تحقيقات سرية وموسعة تجريها أجهزة مختصة بوزارة الداخلية لمعرفة كيفية تسريب معلومات من قطاع الأمن الوطنى، ساعدت فى اغتيال المقدم محمد مبروك، ومن قبله الشهيد محمد أبو شقرة، وكذا التحقيق فى معلومات انتشرت حول تسريب «الداتا» الخاصة بعناوين وأرقام هواتف وصور الضباط الكبار فى الوزارة والقطاع، ووصولها إلى أيدى عدد من المنظمات الإرهابية، تمهيدا لاغتيالهم، فى نفس الوقت الذى أشارت فيه مصادر إلى قرار وير الداخلية اللواء محمد إبراهيم بعمل مراجعات شاملة لإجراءات التأمين، على كل المستويات داخل فروع قطاع الأمن الوطنى، والوزارة، وضمان عدم تسرب أى معلومات من القطاع تستغل فى استهداف ضباط الداخلية، وشملت إجراءات التأمين الجديدة، طبقا لمصدر أمنى رفيع إزالة وحظر صفحات الضباط من مواقع التواصل الاجتماعى بأنواعها التى تسهم فى معرفة معلومات شخصية، مثل أماكن سكنهم ونواديهم ومدارس أولادهم وصور عائلاتهم، وكذلك التنبيه على الضباط بعدم الإدلاء بمعلومات لأى شخص بخصوص طبيعة عمله أو زملائه، وفى أى مناسبة. وأضاف المصدر نفسه أن اللواء محمد إبراهيم شدد على إجراء تحقيقات مكثفة وسريعة حول ملابسات اغتيال مبروك، وملاحقة الجناة، ومسارعة الزمن للقبض عليهم، بينما يعكف فريق متخصص من قطاع الأمن الوطنى على استجواب البعض ممن لهم صلة بالشهيد وتتبع هاتفه المحمول ورصد تحركاته الأخيرة، مضيفا أن «وزارة الداخلية تعلم بوجود اختراقات لقطاع الأمن الوطنى، وبعض قيادات الوزارة، وهو ما ثبت بعد اغتيال مبروك، الذى تتبعه المسلحون إلى منزله لقتله». وفى الوقت الذى أشار فيه مصدر أمنى مطلع بمديرية أمن القاهرة إلى أن حادثة رصد واغتيال المقدم مبروك، تم تنفيذها بدقة وحرفية هائلة تكشف وجود خيانة من بعض العاملين بجهاز الشرطة أنفسهم، أسهمت فى جعل «محرر قضية تخابر مرسى» صيدا سهلا أمام المتربصين به، اتفق خبراء أمنيون تحدثوا ل«التحرير» على أن جماعة الإخوان بدأت مرحلة النيل من الجهاز السيادى، انتقاما منه بعد عزل مرسى فى أعقاب ثورة 30 يونيو. اللواء مجدى البسيونى الخبير الأمنى، قال إن وزارة الداخلية مستهدفة بصفة عامة من جماعة الإخوان المسلمين منذ الأيام الأولى لثورة الخامس والعشرين من يناير، وبدا ذلك واضحا بكثافة خلال الأيام الماضية الأخيرة، بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسى، لأن هدفهم هو إحداث الفوضى والارتباك داخل أروقة وزارة الداخلية، وتجلى ذلك واضحا فى استهدافهم لضباط الأمن الوطنى أمثال الضابط أبو شقرة وغيره، لأنه وكما يقول البسيونى فإن أمن الدولة هى من كانت تدخلهم المعتقلات، لذا فلم يجدوا أمامهم سوى الانتقام من العاملين بهذا الجهاز، وضرب مثلا بما تعرضت له مقرات الجهاز من اقتحام على أيدى المجرمين فى 6 أكتوبر والإسكندرية وصولا إلى الجهاز الرئيسى للجهاز بمدينة نصر. وشرح البسيونى مساعد وزير الداخلية الأسبق بأنه ومع بدء تعافى جهاز الأمن الوطنى، وبدء تربية كوادر من خيرة ضباطه المهرة والأكفاء داخل القطاع كل فى تخصصه، خصوصا بعد رحيل نظام مرسى، وما شهده العام المنصرم من تدهور فى شؤون جهاز الشرطة بشكل عام، عادت أصابع «الجماعة» تعبث من جديد داخل الجهاز، للانتقام بشكل أكثر جدية وتفاعلا من سابق عهدهم مع الجهاز الذى كان يتصدى لهم ويقف عائقا أمامهم. ولفت البسيونى إلى أنه بحكم العام الذى قضته جماعة الإخوان المسلمين متربعة على مقاليد السلطة، بات جهاز الأمن الوطنى ورقة مفتوحة أمامهم من خلال ما توصلوا له من معلومات عن العاملين بالجهاز بشكل كلى، فإن أعضاء الجماعة يكفيهم معرفة اسم الضابط الذى يعمل بالجهاز، ويتكفلون بطريقة وأسلوب بالتخلص منه، خصوصا حينما يكون ضالعا فى قضية ذات صلة بأنشطتهم بالبلاد، مشيرا إلى أن ضابط الأمن الوطنى يمارس يومه بشكل عادى كأى مواطن، ويشارك فى المناسبات العامة، وأضاف «الجماعة لا تتعجل فى التخلص من ضباط الجهاز سوى بعد رصده بعناية وجمع كل المعلومات اللازمة عن خط سيره»، التى يسهل التوصل إليها من خلال أسرته عن طريق صداقات زوجته وأبنائه من خلال دوائر علاقاتهم مع جيرانهم وخلافه، ولم ينف الخبير الأمنى توافر عنصر الخيانة من داخل جهاز الشرطة، فى حادثة اغتيال المقدم محمد مبروك. بينما كشف اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية الأسبق عن مفاجأة بقوله إن «كشف الأقدميات الخاص بالبناء التنظيمى لجهاز الأمن الوطنى، توجد نسخة منه فى يد جماعة الإخوان المسلمين»، مشيرا إلى أنه ومنذ تولى الرئيس المعزول محمد مرسى مقاليد الحكم خلال العام الماضى، واعتمادا على حجج الجماعة الواهية التى أطلقوها تحت مسمى تطهير وإعادة هيكلة وزارة الداخلية، خصوصا جهاز أمن الدولة، تم إبعاد عدد كبير من خيرة ضباط الجهاز السيادى ومنهم من ذهب للعمل فى الخارج فى أعمال تجارية تاركا الملف الأمنى بعد استبعاده من أمن الدولة لأسباب خاصة اعتمدت عليها جماعة الإخوان المسلمين. وأكمل نور الدين حديثه، مشيرا إلى أنه وبعد استبعاد هؤلاء الضباط لم يتم الإبقاء سوى على آخرين بأعينهم داخل الجهاز، ومعروفين بالاسم لدى قيادات الجماعة، الذين تعمدوا دخول الجهاز أمام الجميع بعد توليهم السلطة، لتوصيل رسالة شفهية وغيظ من ضباط الجهاز الذين يحتفظون بأسرار فى طبيعة العلاقة معهم، أيام عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، ونوه الخبير الأمنى إلى أن النفوس الضعيفة -لدى البعض من الضباط- بدأت تنساق وتظهر من جديد جنبا إلى جنب مخطط الجماعة لتنفيذ أهدافهم داخل وزارة الداخلية، خصوصا بعد مجىء من تولى رئاسة جهاز الأمن الوطنى، ممن لديهم تعاطف ملموس مع جماعة الإخوان المسلمين.