تمر الأيام ويقترب المصريون من الوصول إلى الاستحقاق الثالث الذى دفعوا من أجله الكثير من الدماء وهو الانتخابات البرلمانية، الأمر الذى يحتم التدقيق والبحث فى القوى التى ستدخل البرلمان حتى لا يدخل البرلمان قوى الشر والظلام التى كانت تريد لمصر التقسيم والضياع لولا نزول الشعب فى الشوارع للخلاص من هؤلاء ، لذا فإننا نحاول إلقاء الضوء على تيارات الإسلام السياسى وفرص دخولها للبرلمان المقبل واستجابة الشعب المصرى لها. الدكتورة أميرة الشنوانى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية وأمين عام المجلس المصرى للشئون الخارجية، ترى أن الإسلام السياسى فى مصر قد تعرض لهزة قوية أضعفته بعد أن تم كشفه للشعب المصرى خلال العام الذى حكم فيه الإخوان، فقد أيقن الشعب المصرى أنهم يتاجرون بالدين للوصول إلى الحكم كما أنها جماعة تشوه الدين الحنيف وتتبنى العنف والقتل. وأضافت أن الإخوان المسلمين سوف يسعون بكل الوسائل للحصول على مقاعد فى البرلمان المقبل، ومع ذلك فهم لن يستطيعوا الحصول على أغلبية أو أكثرية، ولذلك فمن الممكن أن يقدموا وجوها وشخصيات غير معروفة لخوض الانتخابات البرلمانية وهو ما يجعل هناك احتمالا كبيرا أن يفوز بعضهم . وترى الشنوانى أن التيار السلفى لديه فرصة للفوز بعدد كبير من مقاعد البرلمان، منوهة في الوقت ذاته إلى أنه على الرغم من تأييدهم لخارطة الطريق إلا أنهم قد تأثروا كجماعة إسلامية بالجو العام المعادى للجماعات الإسلامية داخل مصر، ولذلك فإن وعى الناخب وحسن اختياره للعناصر الوطنية والتى لا تتاجر بالدين أو برشاوى رجال الأعمال هو الضمانة الأولى لوجود برلمان نزيه وحياة برلمانية سليمة لخدمة وطننا الحبيب مصر. وفى نفس السياق أكدت الدكتورة كريمة الحفناوى الناشطة السياسية وعضو حركة كفاية أن الشعب المصرى العظيم الذى ثار على نظامين أحدهما فاسد والآخر إرهابى يتاجر بالدين سيختار بالشكل الامثل فى البرلمان القادم . وأكدت أن كل الأحزاب التى تدعى الدين وتأخذ من الإسلام شعارا لها على اختلاف مسمياتها، جميعها خرجت من جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية والتى تتبنى الإرهاب كأداة فى خلافها السياسى. ونوهت الحفناوى إلى أنه لكل هذه الأسباب فإن الشعب لن يقوم باختيارهم مره أخرى ولن ينخدع بزيت أو سكر أو بأى شكل من أشكال المغريات المادية، فعلى الرغم من كل ما يقال عن المال السياسى ودوره فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، فإن هذا لن يقوم بإرجاع الدماء التى سالت سواء بالإهمال من نظام مبارك أو بالإرهاب من نظام الإخوان المسلمين . وأضافت الحفناوى أن التيارات المتأسلمة ستحاول الالتفاف مرة أخرى على الشعب المصرى من أجل التواجد فى البرلمان المقبل، عن طريق الدخول تحت مسميات وأحزب جديدة بما فيها حزب النور من أجل الوصول لأكبر عدد من كراسى البرلمان المقبل. واستعجبت الحفناوى من عدم حل الأحزاب القائم على أساس دينى حتى الآن، حيث إن الدستور المصرى يفرض عدم قيام أحزاب على أساس دينى وبالتالى ينبغى حل كل هذه الأحزاب بما فيها حزب النور، وأكدت الحفناوى انه حتى فى حال إذا لم يتم حل هذه الأحزاب فإن الشعب المصرى سيقاطعهم نظرا لأن الشعب لن ينخدع فيهم مرة أخرى. وأضافت أنه على الأحزاب التى تؤمن بثورتى الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو والتى تعمل على مصلحة الوطن، أن تقوم بالعمل على عدم رجوع قوى الثورة المضادة (الفلول والإخوان)، وأن تعلى مصلحة الوطن على حساب المصلحة الحزبية، وأكدت أنه فى حال تحقيق هذا فإن نسبة هذه القوى الظلامية لن تزيد عن 15 % من مقاعد البرلمان. كما ناشدت الحفناوى جميع القوى السياسية أن تتحد لكى نصل إلى برلمان إلى حد ما ينتمى للثورتين المجيدتين اللتين قاما بهما الشعب المصرى. من جانبه رفض محمد كروم الخبير فى شئون الجماعات الإسلامية مصطلح الإسلام السياسى، حيث أوضح أن هذا المصطلح غير سليم فالإسلام واحد ولا يصح تقسيم الدين إلى ما هو سياسى وغير سياسى، وان كل مصطلح يقسم الإسلام فهو مصطلح منبوذ ومرفوض هدفه تقسيم أبناء الدين الواحد . وأكد كروم أن أغلب الأحزاب الدينية هى أحزاب من ورق ولا يوجد لها شعبية فى الشارع المصرى إضافة إلى أن الشعب المصرى أتاح لهم فرصة العمل والحكم إلا أنهم قابلوا ذلك بمزيد من محاولة الفرقة بين المصريين وتكفيرهم مما أدى إلى تقديم صورة سيئة عن الدين الإسلامي الذي يزعمون العمل باسمه وتحت رايته. وأكد أن أغلب هذه الأحزاب مرتزقة خدموا الإخوان للحصول على الأموال والمكاسب السياسية، ووصل الأمر إلى أنهم أقاموا ما سموه بتحالف دعم الشرعية وفشلوا فى تحقيق ما أرادوا تنفيذه فى النهاية، مشيرا إلى أن كل هذه الأحزاب إلى زوال حيث انهم لم يقدموا إلا كل شيء فى حق الشعب المصرى، وكل الاحزاب المتبقية على الساحة المصرية الان هى أحزاب كرتونية ليس لها أى وجود فى الشارع المصرى . وعن علاقة حزب النور بالإخوان المسلمين أوضح كروم أن حزب النور ليس ظهيرا سياسيا للإخوان ولكنه يبحث عن مصلحته، حيث انه بدأ ينتقده لانه لم يأخذ القدر الذى يرضيه من كعكة الدولة المصرية من وزارات ووظائف سياسية، إضافة إلى أن الإخوان كانوا يعاملون حزب النور وقياداته معامله التابع، وليس الحليف، مشيرا إلى أن حزب النور يحسب له انه لا يستبيح الدم المصرى مثل جماعة الإخوان. وعن الطريق الأمثل للتعامل مع أحزاب الإسلام السياسى أكد كروم أن المواجهة مع هذه الاحزاب يجب أن تكون مواجهة شاملة حيث يجب التعامل معها فكريا، وعلى كبار المفكرين أن يقوموا بمراجعة هؤلاء فى فكرهم حتى يستطيع المصريون العيش فى نسيج واحد كما كانوا طوال عهدهم، وأن يتم التعامل معهم سياسيا من خلال الشخصيات السياسية المحترمة التى لها باع كبير فى السياسة لمراجعتهم فى افكارهم المتطرفة سياسيا.