أثار الاقتراح الذي تقدم به الدكتور خالد حنفي وزير التموين والتجارة الداخلية، بإنشاء المركز اللوجيستي العالمي للسلع الغذائية، بالتعاون مع وزارتي النقل والإسكان في محافظة دمياط، جدلاً بين الخبراء على الصعيد الاقتصادي، لاسيما بعدما رحب الرئيس عبد الفتاح السيسي بالمشروع . وتباينت آراء الخبراء والاقتصاديين حول هذا المشروع، إذ رأى البعض أن المشروع يعد بداية جيدة لإنشاء مناطق استثمارية للغلال في مصر، في حين اعترض البعض مؤكدين أن القوانين الدولية تمنع التجارة في إنتاج الغير. لذا استطلعت « النهار» آراء عدد من الخبراء والاقتصاديين حول هذا الأمر، ومدي قانونيته وجدواه الاقتصادية على مصر.. في البداية اعترض نادر نور الدين، مستشار وزير التموين السابق، على المشروع الذي تقدم به وزير التموين، معللا ذلك بأنه «مشروع غير علمي وغير قانوني»، لأن القوانين الدولية تمنع التجارة في إنتاج الغير، مشيرًا إلى أنه لا يوجد أي فرع لأي بورصة عالمية إلا في الدولة التي تنتج المادة المصدرة فقط. واستشهد نور الدين بالقمح الأمريكي، قائلا إنه يدار في البورصة الأمريكية فقط ولا يمكن لأي دولة في العالم أن تستورد القمح الأمريكي ثم تعيد تصديره، إذ إن قوانين البورصات العالمية تمنع ذلك. وتابع نور الدين حديثه ل» النهار» قائلاً:»ماذا مثلا لو قامت مصر بتسميم القمح الأمريكي بسبب التخزين الخاطئ؟!، إذ إن التخزين الخاطئ للقمح يساهم في نشر سموم الأفلاتوكسن، مشيرًا إلى أن هذا أحد الأسباب التي تمنع بورصات العالم الدول غير المنتجة للشيء من تصديره «وما يقوله خالد حنفي يعد جهلا مطبقا». وأوضح نور الدين أنه أيضاً على سبيل المثال لا يمكن لروسيا أن تستورد البرتقال المصري ثم تعيد تصديره فهذا ممنوع لأنها تتاجر في بضاعة غيرها والقاعدة العالمية هي ممنوع تصدير المستورد، ولا يمكن لأمريكا مثلا أن تستورد القمصان المصرية ثم تلوثها بميكروب الجرب وتعيد تصديرها للإساءة للمنتج المصري لهذا غير مسموح لأي دولة بتصدير غير منتجاتها فقط، منوها إلى أنه لو كان رأي خالد حنفي صحيحا لافتتحت أمريكا مثلا فروعا لبورصة القمح بها في إسبانيا أو فرنسا أو اليونان أو إيطاليا وجميعها دول تطل على البحر المتوسط وفي مكان متوسط من العالم وتنتمي إلى حلف شمال الأطلنطي التابع لأمريكا ولكن قوانين التجارة العالمية تمنع ذلك تماما. وأضاف نور الدين أن قيام أمريكا أو روسيا على سبيل المثال بتخزين قمحها وحبوبها في صوامع تقيمها في المواني المصرية أمر مستحيل لأن الأمن القومي يمنع تواجد الأجانب في المواني المحلية، مع العلم أن هذا الأمر ليس في مصر فقط ولكن جميع دول العالم تحرص على ذلك حتى لا تتحول إلى قواعد للتجسس عليها، وعلى حركة دخول وخروج السفن منها بالإضافة إلى أنها ستكون مثل القواعد العسكرية تماما ممنوع دخول المصريين فيها بتاتا ويديرها أصحابها فقط. بينما عارضته في الرأي الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، معتبرة اقتراح وزير التموين بإنشاء مشروع المركز اللوجيستي العالمي للسلع الغذائية في دمياط، فكرة جيدة، خاصة وأنه سيجعل مصر مركزاً عالمياً لتخزين وتداول الحبوب والغلال، ومن ثم سترتفع معدلات تداول الغلال والسلع الغذائية سنوياً لتصبح 65 مليون طن سنويا. وأضافت الحماقي أن هذا المشروع إذا تم تنفيذه سيساهم في جذب الكثير من الاستثمارات من أجل إنشاء مناطق استثمارية للغلال في مصر خاصة وأن مصر ستقوم وحدها بإنشاء نحو خمسة مناطق استثمارية على أن تسنح الفرصة أمام البلدان العربية والأجنبية للاقتداء بها وإنشاء مناطق استثمارية مماثلة. وتابعت أن هذا المشروع سيعد بداية لإنشاء صوامع وقباب تخزينية حديثة، والتي ستلعب دوراً إيجابياً في حماية الغلال والحبوب من الفساد، بحيث لا تتكرر ظاهرة فساد الحبوب الغذائية، فضلاً عن أنها ستعد المنطقة الأساسية لتداول الدقيق حيث إنه سيتم إنشاء منطقة صناعية للمطاحن الأمر الذي سيحد من ظاهرة تهريبه حتى لا يتم بيعه في السوق السوداء. وأيدتها في الرأي الدكتورة ماجدة شلبي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، قائلة إن هذا المشروع سيعد بداية للربط بين المناطق التخزينية والصناعية، الأمر الذي سيساهم في خفض تكاليف النقل والتعبئة، خاصة وأنه سيتم استخدام الأنظمة التكنولوجية الحديثة به، وهذا ما ستفضله الكثير من البلدان العربية والأجنبية التي دائما ما تواجه صعوبات في هذا الأمر. وأوضحت شلبي أن هذا المشروع إذا تم تنفيذه فسيكون الرابط التجاري بين دول العالم، ومن ثم سيعود بالنفع الكبير على الاقتصاد القومي خاصة وأنه سيجذب الكثير من الاستثمارات العربية والأجنبية من جديد لمصر، فضلاً عن أن هذا المشروع سيساهم في ترويج وانتعاش الكثير من الصناعات الغذائية على رأسها السكر ومنتجات القمح من دقيق ومكرونات ومعجنات وزيوت وغيرها.