فى خطوة تمهد لفتح صفحة جديدة فى العلاقات المصرية الأمريكية، بعد حالة التوتر التى اتسمت بها طيلة الشهور الماضية عقب عزل محمد مرسى، قرر الرئيس الأمريكى باراك أوباما، شحن الطائرات الأباتشى العشر التى اتفق على تسليمها لمصر فى أبريل الماضى، لتمكين الجيش المصرى من التصدى للإرهابيين فى سيناء. وتتكون الصفقة من 10 طائرات أباتشى، كانت مصر أكدت أنها تحتاجها لإجراء عمليات مكافحة الإرهاب فى سيناء، وتأمين الحدود، والقضاء على التنظيمات المتطرفة المسلحة. وأبلغ وزير الخارجية الأمريكى، جون كيرى، نظيره المصرى سامح شكرى خلال اتصال هاتفى، اعتزام بلاده المضى قدماً نحو إرسال طائرات الأباتشى إلى مصر. وأكد بيان صادر عن الخارجية الأمريكية، أمس، أن «كيرى» أكد ل«شكرى» أن الولاياتالمتحدة تؤمن أن طائرات الأباتشى هى وسيلة مهمة فى دعم الجهود التى تبذلها الحكومة المصرية لمكافحة الإرهاب، وأن الجانبين ناقشا الجهود المصرية الحالية لمواجهة تهديدات الجماعات المتطرفة خاصة فى سيناء، وأن «كيرى» جدد دعم واشنطن للدور الذى لعبته مصر فى التوصل إلى وقف إطلاق النار بين الفلسطينيين، وإسرائيل، كما تطرق النقاش إلى الجهود الإقليمية لمكافحة الإرهاب. وكان «أوباما» أعلن قبل أيام عن الاتجاه لتشكيل تحالف فى الشرق الأوسط لمواجهة مخاطر الإرهاب الناجمة عن التنظيمات المتطرفة وأبرزها تنظيم «داعش» الإرهابى. وأبلغ وزير الدفاع الأمريكى تشاك هيجل، نظيره المصرى صدقى صبحى، فى أبريل الماضى، أن أوباما قرر تسليم الجيش المصرى 10 مروحيات من طراز أباتشى، لدعم جهود مصر فى عمليات مكافحة الإرهاب بسيناء. وتعد هذه الخطوة بداية فى تغير العلاقات بين القاهرةوواشنطن التى اتسمت بالتوتر خلال الفترة الأخيرة بعد عزل الرئيس محمد مرسى، وتعليق المساعدات العسكرية فى أكتوبر الماضى. وتقدم واشنطن لمصر نحو 1.5 مليار دولار مساعدات سنوية، بينها 1.3 مليار مساعدات عسكرية، منذ توقيع القاهرة معاهدة السلام مع إسرائيل المسماة كامب ديفيد عام 1979. وأشاد دبلوماسيون بإعلان الولاياتالمتحدةالأمريكية، أمس الأول، عن تسليم القاهرة صفقة طائرات أباتشى لحساب الجيش المصرى، فى أسرع وقت، بعد تجميدها فى أعقاب عزل «مرسى»، واعتبروا أن اتخاذ واشنطن لهذه الخطوة جاء نتيجة لتخوفها من تمدد نشاط الجماعات الإرهابية فى المنطقة. ووصف السفير السيد أمين شلبى، المدير التنفيذى للمجلس المصرى للشئون الخارجية، قرار الولاياتالمتحدة ب«الإيجابى»، وأشاد بالجهود الدبلوماسية التى بذلها المسئولون المصريون، فى الفترة الأخيرة وأسهمت فى اتخاذ مثل هذا القرار، وأكد أن مشاركة رئيس الوزراء إبراهيم محلب فى القمة الأفريقية الأمريكية، ولقاءه وزيرى الخزانة والتجارة الأمريكيين، ومباحثاته معهما، نتج عنها تفهم كبير من قبل الإدارة الأمريكية، ورغبة فى استئناف التعاون مع القاهرة، وأشار إلى أن قرار الإفراج عن صفقة الأباتشى، تبع ما شهدته الولاياتالمتحدة من جدية مصر فى تطبيق خارطة طريقها. وقال محمد الشاذلى، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، إن الدافع الأساسى وراء هذا الاتجاه الأمريكى، يعود إلى تخوف الولاياتالمتحدة من غرق منطقة الشرق الأوسط فى الدماء التى تسيلها الجماعات الإرهابية فى عدة دول عربية، وأكد أن الخطوة الأمريكية تنم عن وعى الولاياتالمتحدة، بأن مصر لم تعد تعتمد عليها كلياً الآن، مشيراً إلى صفقات السلاح التى أبرمتها القاهرة وموسكو. واتفق ناجى الغطريفى، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية مع الشاذلى، مؤكداً ما وصفه ب«تغير الوضع الأمنى فى الشرق الأوسط، بسبب المد الإرهابى للدولة الإسلامية وغيرها، ما دفع الولاياتالمتحدة لمحاولة تجنب مخاطره، بمد مصر بما يمكنها من حماية نفسها ومكافحته». وفيما يخص مسألة التخوف الأمريكى من اعتماد مصر على بدائل استراتيجية أخرى مثل روسيا، قال الغطريفى: «بعيداً عن هذا التخوف وما قد يتبعه من تغيير فى السياسة الأمريكية تجاه مصر، فمن اللازم أن تنوع مصر مصادر تسليحها، كى لا تصبح رهينة لأى من الدول، لكن الولاياتالمتحدة كانت وستظل مصدر التسليح الأول لمصر».