أكد تقرير للمركز الإقليمي للدراسات, أن هناك مؤشرات عديدة حول وجود مد شيعي في السودان، برعاية إيرانية من بينها زيادة عدد معتنقي المذهب الشيعي وانتشار الحسينيات، ما يهدد بازدياد النزعات الطائفية ويمهد الطريق لعدم الاستقرار السياسي والاجتماعي. وأشار التقرير , أنه على الرغم من ذلك، فإن الأجهزة الرسمية السودانية لم تتخذ إجراءات جدية لمواجهة الانتشار الشيعي في السودان، إلا أن قوى إسلامية تتبنى منهجاً مضاداً للتشيع، يقوم بالأساس على استخدام عدة أدوات، مثل التظاهر ضد الشيعة وقياداتهم، وعقد مؤتمرات وندوات توعوية، والحشد الإلكتروني لمواجهة التشيع. وتتعدد مؤشرات تنامي المد الشيعي في السودان، ومنها تزايد أعداد الشيعة السودانيين، فعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية دقيقة لأعداد الشيعة في السودان؛ إلا أن التقديرات غير الرسمية ُتشير إلى وجود ما بين ۱۰ و۱۲ ألف شيعي. وطبقاً لتقديرات أخرى غير رسمية أيضاً وصل عددهم إلى ۱۳ ألفاً عام ۲۰۱۳، حيث يضم هذا التمدد فئات ُتعتبر متعلمة ومثقفة إلى حد بعيد. ويعد انتشار الحسينيات الشيعية، ملمحاً ثانياً لازدياد التشيع فوصل عددها في الآونة الأخيرة إلى ما يقرب من ۱5 حسينية، وفقاً لتقديرات غير رسمية، ذلك فضلاً عن سيطرة الشيعة على عدد من المساجد والزوايا في مختلف أرجاء الدولة. ويتسم التواجد الشيعي في السودان بالتمدد الجغرافي، إذ لم يعد يقتصر على منطقة جغرافية بعينها، بل امتد ليشمل العديد من المناطق أبرزها مناطق واسعة من العاصمة الخرطوم وشرق النيل والنيل الأبيض وكردفان، وهو ما يؤكد وجود نية لدى الشيعة لعدم التمركز في منطقة واحدة، والتوسع بشكل أفقي، في إشارة إلى زيادة عددهم، فيما ُيعرف ب"لا مركزية التشيع". وترجع عملية التمدد الشيعي في السودان إلى عدة أسباب بحسب التقرير، بعضها يرتبط بعوامل داخلية تتصل مباشرة بالبيئة السودانية، فيما يتعلق بعضها الآخر بعوامل الاختراق الخارجي للسودان. فعلى صعيد العوامل الداخلية يأتي في مقدمتها؛ تقاعس السلطات الحكومية الرسمية عن مواجهة هذا التوجه، بل على العكس من ذلك فقد وفرت أجواء مناسبة للتشيع عبر التركيز على فكرة "الأمن السياسي" لمواجهة قوى المعارضة دون النظر للتحديات الأخرى، التي أصبحت تمثل خطراً على أمن واستقرار السودان. أما على صعيد العوامل الخارجية، فيتقدمها الاختراق الإيراني الشيعي للسودان، والذي نتج عن تكثيف وتوطيد العلاقات بين الخرطوموطهران، مما فتح الطريق أمام عملية اختراق ثقافي شيعي منظم داخل السودان؛ مارست فيها المستشاريات والمراكز الثقافية الإيرانية دوراً بارزاً؛ فتقوم المستشارية الثقافية الإيرانية في الخرطوم بالترويج للغة الفارسية والمذهب الشيعي، وتسعى لتعميق العلاقات الثقافية مع كافة الجهات ذات الصلة، كالصحف والجامعات ووزارة الإرشاد والأوقاف، وتنظم حفلات ذات طابع شيعي، إلى جانب إنشاء ورعاية المراكز الثقافية الإيرانية، وخاصة المركز الثقافي الإيرانيبالخرطوم، والتي تعتبر الواجهة التي تتستر خلفها إيران للترويج للمذهب الشيعي في السودان. ونشطت المستشارية الثقافية في إنشاء المكتبات العامة وتغذيتها بالكتب التي تروج للمذهب الشيعي، حيث تعمل تلك المكتبات على نشر الأفكار الشيعية بشكل مكثف، وهو ما ساهم في دخول أعداد كبيرة من الطلاب في المذهب الشيعي. تفرض قضية اتساع نطاق المد الشيعي في السودان حزمة من التأثيرات المحتملة التي تحمل في طياتها عدة مخاطر، منها؛ تزايد احتمالات نشوب صراع مذهبي، إذ لم يعد خافيا أن التشيع في السودان أصبح ُينذر بإمكانية اندلاع صراعات ذات طابع مذهبي بين السنة والشيعة، لا سيما مع انتشار النزاعات والحروب الطائفية في كافة الدول العربية، وهو ما عبر عنه العديد من السياسيين والدوائر المقربة من السلطة في السودان، فقد أكد الصادق المهدي، في خطاب في ديسمبر ۲۰۱۳ الماضي على أن المكون الشيعي أصبح ُيشكل طرفاً هاماً في المعادلة السياسية في السودان، مشيرا إلى أن السودان يشهد ثلاثة اشتباكات، من بينها الاشتباك السني-الشيعي. ومن بين النتائج المترتبة على الاختراق الشيعي اتساع نطاق النفوذ الإيراني في السودان، خاصة في ظل اتجاه طهرانوالخرطوم إلى تأسيس شراكة استرايتجية تهدف إلى التنسيق في عدد من الملفات الإقليمية.