تتفاقم أزمة الخلاف بين الهيئات القضائية بسبب اختصاصات كل منها فى الدستور الجديد يوما بعد الآخر، ففى الوقت الذى يبدو وكأنه جزء من الأزمة قارب على الحل تتعقد الأمور أكثر فأكثر، ففى الجمعية العمومية الطارئة التى عقدها قضاة مجلس الدولة (الإثنين) الماضى، جدد هجومه على هيئة قضايا الدولة واتهامها بأنها تسعى إلى سلب اختصاصه، علاوة على أزمته مع هيئة النيابة الإدارية التى لم تنته. الأمور كانت متجهة إلى الحل بين هيئة قضايا الدولة ومجلس الدولة فى ما يخص اختصاص كل منهما، لكن يبدو أن اتهامات قضاة مجلس الدولة للهيئة مؤخرا أشعلت الأزمة، حيث قرر نادى مستشارى هيئة قضايا الدولة عقد مؤتمر صحفى غدا (السبت) للرد على ما أثاره رئيس نادى قضاة مجلس الدولة من اعتراضات على اختصاصات الهيئة بمشروع الدستور الجديد، وذلك حسبما يقول المستشار سامح سيد، نائب رئيس هيئة قضايا الدولة والمتحدث باسمها، مضيفا أن مجلس الدولة اعترض تحديدًا على اختصاصين للهيئة، الأول هو تحديد تسوية المنازعات التى تكون الدولة طرفًا فيها، والثانى إعداد العقود التى تكون الدولة طرفا فيها، بمقولة أن هذين الاختصاصين يتعارضان مع اختصاصات مجلس الدولة الوادرة بقانون مجلس الدولة رقم (47 لسنة 1972).
نائب رئيس الهيئة قال إن «هذا الكلام غير صحيح»، موضحا أن اختصاص تسوية المنازعات هو مرحلة سابقة على رفع الدعوى، فى حين أن اختصاص مفوضى الدولة الوارد بقانون مجلس الدولة، هو اختصاص لاحق على تاريخ رفع الدعوى.
مضيفا: «أما إعداد العقود فهو اختصاص فى مرحلة سابقة على مرحلة المراجعة المقررة لقسم الفتوى فى مجلس الدولة»، وقال سيد: «شتان بين مرحلة الصياغة والإعداد، ومرحلة المراجعة التالية لهما، ومن ثم فأين التعارض فى ما يتعلق بهذين الاختصاصين؟».
وتابع المتحدث باسم هيئة قضايا الدولة، كما أثار رئيس نادى قضاة مجلس الدولة «أن هناك مشروع قانون مقدما من هيئة قضايا الدولة يسلب اختصاصات جهات وهيئات قضائية أخرى، وهذا قول عار تماما عن الصحة، حيث إن هيئة قضايا الدولة لم تتقدم بأى مشروع قانون بتعديل اختصاصاتها، ولا ندرى من أين أتى بذلك المشروع المعزوم يعول عليه كل هذا الكلام؟».
وعن التصعيد المستمر بين الجانبين وعدم انتهاء الأزمة قال: «كنا نأمل الحل، لكن مجلس الدولة عامل ضجة، والغريب أنه لم يكن معترضًا على اختصاصات الهيئة الواردة فى نص المادة (179) من الدستور المعطل، فلماذا يأتى الآن ويعترض، هذا أمر مثير للدهشة».
بينما يكشف المستشار على عوض، عضو لجنة الخبراء والمستشار الدستورى لرئيس الجمهورية، أن الأزمة بين مجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة قد انتهت وتم التوافق بينهما، بالإبقاء على الاختصاصات الجديدة لهيئة قضايا الدولة الواردة فى الدستور المعطل، وقال إن ذلك التوافق تم منذ يومين فى حضور ممثلين للجهتين، أما فى ما يخص الخلاف بين مجلس الدولة والنيابة الإدارية حول إنشاء القضاء التأديبى بالنسبة إلى النيابة الإدارية، فأكد عوض أن لجنة العشرة وجزءًا من لجنة الخمسين قد انتهوا إلى إلغاء النص الخاص بالقضاء التأديبى وبقاء اختصاصه لمجلس الدولة، وقال عوض «إذا ما تمسكت هيئة النيابة الإدارية بهذا النص، فإن الأمر سيرجع فى النهاية إلى لجنة الخمسين وهى مَن تحسم الأمر».
وبكلام عضو لجنة العشرة، فإن أزمة مجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية لا تزال مستمرة ولن تنتهى فى ظل تمسك الأخيرة بالقضاء التأديبى، ولا نعلم كيف ومتى ومَن سينهى هذا الصراع؟