه الحالة .. داعية يفجر مفاجأة    باحث شرعي: يوضح 4 أمور تحصن الإنسان من الشيطان والعين السحر    «تقلبات جوية».. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس غداً ودرجات الحرارة المتوقعة    وزارة التعليم: التقييمات الأسبوعية والواجبات المنزلية للطلاب مستمرة    التضامن تشارك في ملتقى 57357 للسياحة والمسئولية المجتمعية    اتفاق بين منتخب فرنسا والريال يُبعد مبابي عن معسكر الديوك في أكتوبر    فروع "خريجي الأزهر" بالمحافظات تشارك بمبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان"    محافظ الفيوم يهنئ ضباط القوات المسلحة بذكرى نصر أكتوبر    لطفي لبيب يكشف عن سبب رفضه إجراء جلسات علاج طبيعي    سر مثير عن القنابل الإسرائيلية في حرب أكتوبر    وزير الخارجية السعودي: لا علاقات مع إسرائيل قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة    ضبط 17 مليون جنيه حصيلة قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الحرص والبخل    الأمن يكشف لغز العثور على جثة حارس ورشة إصلاح سيارات مكبل في البحيرة    ضاحي خلفان يثير جدلًا بتعليقه على اغتيال حسن نصرالله.. هل شمت بمقتله؟    مجلس الشيوخ.. رصيد ضخم من الإنجازات ومستودع حكمة في معالجة القضايا    الصحة: تطعيم الأطفال إجباريا ضد 10 أمراض وجميع التطعيمات آمنة    نائب وزير الصحة يوصي بسرعة تطوير 252 وحدة رعاية أولية قبل نهاية أكتوبر    مركز الأزهر للفتوى يوضح أنواع صدقة التطوع    بالفيديو.. استمرار القصف الإسرائيلي ومحاولات التسلل بلبنان    الحالة المرورية اليوم الخميس.. سيولة في صلاح سالم    أستون فيلا يعطل ماكينة ميونخ.. بايرن يتذوق الهزيمة الأولى في دوري الأبطال بعد 147 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آبي أحمد يفقد السيطرة ..انتصارات ساحقة لجبهة تحرير تيجراي على الجيش الإثيوبي
نشر في النهار يوم 03 - 07 - 2021

الأزمات تتفجر والبلاد تتحول إلى ساحة للاقتتال العرقى العنيف بسبب سياسات رئيس الوزراء القمعية وإصراره على تهميش الأقليات
مثل بؤرة صديدية متقيحة يتعدى أذاها الجزء المصاب إلى باقى أعضاء الجسد.. تحولت إثيوبيا إلى ساحة مفتوحة للاقتتال العرقى العنيف لتنزف دما غزيرا فى حرب أهلية شرسة بين جبهة تحرير إقليم تيجراى من ناحية وبين الجيش الفيدرالى الإثيوبى من ناحية أخرى، بدأت جولتها الأخيرة منذ نوفمبر الماضى ومازالت رحاها دائرة تحصد المزيد من الضحايا من الطرفين المتصارعين ومن المدنيين العزل فى الإقليم، ودخلت إريتريا الجارة الشرقية على الخط متضامنة مع الجيش الإثيوبى لترتكب فظائع ترقى إلى مرتبة جرائم الحرب بحق سكان الإقليم المتمرد.
ولا يبدو فى الأفق القريب أية إشارة على إمكانية توقف هذا الصراع الدامى، حيث تؤكد مؤشرات الحرب الدائرة إصرار الطرفين على استكمال المواجهات العسكرية الطاحنة بالأسلحة الثقيلة حتى تحسم لصالح أحدهما، ما أدى إلى مقتل الآلاف وتشريد نحو مليون شخص، بخلاف ما يزيد على 350 ألف لاجئ يعيشون فى ظروف كارثية تهددهم المجاعة.
وفى تطور خاطف للأحداث سيطرت عناصر قوات الدفاع عن إقليم تيجراى على مزيد من الأراضى الثلاثاء الماضى، بعد يوم من استعادة عاصمته ميكيلى من الجيش الإثيوبى وتعهدوا بطرد جميع «الأعداء» منه، وألقى تقدم تلك القوات على الأرض ولهجتهم المتوعدة بظلال من الشك على ما إذا كان وقف إطلاق النار الأحادى الجانب الذى أعلنته الحكومة الفدرالية قبلها بيوم واحد سيؤدى فى الواقع إلى توقف مؤقت للنزاع المستمر منذ ما يقرب من ثمانية أشهر والذى أودى بحياة الآلاف ودفع مئات الآلاف إلى حافة المجاعة.
وكان الجيش الفيدرالى الاثيوبى قد سيطر على ميكيلى فى 28 نوفمبر 2020، بعد ثلاثة أسابيع من بدء رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد بهجوم لإزاحة جبهة تيجراي.
وبرر آبى أحمد وقتها إطلاقه العملية فى تيجراى، بمهاجمة القوات الموالية لجبهة تحرير شعب تيجراى قواعد عسكرية فيدرالية.
رغم الانتصار الذى أُعلن بعد سقوط ميكيلى، إلا أن المعارك لم تتوقف يوماً بين قوات الدفاع عن تيجراى والجيش الفيدرالى الإثيوبى المدعوم من قوات إقليم أمهرة المجاور وجيش إريتريا المحاذية.
العاصفة العاتية التى هبت على إثيوبيا ثانى أكبر الدول الأفريقية من حيث عدد السكان (110 ملايين نسمة) وباتت تشكل تهديدا لوحدة أراضيها تحت وطأة حرب قد تتسع رقعتها لتصل إلى العاصمة أديس أبابا ومدن إثيوبية أخرى، تفرض إلقاء الضوء على أصل الصراع الذى بدأ منذ عقود، وكذا التعرف على إقليم تيجراي.
ولعل الوضع السياسى فى إثيوبيا والذى أدى إلى الصراع الحالى يعد فريدا من نوعه حيث تتعايش وتتشابك وتتصارع (أحيانا) حوالى 80 عرقية أهمها عرقيات الأمهرا والأرومو، ثم التيجراى تلك القومية التى توجد فى تسع مناطق وتتركز فى وسط وغرب إثيوبيا إلى شمال إريتريا على مساحة تزيد قليلا على المائة ألف كم مربع من مليون ومائة ألف كم مربع هى المساحة الإجمالية لإثيوبيا، وتتكون من نحو ستة ملايين نسمة أى 6% فقط من سكان إثيوبيا، ومع ذلك فقد حكمت عرقية التيجراى إثيوبيا حوالى ثلاثة عقود.
ترجع أصول إثنية التيجراى إلى اليمن وارتبط تاريخ هذه القومية بمملكة أكسوم عاصمة الحبشة الأولى مع الهجرات اليمنية، حكموا أكثر من تسعة قرون، منذ وصولهم قبل الميلاد وحتى أوائل القرن التاسع ، وبدأ النزاع المباشر بينهم وبين قومية الأمهرا بعدما أصبحوا مضطهدين، أغلبهم مسيحيون أرثوذكس بنسبة خمسة وتسعون بالمائة، وواحد فى المائة منهم ما بين بروتستانت وكاثوليك، أما الأربعة فى المائة المتبقية فمسلمون، وهم موزعون ما بين إثيوبيا وإريتريا.
برز اسم جبهة تحرير التيجراى وهى حركة نشأت ضمن الحراك الماركسى فى ستينيات القرن العشرين وتشكلت فعليا فى الثامن عشر من فبراير 1975على أساس عرقى، وجاءت انطلاقة الحركة بحفنة من الرجال بحوزتهم أربعة بنادق، وتحرك أعضاء الحركة بوعى إثنى ضد الحكومات المركزية، وكانت تهدف لتقرير مصير الإقليم داخل النظام الإثيوبى وكان هذا الهدف سببا فى خوضها حروبا ضد الحكومات المركزية آخرها الحرب التى اشتعلت فى نوفمبر الماضى وما زالت مشتعلة حتى اللحظة.
ومن جبهة تحرير تيجراى خرج رئيس الوزراء الإثيوبى الأسبق ميليس زيناوى الذى وصل إلى السلطة فى أول التسعينات بعد الإطاحة بحكم منجستو هيلا ماريام الشيوعى، وبالرغم من قلة عدد إثنية التيجراى إلا أنها تمكنت من السيطرة على مفاصل السلطة والثروة فى إثيوبيا حتى مجيء آبى أحمد.
وتكمن المشكلة فى رغبة إثنية التيجراى فى الانفصال عن إثيوبيا، بعدما فقدوا السيطرة على مفاصل الدولة الاقتصادية وبعد الصراعات مع الإثنيات الأخرى وبعد إزاحة قياداتهم العسكرية من الجيش الإثيوبى وفرار العديد منهم واعتقال الباقين.
وتبقى طبيعة الصراعات الإثنية والدينية فى إثيوبيا بالغة التعقيد والتشابك والتحول السريع، وظلت التحالفات فى هذه الخريطة المعقدة قابلة للتحولات حتى بين الأعداء التاريخيين. فقد ناضل الأرومو والتيجراى تاريخياً ضد هيمنة الأمهرا المطلقة التى امتدت منذ عهد منليك الثانى، حتى نهاية حكم هيلاسيلاسى عام 1974. كما أن الصراع بين قومية الأرومو من جهة وقوميتى الأمهرا والتيجراى من جهةٍ أخرى، يتمحور فى صورته الغالبة كصراعٍ إسلامي- مسيحى، على الرغم من الخلافات الناشبة بينهما. وعلى الرغم من أن الأمهرا والتيجراى المسيحيتين تبادلتا حكم إثيوبيا منذ قرونٍ طويلة، إلا أن قومية الأمهرا التى تغلب عليها المسيحية، وقومية الأرومو التى يغلب عليها الإسلام، تتشاركان عداء قومية التيجراى التى كانت مسيطرة حتى مجيء آبى أحمد من الأرومو.
ولا يقتصر الأمر على الرغبة الانفصالية لدى التيجراى، بل تتجاوزها إلى عدم الإحساس بالرضا لدى الإثنيات الأخرى التى دفعت إقليم الأرومو إلى الخروج فى تظاهرات حاشدة وعنيفة نهاية عام 2016، رافقتها تظاهرات فى إقليم الأمهرا، احتجاجا على تهميش «الجبهة الشعبية لتحرير التيجراي» كلاً من المعارضة الرسمية وغير الرسمية، ولم تترك لبقية القوميات سوى الاحتجاج كما هى الحال فى انتفاضة الأرومو. فتحت سيطرة التيجراى أخيراً، نافذة لتعاون تكتيكى بين الأرومو والأمهرا. ومهّدت انتفاضة الأرومو والأمهرا على الرغم من العداء بينهما، لإخراج إثيوبيا من قبضة أقلية التيجراى إلى غالبية الأرومو. وهذا من شأنه أن يفتح الباب واسعاً لتحالفات قد تثير كثيراً من التساؤلات.
ولا يبدو أن آبى أحمد قادر على وضع حد لرغبات أقلية التيجراى لما عرف عنهم من قدراتهم القتالية العالية وتسليحهم الكبير الذى يؤكد قدرتهم على إطالة أمد الحرب على الحكومة الفيدرالية إلى أمد غير معلوم، فالإقليم يضم أكبر قاعدة للجيش الإثيوبى والتى تأسست فى سنوات الحرب مع إريتريا، يضاف لذلك الطبيعة الصعبة لتضاريس المنطقة الجبلية الوعرة والمعقدة التى يصعب معها على أى قوات نظامية التقدم السريع وحسم أى مواجهة عسكرية بسهولة أوإدارة حرب عصابات التى برع فيها مقاتلو التيجراى، ولهذا لم يكن أمام الجيش الإثيوبى إلا الاعتماد على الضربات الجوية فى مواجهة التمرد الشمالى من جانب جبهة تحرير التيجراى برغم الدعم اللوجيستى والعسكرى الذى وفرته الجارة إريتريا لحكومة آبيى أحمد فى المنطقة الحدودية بين البلدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.