روت دماء الشهداء الطاهرة رمال الصحراء الغربية، دافعوا عن تراب الوطن حتى فقدوا أرواحهم مع خروج آخر نفس من صدورهم، وآخر رصاصة أطلقوها من سلاحهم، وتلقيهم رصاصات غادرة من أسلحة ثقيلة جعلتهم ينالوا الشهادة وهم صائمين، 22 ضابطًا ومجندًا من قوة نقطة حرس الحدود بالكيلو 100 بطريق الواحات الفرافرة، رفضوا أن يستسلموا لإرهاب غاشم أراد النيل من كرامة هذا الوطن، كانوا يطلقون الرصاص من أسلحتهم في الوقت الذي يتلقوا فيه رصاصات غدر من أسلحة ثقيلة، وهم يطلقون صيحات الله أكبر، ولسان حالهم يقول نلنا الشهادة ونحن صائمون. أنتقلنا إلى موقع الحادث لنرصد بالكلمة والصورة ما دار من أحداث وتفاصيل استمرت فيها عملية إطلاق النار لساعة كاملة، بين أفراد حرس الحدود وثلاث سيارات جاء بها الإرهابيون إلى ذات النقطة التي هاجموها خلال ابريل الماضي، وحصلنا على إنفراد من مصادرنا التي أكدت أن الحادث الإرهابي الغاشم بدأ بقيام إنتحاري بإيقاف سيارة "تويوتا تايلاندي" سوداء اللون، واندفع نحو المجندين والضباط لإحداث عملية تموية لهجوم غاشم من خلف النقطة بأسلحة "أر بي جيه" من ناحية الحدود الليبية، لتدور معركة استمرت قرابة الساعة، والسطور التالية تروى التفاصيل. بدايه الحادث: أكد شهود العيان، أن الحادث وقع نحو الساعة السادسة، من عصر أمس السبت، عندما كان أفراد النقطة يستعدون للإفطار، منهم من كان يقرأ القرآن في مصحفه، ومنهم من يراقب الطريق من أعلى النقطة، ومنهم من كان يعد طعامًا لأفراد المجموعة، ليفاجأوا بسيارة تويوتا تايلندى دوبل كبينة سوداء اللون، تحمل لوحات معدنية رقم "م ج ر 294"، تقف أمام النقطة، ويهبط منها انتحارى يرتدى حازمًا ناسفًا ليفجر نفسه بعد لحظات من نزوله من السيارة، ليفاجأ أفراد النقطة في نفس لحظة تفجير الإنتحارى بقذائف "أر بى جيه" تنهال على نقطة حرس الحدود من الخلف، من اتجاه الحدود الليبية، لتأتى بعد ذلك سيارتين من الخلف، إحداها سيارة ماركة "تويوتا لاند كروزر بيك أب"، بيضاء اللون، ولا تحمل لوحات معدنية، لينزل منها الإرهابيون ليطلقوا النيران من أسلحه النصف بوصة، والجرينوف باتجاه نقطة الحدود، ليرد عليهم الأفراد من داخل النقطة، وتبادلوا إطلاق النار والذي استمر لمده 37 دقيقة، استطاع خلالها ضابط من أفراد النقطة من قتل ثلاث إرهابين، قبل أن يستشهد ليترك الإرهابين سيارتهم بعد أن غرزت في الرمال، واستقلوا سيارة أخرى بعد أن أخذوا جثث الإرهابين الثلاث وفروا هاربين. اتجاه الهروب: أكد "قصاصي الجرة"، أن الإرهابيون بعد أن نفذوا الجريمة لم يتبق معهم سوي سيارة واحدة "تويوتا تايلاندي" بيضاء اللون، وهربوا بها تجاه محافظة المنيا، لكي يختبئوا في أحد المزارع أو المناطق الجبلية، ورجحوا ذلك لعدم تمكنهم من العودة باتجاه الحدود الليبية، لكونها منطقة رمال ويسهل تعقبهم فيها. التبليغ بالحادث: فور هروب الإرهابيين، بقي على قيد الحياة 8 أفراد من قوة النقطة البالغ عددها 30 فرد، منهم 4 مصابين قاموا بإبلاغ الجهات المختصة في منطقتي الواحات البحرية بالجيزة والمنطقة العسكرية الجنوبية، ليتم على الفور الدفع بسيارات الإطفاء والإسعاف وقوات حرس الحدود، وطائرة لنقل الشهداء والمصابين من موقع الحادث، ليتم بعد ذلك تمشيط المنطقة خلال ليلة الأحد، للبحث عن الفارين وتشديد الكمائن على الطرق الرئيسية والفرعية والمدقات الجبلية لضبط الإرهابيين، حيث انتقلت قيادات المنطقة العسكرية الجنوبية بمديرية أمن الوادى الجديد، إلى موقع الحادث وقوات الدفاع المدنى والأدلة الجنائية، للوقوف على ملابسات الحادث، مع استمرار جهود البحث عن الإرهابيين. دمار شامل: خلف الحادث الإرهابي، دمارًا شاملًا بنقطة حرس الحدود، حيث اخترقت النقطة بالكامل، وانفجر مخزن الذخيرة، مما أدى إلى ارتفاع عدد الشهداء، كما احترقت سيارتين لوري لنقل الجنود والذخيرة، وسيارة تويوتا لاند كروزر بيج آب" مثبت عليها مدفع متعدد، وشملت التلفيات سيارة رابعة اخترقتها طلقات الرصاص، كما اخترق المدفع الجرينوف المثبت، أعلى نقطة حرس الحدود، وتعرض جهاز الرؤية الليلية لبعض التلفيات. في موقع الحادث: قامت قوات الحماية المدنية في الرابعة فجرًا بإخراج جثتين متفحمتين من محيط الوحدة العسكرية، وسط حالة من الانهيار والإستياء الشديد من قبل القوات المتواجده في المكان، الذين سارعوا بوضعهم داخل البطاطين تمهيدًا لنقلهم إلى القاهرة. وصول الهليكوبتر: وفي تمام الساعة الثامنة من صباح الأحد، وصلت طائرة هليكوبتر إلى موقع الحادث، على متنها قيادات عسكرية وخبراء المفرقعات، الذين فور نزولهم من الطائرة طالبوا المتواجدين في محيط الحادث بالإبتعاد عن السيارتين التي تركها الإرهابيون، تمهيدا لفحصهما، وذلك بعد أن قاموا بالتشويش على شبكات التليفون في المنطقة، وقاموا بإرتداء البدل الخاصة بهم، وفي لحظات أخرجوا أجهزة الكشف عن المفرقعات من صناديق وشنط سوداء اللون، وقاموا بفحص السيارتين لمدة نصف ساعة، حيث تبين خلو السيارة من أي مفرقعات، ووجود قنبلتين يدويتين غير موصلة بأى دائرة كهربائية للسيارة الأخرى. تكثيف أمنى: كما شهدت المنطقة المحيطة بالحادث، بعد وصول خبراء المفرقعات، تواجدًا أمنيًا مكثفًا، حيث انتشرت ما يقرب من 15 سيارة "تويوتا لاند كروزر"، تابعة لقوات حرس الحدود، وانتشر الجنود المسلحون بالأسلحة الثقيلة في محيط موقع الحادث وأعلى المناطق الجبلية المحيطة به، كما أنضم إلى قوات حرس الحدود قوات من مديرية أمن الوادى الجديد، وقسم شرطة الفرافرة وقسم شرطة الواحات البحرية، الذين طوقوا المنطقة، ليبدأ رجال البحث الجنائي والتحريات العسكرية في جمع الأدلة التي تفيد في التوصل لأى خيط لكشف هوية الإرهابيين. موقع جديد: وصرح مصدر عسكري، خلال تواجده في موقع الحادث، أنه تقرر نقل موقع النقطة إلى مكان جديد بالقرب من نصف المكان الذي تعرض للحادث، ولكنه يتمتع بأنه سيكون فوق تبه عالية تكشف جميع أرجاء المنطقة من الخلف والأمام والقادم من على الطريق في الإتجاهين، وتذويدها بأحدث الأجهزة حتى تتمكن من التعامل مع تلك العناصر الإرهابية، التي تستخدم أحدث موديلات سيارات الدفع الرباعي، وأقوى الأسلحة الثقيلة. المصابين: كما تبين أن هناك 4 مصابين في الحادث، بينهم ضابط، وتم نقلهم إلى مستشفى الواحات البحرية التي تبعد عن موقع الحادث نحو 100 كيلو، وسط حراسة عسكرية مشددة، لتلقي العلاج ونقلهم إلى القاهرة، إذا لزم الأمر.