تكشف الادوار والسياسات الاقليمية التركية الجديدة نحو العالم الاسلامى والشرقالاوسط خلال عام 2010 أن تركيا حريصة على أن تكون قوة فاعلة واقليمية .فقد أدرك قادة حزب العدالة والتنمية فى تركيا أهمية الشرق الاوسط بوصفه مجالاجغرافيا يقع فى جوار تركيا يمكن أن تلعب دورا اقليميا محوريا دون الاصطدام بقوىعالمية ممانعه .وتحظى تركيا بصورة ايجابية لدى شرائح عربية واسعه كما تستند تركيا الى تقبلدول المنطقة التعاون معها بسبب الموقع والذاكرة التاريخية المشتركة وباعتبارهاقوة جذب جديدة قد تقدم بديلا لادوار قديمة ويمنحها دورا هاما فى لعبة التوازناتوالتناقضات الاقليمية ويجعلها شريكا فاعلا فى رسم بعض السياسات فى المنطقة .ووجدت تركيا الباب مفتوحا أمامها للتحرك فى منطقة الشرق الاوسط فى ظل التنافسوالتصادم ما بين ايران واسرائيل على الادوار والمصالح .ويحمل الدور التركى فى منطقة الشرق الاوسط هذا العام سمات تصب فى عملياتالحراك الاقليمى بشكل متسارع يجعل لها دورا فأصبحت تركيا تسيطر اقتصاديا علىمنطقة الحكم الذاتى الكردى فى شمال العراق من خلال امتلاك قسط كبير من السوقالمحلية واستثمارات مباشرة فى مشروعات البينة التحتية وامتدت علاقاتها بسائرمناطق العراق .واعتمدت تركيا على اتباع مبدأ سياسة السلام الاستباقية لحل المشكلات فىالمناطق المحيطة بها وظهر ذلك فى الوساطة التركية بين سوريا واسرائيل وبينالاطراف المتصارعة فى العراق واليمن .. فعندما حضرت تركيا اجتماعات دول الجوارالجغرافى للعراق استهدفت بلورة رؤية تمنع من الاقدام على تقسيم للعراق وهز خريطةالمنطقة .وفى الازمة اللبنانية كان الدور التركى الوسيط هدفا فى حد ذاته فاعلنت تركيا ذلكصراحة أنها لا تريد التدخل الا بناء لطلب الاطراف المعنية وايضا فى موقعهاالمدافع عن حصار غزه .فتركيا خلال العام الحالى تركز على مبدأين كضرورة للنهوض بانقرة كقوة اقليميةالاول يتمثل بتحقيق الاستقرار الاقليمى والثانى يتمثل بتعميق العلاقات والروابطالاقتصادية وهناك دول عربية كثيرة تشترك مع تركيا فى هذين الهدفين فتركيا هى الدولة الاقليمية الوحيدة فى الشرق الاوسط التى تحتفظ بعلاقات طيبهبكل أطراف الصراعات القائمة فى المنطقة واستطاعت بذلك أن تكون أفضل العلاقات معالجميع دون استثناء مع معسكر الاعتدال العربى ومعسكر الممانعة مع حماس ومع محمودعباس فى فلسطين واسرائيل مع سوريه ومع اسرائيل مع ايران ومع العرب مع 8 أذار ومع 14آذار فى لبنان مع ايران ومع امريكا وهكذا .كما أن الدور التركى يسعى الى تحجيم الدور الاسرائيلى مما عكس التصاعد بينهماوخير مثال على ذلك ما أعلنه رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا فى 5 ديسمبر الحالىمن أن العلاقات مع اسرائيل لن تتحسن قبل أن تقوم اسرائيل بتنظيف البحر المتوسط مندماء الضحايا الاتراك التسعه فى الهجوم الاسرائيلى على قافلة السفن الانسانيةالمتوجهه الى غزه وتريد تركيا من اسرائيل الاعتذار والتعويضات .وعن لبنان أكدت تصريحات رئيس الوزراء التركى أ ردوغان على وقوف تركيا الىجوار لبنان واحتواء التداعيات التى سيسفر عنها القرار الظنى فى قضية اغتيالالحريرى الذى بات وشيكا .كما أشارت تصريحاته الى جدية التوجه التركى تجاه لبنان تحت مظلة المجلسالاستراتيجى الرباعى بين تركيا وسوريا ولبنان والاردن والذى سيجتمع على مستوىالقمه فى مايو القادم .ولعبت الدبلوماسية التركية أدوارا مهمة احيانا فى العلن واحيانا وراء ستار لاقناعدمشق بأهمية مساندة جهود التهدئه بين حماس واسرائيل وكان وزير الخارجية التركى هوالذى وضع اللمسات الاخيرة للاتفاق .ويتضح الدور التركى أيضا فى مطالبة تركيا لاسرائيل فى 6 ديسمبر الحالىبالتوقف عن بناء مستوطنات جديدة فى الاراضى الفلسطينيه وطالبت اسرائيل بتبنى نهجايجابى من جل استمرار مفاوضات السلام مع الفلسطينين ..وفى هذا الصدد قال :الرئيسالتركى عبدالله جول أن على اسرائيل أن تتوقف عن بناء مستوطنات جديده وعن هدممنازل الفلسطينين وأن تتخذ موقفا ايجابيا حتى يمكن لهذه المفاوضات أن تستمر وشددعلى ضرورة وقف المحاولات الرامية لتغيير هوية القدس .كما فتحت تركيا نافذه للحوار بين طهران وواشنطن وهكذا يأتى صعود تركياالاقليمى ليقلص عمليا من النفوذ الايرانى لانه يتواجد فى نفس المنطقة التى تطمحايران اليها بل ويسحب البساط منها خاصة فى القضايا التى تستعملها لصعودهاالاقليمى .