رئيس الوزراء يجري حوارا أبويا مع تلاميذ مدارس كرداسة.. صور    النواب يحيل 5 مشروعات قوانين للجان النوعية لدراستها    «المشاط»: تخصيص 118 مليار جنيه لمشروعات التنمية البشرية والاجتماعية بموازنة 2024-2025    محافظ الجيزة يواصل لقاءاته الدورية مع المواطنين ويوجه بحل الشكاوى    تغيير حدود الدخل لحجز وحدات الإسكان الاجتماعي ضمن مبادرة "سكن لكل المصريين"    لهذا السبب..محافظ الدقهلية يستقبل السفير كريستيان برجر ووفد الاتحاد الاوربى    الخارجية الإيرانية: لا مكان لأسلحة الدمار الشامل في عقيدتنا الدفاعية    مصدر في حماس لقناة الشرق: لن نعين خليفة للسنوار حتى إجراء انتخابات داخلية مارس المقبل    وزير الخارجية يبحث مع نظيرته السويدية التصعيد المتسارع بالمنطقة    الخارجية الإيرانية: عراقجي سيزور البحرين والكويت اليوم    على خُطى الأسد.. يامال يواصل التألق مع برشلونة وينافس ليونيل ميسي    بينيا: قدمنا مباراة رائعة أمام إشبيلية.. وخبرة تشيزني كبيرة    مصرع شقيقين صدمهما قطار خلال محاولة عبورهما السكة الحديد بالعياط    المشدد لبائع قتل زميله بسبب الخلاف على مكان فرش الفاكهة بالقليوبية    اختلت عجلة القيادة.. إصابة 5 أشخاص نتيجة انقلاب سيارة في الشيخ زايد    محاكمة المتهمين بسرقة أجهزة التابلت من مخزن التربية والتعليم| بعد قليل    نقوش جدران معبد إسنا تكشف أسرار المصريين القدماء خلال العصر البطلمي    شئون الأسرى: ارتفاع عدد حالات الاعتقال لأكثر من 11400 فلسطيني منذ 7 أكتوبر 2023    في ذكرى ميلاد حسن الأسمر أيقونة الطرب الشعبي.. تعرف على أبرز المحطات في حياته    بالفيديو.. استشاري جهاز هضمي: الدولة نجحت في القضاء على فيروس سي بأياد مصرية    التابعي: السوبر الأفريقي أخفى عيوب الزمالك    إعلام فلسطيني: الاحتلال الإسرائيلي يقتحم بلدة بيت فجار جنوبي الضفة الغربية    ليفربول يرصد 50 مليون يورو لضم جول كوندى مدافع برشلونة لخلافة أرنولد    مدير الكلية البحرية الأسبق: العالم غير أنظمته الصاروخية بعد نجاح مصر في إغراق المدمرة إيلات    المرور تحرر 29 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    إخماد حريق داخل منزل فى العياط دون إصابات    استبعاد محاكمة المتهمين بسرقة أجهزة التابلت المملوكة للتعليم من محكمة جنح أكتوبر    الأربعاء، انطلاق فعاليات المؤتمر السنوي للدراسات العليا في العلوم الإنسانية بجامعة بنها    وكيل تعليم الدقهلية يتابع انتظام الدراسة بمدارس طلخا    حسام البدري ينصح كولر بمشاركة هذا الثلاثي ضد الزمالك    منها مواليد برج العقرب والقوس والجوزاء.. الأبراج الأكثر حظًا في 2025 على الصعيد المالي    الشمس تتعامد على وجه رمسيس الثانى غدا بمعبده الكبير بمدينة أبو سمبل فى أسوان    رحلة فيلم رفعت عيني للسما من مهرجان كان إلى دور العرض    كم مرة تقرأ سورة الإخلاص والمعوذتين في اليوم والليلة    «المصري اليوم» تشهد انطلاق 4 قطارات نوم متجهة من «محطة بشتيل» إلى أسوان حاملة عددًا من السائحين الأجانب    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بمركز شباب ميت نما ضمن مبادرة "بداية"    طريقة عمل البان كيك، لإفطار خفيف ومغذي    تعرف علي موعد نهائي السوبر المصري بين الأهلي والزمالك والقناة الناقلة    بحفل جماهيري كبير.. «سعيد الارتيست» يُبهر جمهور الإسكندرية بمقطوعات وجمل فنية ومواويل صعيدية ب«سيد درويش» (صور)    مجلس النواب يواصل مناقشة قانون التعليم والابتكار.. ربط مخرجات التعليم بمتطلبات سوق العمل    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الاثنين    بمشاركة 150 طالبًا.. بدء فعاليات مبادرة 100 يوم رياضة بكلية التجارة بجامعة جنوب الوادي (صور)    الأرصاد: طقس الإثنين مائل للحرارة.. واضطراب الملاحة على هذه الشواطئ    أسباب الإصابة بهشاشة العظام وأهمية فيتامين د والكالسيوم في الوقاية    وفاة المعارض التركي فتح الله كولن في أمريكا    قتلى في الغارة الإسرائيلية على بعلبك شرقي لبنان    استقرار في أسعار الخضروات اليوم الاثنين 21 أكتوبر 2024 مع ارتفاع ملحوظ في بعض الأصناف    نقيب الصحفيين: لن نفتح باب الانتساب إلا بعد موافقة الجمعية العمومية    وزير الصحة اليوناني يشيد بجهود الدولة المصرية للنهوض بالمنظومة الطبية    محمود كهربا.. موهوب في الملعب وأستاذ "مشاكل وغرامات" (بروفايل)    علي جمعة يكشف حياة الرسول في البرزخ    هل النوم قبل الفجر بنصف ساعة حرام؟.. يحرمك من 20 رزقا    عاجل.. كولر «يشرح» سبب تراجع أداء الأهلي أمام سيراميكا ويكشف موقف الإصابات في نهائي السوبر    ماذا كان يفعل رسول الله قبل الفجر؟.. ب7 أعمال ودعاء أبشر بمعجزة قريبة    المندوه: السوبر الإفريقي أعاد الزمالك لمكانه الطبيعي.. وصور الجماهير مع الفريق استثناء    «هعمل موسيقى باسمي».. عمرو مصطفى يكشف عن خطته الفنية المقبلة    هل كثرة اللقم تدفع النقم؟.. واعظة الأوقاف توضح 9 حقائق    عمرو أديب بعد حديث الرئيس عن برنامج الإصلاح مع صندوق النقد: «لم نسمع كلاما بهذه القوة من قبل»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أربعون يوما علي فراق أبي
نشر في النهار يوم 05 - 08 - 2020


ولأنه أبي
فالرجال عندي اثنين
أبي
وبقية الرجال ..
ولأنه أبي
ولأنه أبي أحمد إبراهيم عز دمعته قريبة وارتجافة شفته تفضح مشاعره التي تنتابه كلما حدث مكروه أو شعر بظلم أحد أيا كان فقد أكرمه الله بأن يفرق بين الحق والباطل وكان يكرر دعاء " اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه "
ولأنه أبي ومن طول عشرته ورفقته منذ نعومة أظفاري فقد أمسكت بمنبع نهر دموعه واي شئ يؤثر فيه ويمسك بتلابيب قلبه ويغير كل لون حزين في عينه فكنت أبادره كلما اعتراه هم أو كدر وما أكثر الهم والكدر عند من هم مثل أبي.. أسمعت الشيخ بسيوني النهاردة ؟فكان يأتي رده
أيوه سمعته كان بيقرا "إن الذين قالو ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون "
ولأنه أبي اصطحبني في طفولتي لنستمع إلي الشيخ محمد بسيوني وحينما سمعته يقرأ « وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا».. شعرت ويكأن البلح في يد ابي يؤكلني منه بل واستطعمته متذوقا حلاوته من يد أبي وأنا جائع
ولأنه أبي لم يطلب شيئا من أحد إلا حينما ابتلاني الله وكنت في ضيقة فضاقت عليه نفسه بما رحُبت وما حَملت من حب واحتواء ، وهم أن يدق كل أبواب الأرض ويطرق كل أبواب السماء ويُخاطب كل ابن آدم ويُلح في الطلب علي الله .. فقد كسره ابتلائي وأسره المرض وكانت بداية النهاية ..
ولأنه أبي فقد اشتاق لولده اخي الأصغر وابني البكري في غربته واشتاق لضمته وحَن إلي حضنه فكابر وأنكر حتي لا يكلفنا مئونة سفره وتكاليف غُربته .. وحينما ألححت عليه أن يسافر فقد كان فات الأوان .. وتملك المرض من الجسد الطاهر، ونهش السرطان اللعين في رئتيه مارا بيديه وشرايينه بشراهة لينتقم من جسد لم يشكوا إلا إلي الله
ولأنه أبي أحمد إبراهيم عز " فمن أنا دونك يا أبي ؟
‏قل لي : أَيَغدُو البحر بحراً دون ماء ؟ "
ولأنه أبي ، فبموته تكومت فوق راسي عذابات الدنيا نهشت في عقلي نبشت في قلبي كسَرت في عظامي وهشمته .. كيف كنت يا ابي تحمل هذا عني؟
ولأنه أبي فبين ضلوعه حملني وسافرت الي كل العصور وشاهدت كل مدارس الرجولة وعايشت كل الرجالات واستمعت الي كل الحكايات حتي صرت جزءا منها ، ليالي طويلة يا ابي تحكي لي عن شجاعة هذا وعن كرم ذاك وعن رجولة هؤلاء.
ولأنه أبي فقد كان وفيا لأمي طوال عمره وبارا بأبيها جدي عليه رحمة الله ومحبا لأخوالي لأنهم من نسل أبيهم ، وعاشقا لخدمة أعمامي وعماتي ويغار عليهم من الهواء ، وأحب أصدقائي كما أحبني وأحبه أصدقائي أكثر مما أحبوني .
ولأنه أبي فقد اصطفاني الله لأكون بجواره طيلة عمري وهذه هي المنحة الربانية التي أكرمني الله بها وزاد كرم ربي علي أن أكون ملاصقا له علي مدار 4 أشهر في المستشفى ولما طلب مني أن أغادره وأبيت في بيتي ليلة رفضتُ وقلت له لن أتركك "جينا المستشفى سوا وهنمشي سوا يا حج" فبانت الفرحة في عينيه وكأنه كان يريدها ويتمناها .
ولأنه أبي تَوسد رأسه ذراعي في عربة الإسعاف .. وودت أن ينام علي قلبي ، فهو مني قلادة سموي وملاك رحمتي ، ومصدر أماني وسر بهجتي ، وها هو يعبر إلي رحلة البرزخ ، لحظات وانقطع اختراق الهواء للرئتين المريضتين ، لأول مرة يفتح كفيه أبي لا طالبا شيئا من الدنيا بأسرها بل تاركها وما فيها خلف ظهره ، وفي قبض كف الطفل آية ، وفي بسط كف أبي آيات ، لتكون أخر نظرة منه الي الدنيا في عيني أنا وقرأت عليه الشهادة ورددها ليلفظ الروح الطاهرة بكل نفس راضية مستقبلا حياة قبره بكل الرضا وكل الحمد وكل طيب الخاطر
ولأنه أبي فقد كتب وصيته واختار من يغسله ومن يلحده وحدد قبره ومن يحفره ومن يطمئن عليه في قبره وطريقة دفنه وأوصي بها أعمامي " يوسف وعزت" مرة واثنتين محددا لهم من يحفر القبر ومن يجهز اللحد ومن يغسله ..
ولأنه أبي فقد خلعت قلبي وغسلته بيدي وحملته علي عنقي ولم أفارق نعشه ، وصليت عليه جنازته وسمعت شهادة الصالحين فيه حتى أدخلته القبر بيدي
ولأنه أبي فقد دخلت معه قبره واطمأننت عليه وعلي دفنه كما وصاني وبالطريقة التي أرادها علي سنة الله ورسوله وفي القبر الذي طلبه ، وأسررته بكلمات كان يحبها مني بينما بخل هو علي بكلمات أحبها منه لأول مرة في عمره ومن لحظتها ستظل القلوب جريحة والنفوس مطوية على الكثير من الأحزان.
قسمًا بمن أحل القسم لا شيء في الدنيا بعد ابتسامتك يعتريني فلتذهب الدنيا وما فيها فداء دخان سيجارتك
ولأنه أبي لم أستطع أن أوفيه حقه أو أكون البار كما يجب أن يكون قصرت في حقه كثيرا ، وسرقتني الدنيا كثيرا من حضنه، وإن كنت أكثر أخوتي التصاقا به منذ طفولتي حبا في دفا قلبه والتصاقا بظهره الحنون
ولأنه أبي كان يسوقني إلي التعليم ..تعلمت يا أبي وصرت رجلا وحققت حلمي بأن أكون كاتبا وعضوا بنقابة الصحفيين ، وحلمك أن يكون لي ولد من صلبي يحمل اسمك ،واسمه أحمد حتي تناديني يا ابن أحمد وأبو أحمد ، وحملت أحمد يا ابي وفرحت به وكنت أحن عليه من أمه وكان أحن عليك من أمك .
أتعرف يا أبي أنه ما زال يسألني عنك .. أتذكر يا أبي أن فاطمة الكبري ابنتي طلبت ليلة وفاتك أن تنام بجوارك وأنت فرحت لطلبها ؟
ألم تعرف يا أبي أن كل الهم في بعدك ، و أن سواد الدنيا في فقدك، و أن مغرب عالمي في موتك ، بل قل يا ابي أن انتهاء عالمي بوفاتك ، ولتعلم يا أبي أن ساعة الزمان توقفت معي عند خروج روحك علي ذراعي وأنت تنظر إلي مبتسما راضيا .
عجز
خانني قلمي يا أبي لم أعبر عما يجيش به الصدر فقسما بالله جرح ينزف ليل نهار وكيف أعبر عن نزيف الروح وإن كانت الروح لا تري فهل يري نزيفها ؟.
أوجعتني يا أبي لأول مرة علي مدار اثنتين وأربعون عاما تكون قاسيا معي وتفارقني.. قسوت يا أبي بخروج روحك قسوت يا أبي حين غادرتني
بل قسوت يا أبي حين أحببتني حبا فوق كل الحب.. لم كنت هكذا ؟أي قلب أنت وأي جسد أنت وأي عقل أنت واي احتواء أنت ؟؟ كيف كنت يا رجل؟
عهد ويقين
وحتي نلتقي يا أبي لك مني عهد أن لا أنساك في صلاة وأن لا أنساك في دعاء وأن أبر من أحببت وأود من وددت وأكون خادما لمن أحبك .. ونفذت وصيتك كاملة يا أبي .. كاملة والله ،وما عجزت عنه أنا تكفل به الله كأن بينك وبين الله سر يا حج أحمد لمَ لم تخبرني بسرك مع الله واكتفيت بقولك ربنا يقدر عليها حينما اعتذرت عن وصية من وصاياك .. وقلت لك مقدرش علي دي ؟
ويقين سنلتقي يا ابي على روابي الجنة على ضفاف أنهارها ونتوسد نعيمها لن يكون بعد اللقاء موت ولا فراق أحسبك والله حسيبك من الصالحين وفي صحبة النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.