استطاعت روسيا أن تلعب دورا محوريا في مجريات الأحداث في مصر منذ اندلاع ثورة 30 يونيو التي أطاحت بحكم الرئيس الإخواني محمد مرسي حيث أظهرت الإدارة الروسية تأييدها لمتطلبات المصريين في الإطاحة بالنظام الذي عمل على إقصاء الجميع من أجل الوصول إلى هدف واحد هو أخونة مصر الأمر الذي انعكس بالإيجاب على المصريين الذين باتوا يتطلعون إلى مزيد من تقوية أواصر العلاقات مع روسيا. واليوم وصل الرئيس عبد الفتاح السيسي في ثاني زيارة له منذ الإطاحة بمرسي إلى الأراضي الروسية للقاء الرئيس فلاديمير بوتين للتباحث بشأن مجمل الأوضاع الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط وفي مقدمتها الأوضاع في قطاع غزة وليبيا إلى جانب الأوضاع في العراق، وضرورة الحفاظ على وحدته الإقليمية، وكذا الأزمة السورية، وأهمية التوصل إلى تسوية تحفظ وحدتها الإقليمية وتصون أرواح مواطنيها. تقدير روسي ولكن وعلي الجانب الآخر فقد أظهر الاستقبال الحافل للرئيس السيسي في الزيارتين مدى تقدير الدولة الروسية له وذلك على العكس من سابقه المعزول محمد مرسي والذي أوجدت زيارته إلى روسيا حالة من الغضب بين صفوف المصريين الذين وجدوا فيه تمثيلا غير مشرف لبلادهم في بلاد "الدب الروسي". فمنذ قليل هبطت طائرة السيسي في مطار "سوتشى"، حيث التقى وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف حيث صافح الرئيس أعضاء الوفد الروسى، ثم تفقد الفرقة العسكرية التي عزفت السلام الوطنى لمصر وروسيا، وقد أظهر الاستقبال حفاوة بالغة بالرئيس حيث إن استقبال لافروف – الرجل القوى في الكرملين ومهندس الدبلوماسية الروسية منذ عدة سنوات- له يعد أمرا نادرا في البروتوكول الروسي حيث وزراء أقل درجة يستقبلون الضيوف الأجانب الأمر الذي يوحي بأن الاستقبال يحمل دلالة خاصة كما رافق سرب من مقاتلات (سوخوي) طائرة السيسي حتى هبوطها في مطار سوتشي الأمر الذي يؤكد مزيدا من التأكيد على أهمية الزائر. الزيارة الأولى وعلي نفس طريقة الاستقبال المشرف فقد كانت الزيارة الأولى للرئيس السيسي - وزير الدفاع والإنتاج الحربى في ذلك الوقت- لروسيا في فبراير الماضي محل اهتمام كبير من المسئولين الروس وفي مقدمتهم الرئيس فلاديمير بوتين والذي استقبل السيسي في الكرملين بشكل حافل يظهر عليه الاحترام حيث كان من المقرر أن تقتصر الزيارة على محادثات مع نظيره وزير الدفاع سيرغى لافروف إلا أن بوتين قام باستقبال السيسي باعتباره ممثلا للثورة المصرية وليس فقط كوزير للدفاع أما على الصعيد الشعبي فقد حرص الروس على استقبال المشير –آن ذاك- باعتباره بطلًا قوميًا. إهانة المعزول وبمقارنة بسيطة بين استقبال السيسي اليوم وسابقا يظهر الإهمال الذي قوبل به في روسيا الرئيس المعزول محمد مرسي والذي زار المدينة نفسها (سوتشي) وكان في استقباله عمدتها. أما الرئيس بوتين والذي استقبل الرئيس السيسي قبل أن يتولي الرئاسة فقد استهان بالمعزول وقابله في مدينة "سوتشى" أثناء متابعته لدورة الألعاب الأوليمبية الشتوية كما بدت مدى استهانة الدولة الروسية بمرسي في بداية زيارته حيث قام الأمن الروسى بتفتيش الطائرة الرئاسية ومنع نزول الحرس الجمهورى وسمحت لمرسي بالنزول منفردا، في حين رفض الرئيس الروسى استقباله في المطار. وبلغت الإهانة مداها حينما تم التنبيه على مرسي بأن وقت بوتين لن يسمح سوى بأقل من ساعة فيما تعمد الرئيس الروسي الحديث عن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر رافضا تقديم أي تعاون مع الدولة المصرية أو تحقيق أي مطلب تقدم به الرئيس المعزول، حيث أخبره عمدة سوتشى أن هناك صعوبة في إقامة أي تعاون مع مصر حاليا ردًا على عرض مرسي بإحداث تعاون تجارى مشترك.
