"الجيش موقفه ثابت ولا يتغير ولو خرج المصريون ضد السيسى فى مظاهرات مليونية تطالب برحيله سيتدخل الجيش بقيادة الفريق أول صدقى صبحى، وزير الدفاع، وينحاز إلى الإرادة الشعبية ويعزل السيسى لأن القوام الرئيسى للجيش المصرى من المجندين المدنيين، فلو انحاز الجيش مع السلطة ضد الشعب سيتفكك الجيش وقيادة الجيش تدرك هذا ومن ثم لا يملك الجيش إلا أن يعزل أى حاكم حتى ولو كان عبدالفتاح السيسي".. هكذا أكد الدكتور عمار على حسن، الباحث الاجتماعى السياسى وأستاذ علم الاجتماع السياسى فى حواره مع "المصريون".. والى نص الحوار: *فى البداية ما أبرز التحديات التى يواجهها السيسى فى الوقت الحالي؟ **رغم أن الجميع يتحدث على أن السيسى يواجه تحديات اقتصادية وأمنية وسياسية وتحديات فى إدارة العلاقات الدولية والإقليمية لكننى أرى أن التحدى الرئيسى يتمثل فى كيفية الحفاظ على رصيد الثقة وعليه أن يدرك أن الثقة التى توفرت له وهى كبيرة جدًا ليست رصيدًا مغلقًا ولا نهائيًا وإنما هى قابلة للتآكل والتناقص إذا تناقضت الأفعال مع الأقوال وإذا لم يشعر الناس بإنجاز مادى أو سلك أسلوب معوج على غرار مَن سبقوه على كرسى الحكم. *كيف تقرأ مستقبل مصر من خلال خطابات السيسي؟ خطابات السيسى مقلقة وكنت أتوقع منه أن يكون أكثر تماسكًا ووضوحًا وأكثر خبرة ودراية بإدارة الدولة بأن يتخذ إجراءات سريعة لوضع برنامج شامل يتم عرضه على المصريين واختيار أركان حكمه بطريقة مختلفة عن الطريقة القديمة التى تعتمد على أهل الثقة على حساب أهل الخبرة كل هذه الأمور حتى الآن لم تتخذ حتى الآن ولن ينتهى هذا القلق إلا إذا شاهدت أفعالاً على أرض الواقع. *هل نجح السيسى أن يثبت للعالم أن ما حدث فى 30 يونيو ثورة حقيقية خاصة بعد المواقف غير الواضحة لبعض الدول الأوروبية وأمريكا وكذلك الاتحاد الإفريقى بعد تعليقه عضوية مصر آنذاك؟ ** من نجح فى ذلك هو الشعب المصرى عن طريق التفافه حول ما حدث فى 30 يونيو وعدم استجابته لدعوات الإخوان من أجل الحشد المضاد ولو لم يحدث هذا لكان العالم قد اتخذ موقفًا مغايرًا تمامًا حتى لو حدث تقدم فى خارطة الطريق لأن رمانة الميزان هو الشعب. * ما تصورك لشكل الحكومة بعد الانتخابات البرلمانية القادمة؟ وهل سيكون لحزب النور نصيب منها؟ **هذا يتوقف على شكل البرلمان المقبل, فإذا جاء برلمان مفتتًا مفككًا لا يحظى فيه حزب معين بأغلبية ظاهرة؛ فإن هذا سيمكن الرئيس من اختيار مَن يشاء رئيسا للوزراء وقد يطرح الثقة فى محلب لكى يستمر, أما إذا حاز حزب على الأغلبية سوف يشكل الحكومة أو يطالب أن يكون بها, ونصيب حزب النور سيتوقف على حجم تمثيله فى البرلمان. * كيف ترى شكل البرلمان القادم؟ **سيكون غير واضح المعالم وأجزاؤه مشتتة مفككة, والأغلبية ستكون للمستقلين وسيكونون متنازعى الأهواء والمصالح والخلفيات السياسية والنقطة الأبرز التى سوف تمثله هى إمكانية ضمه مجموعة من الكفاءات التشريعية والتى تؤدى دورها الرقابى بشكل جيد أم لا, وفى حالة ضمه مجموعة من الكفاءات نظيفة اليد المخلصين لهذا الوطن بالقطع سيشكل رافعة للتقدم إلى الأمام، وإذا حدث العكس سيساعد على توحش السلطة وعودة بعض السلوكيات والتقاليد القديمة الضارة فى ممارسات الحكم وأتصور انه سيكون مرفضًا بصورة شعبية. **كيف ترى التعامل مع الملف الأمنى فى الوقت الحالى؟ وهل السيسى ينتهج نفس طريقة مبارك؟ **الشرطة تواجه إرهابًا والشعب يتفهم هذا, ولكن عليها أن تمارس القوة فى مواجهة الإرهاب فى إطار القانون وعدم التوسع فى دائرة الاشتباه واستعمال الأساليب الخشنة القديمة, وأن تدرك السلطة السياسية التى تواجه أجهزة الأمن, أن الحل الأمنى هو جزء من الحل ليس كل الحلول. * ما مصير المظاهرات المستمرة لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسى؟ وهل تجاهلها من قبل السلطة يجعل مصيرها مثل ما حدث مع مبارك ومرسى؟ **أهداف هذه المظاهرات جزافية، وفى الغالب الموطنون يتظاهرون من أجل أهداف محددة أو مطالب قابلة للتنفيذ فيمكن عندها أن تستجيب السلطة لكن هم يتظاهرون من أجل إعادة محمد مرسى أو ما يسمونه كسر الانقلاب أو من أجل إنهاك الدولة أو الانتقام من المجتمع، فلا يمكن لمثل هذه المظاهرات أن تحدث تعاطفًا شعبيًا, وفى مصر توجد قاعدة عامة تقول إذا أردت أن تمتلك تعاطفًا كبيرًا والتحامًا من جميع فئات الشعب لا بد أن تتبنى مطالب عامة وليس خاصة كما يفعل الإخوان أو أتباعهم. * هل تتوقع أن يطلق السيسى مبادرة للصلح تتضمن قرارات عفو عن الكثير من المعتقلين فى السجون المصرية ومشاركة التيار الإسلامى فى السلطة؟ **القرار ليس فى يده وإنما فى يد الشعب وأتصور أن هذه الخطوة ستغضب قطاعات كبيرة من الشعب نتيجة أن ما يفعله الإخوان فى الشارع الآن تطور من فكرة مواجهة السلطة إلى مواجهة الشعب عن طريق الاستمرار فى إنهاك الاقتصاد ونعت الموطنين بعبيد البيادة والسخرية منهم فخلقت رأيا عامًا مضادًا لهم وهذه هى المرة الأولى فى تاريخهم ألا يصبح خلافهم مع السلطة فقط بل امتد إلى الشعب أيضًا. *ما السر وراء تمسكك بالاعتراف بثورة 25 يناير رغم تراجع الكثير من الإعلاميين والسياسيين عن الاعتراف بكونها ثورة ووصفوها بالفوضى والنكسة؟ **مَن كان يعرف المشهد السياسى المصرى قبل يناير 2011 وما يتعلق بحجم الجشع لسلطة مبارك أو المطالب الإصلاحية التى لم تستجب لها السلطة حينها ثم رأى الملايين فى الشوارع لا يمكنه أن يقول إن ما حدث غير أنه ثورة ومن يصفونها بأقل من ذلك فهم مغرضون يريدون التقليل من حجم ما جرى رغبة فى تخفيف المطالب على السلطة الحالية أو السلطات السابقة. *ما تعليقك على قرارات الحكومة برفع أسعار الطاقة والكهرباء وغيرها من الأمور التى تزيد الأعباء على المواطن؟ **هى خطوة بها قدر كبير من المجازفة فلم يجرؤ أى رئيس على اتخاذ مثل هذه القرارات لأن كلفته السياسية مرتفعة وحكومة محلب والسيسى غامرا وكان من الضرورى عدم الإقبال على مثل هذه القرارات دون وجود إجراءات تقلل من أثاره السلبية مثل محاربة الفساد وكسر الاحتكارات ودخول الدولة فى عملية التوزيع؛ فهم يقولون إن هذه القرارات فى صالح الفقراء لتوفير بيئة صحية ومعيشية جيدة ولكن لابد أن يعلم أن آثارها بعيدة المدى مقارنة بآثار إلغاء الدعم لأنها ضاغطة أكثر على الطبقات الفقيرة والمهشمة. * ماذا تتوقع فى حالة عدم استجابة الحكومة للشعب واستمرار ارتفاع الأسعار؟ **سيحدث انفجار اجتماعى وغضب عارم وشحن سلبى ضد السلطة الحالية. *ما رأيك فى فرض ضرائب على رجال الأعمال؟ **لا بد من فرض ضرائب على الأغنياء بأكثر من 5 % لأنهم رجال أموال وليس رجال أعمال، وهم عبارة عن طبقة "طفيلية" و"أنوويين" غير مشغولين بالمصلحة الوطنية، وانتظار تبرعات منهم شيء يوصف بالسذاجة؛ ففى العالم الغربى الأغنياء يدفعون ضرائب تصاعدية بمبالغ كبيرة عن طيب خاطر مقابل توفير الدولة لها جميع الإمكانيات. *ماذا سيكون موقف الجيش لو تصاعدت الاحتجاجات ضد الرئيس عبد الفتاح السيسى وسياساته التقشفية؟ ** الجيش موقفه ثابت ولا يتغير ولو خرج المصريون ضد السيسى فى مظاهرات مليونية تطالب برحيله سيتدخل الجيش بقيادة الفريق أول صدقى صبحى، وزير الدفاع، وينحاز إلى الإرادة الشعبية ويعزل السيسى لأن القوام الرئيسى للجيش المصرى من المجندين المدنيين فلو انحاز الجيش مع السلطة ضد الشعب سيتفكك الجيش وقيادة الجيش تدرك هذا، ومن ثم لا يملك الجيش إلا أن يعزل أى حاكم حتى ولو كان عبد الفتاح السيسي. *ما رأيك فى قانونى التظاهر ومد الحبس الاحتياطى ؟ **قانون التظاهر الحالى هو من أجل منع التظاهر وليس تنظيمها كما ينص عليه الدستور لأن المظاهرات تنبه السلطة بأن هناك خللًا لابد أن يعالج وغيابها يؤدى إلى انفجار شامل فى المجتمع ومد الحبس الاحتياطى بدون مدة محددة يضر بالعدالة وعودة إلى قانون الطوارئ فى عصر مبارك. · كيف ترى أحكام الإعدام التى تتم ضد قيادات الإخوان بالجملة ؟ ** الأصل فى هذا الموضوع أنه لا يجوز التعقيب على أحكام القضاء لكن إجراءات التقاضى فى مصر تتضمن تصحيح بعض الأخطاء وأن القرارات التى صدرت لم تكن أحكامًا وإنما قرارات تحويل للمفتى والحكم الذى صدر خفف أحكام الإعدام من 529 فى الحالة الأولى وأكثر من 600 فى الحالة الثانية إلى بضع عشرات وسيتم نقضها مرة أخرى، وتقاليد محكمة النقض تقول إن 90% من أحكام الإعدام يعاد نظرها أمام دوائر أخرى، وأتوقع أن الكثير منها سيخفف أو يلغى بشكل نهائي. · وكيف ترى نظر المحكمة الدستورية بعض الطعون على بعض القرارات خاصة وأن مصدرها هو رئيسها؟ ** أنا كنت ضد عودة المستشار عدلى منصور بعد انتهاء فترة رئاسته إلى منصبه بالمحكمة الدستورية العليا ولكنه أعلن عدم وجوده فى أثناء نظر هذه القوانين، ولكن نطالبه بالالتزام بقراره وإطلاعنا على أسماء القضاة الذين ينظرون هذه القوانين. · هل تعتقد أن زوجة السيسى ستظهر فى المشهد السياسى فى الفترة القادمة؟ ** ظهور السيدة انتصار السيسى فى المشهد السياسى سيكون عبئًا على السيسى وسوف ينقص من شعبيته خاصة فى الانتخابات المقبلة، وأعتقد أنه يدرك ذلك جيدًا ولن يسمح لها بممارستها خاصة وأن أربع سنوات مدة حكمه ليست بالكبيرة ولأن هذا المنصب الذى ابتدعته جيهان السادات ومن بعدها سوزان مبارك كان سلاحًا للتأثير على بعض الأمور السياسية وأدى إلى هلاك مبارك. · كيف ترى التحالفات الانتخابية التى يسعى بعض الشخصيات المعروفة سياسيًا لإبرامها ؟ ** هى عبارة عن تحالفات فوقية وعابرة وبدلًا من أن تستثمر الفترة ما بعد الانتخابات الرئاسية فى مد نفوذها وزيادة شعبيتها فى الشارع المصرى تتحالف فى العاصمة من خلال القيادات دون أن يكون لها قاعدة فى المحافظات على أرض الواقع وهذا يدل على أنها لن تدوم، والأفضل من هذه التحالفات أن تندمج جميع الأحزاب المتشابهة فى البرامج والتصورات فيصبح لدينا سبعة أو ثمانية أحزاب كبار، والأمر الآخر هو أن تبذل هذه الأحزاب جهدًا مضاعفًا فى الشارع لزيادة شعبيتها وما يفعله السياسى البارز عمرو موسى هى تنسيقات انتخابية وليست تحالفات سياسية.
