يستيقظ المصريون خلال الأيام الماضية علي تقارير متضاربة عن تحرك بقعة "الزيت" الملوثة لنهر النيل من أسوان (جنوب البلاد) لتصل إلي الجيزة (جنوب العاصمة القاهرة). وبين نقطة بداية ظهور بقعة "الزيت" جنوب البلاد أواخر الشهر الماضي والحديث المتضارب عن وصولها إلى الجيزة، سلسلة طويلة من المدن والمحافظات التي تردد كذلك ظهور بقع "زيت" بمياهها ما خلق حالة من الخوف بين المصريين الذين يخشون تلوث مياه الشرب التي تأتي أساسا من نهر النيل. ورغم تصريحات المسئولين الحكوميين التي أقرّت بظهور بقعة "زيت" بأسوان جراء مخلفات أحد المصانع، إلا أنهم في الوقت نفسه أكدوا السيطرة عليها وتفتيتها. وتصاعدت حدة القلق تجاه البقعة "اللغز" بمياه النيل عقب تقارير تقول إنها وصلت إلى القاهرة، وهو ما نفاه مصطفي الشيمي، نائب رئيس شركة "مياه القاهرة" (حكومية)، متهما من وصفهم ب "أصحاب المصالح" ب"إثارة الشائعات" وراء تحرك البقعة من محافظة إلى أخرى. وقال الشيمي، لمراسلة وكالة الأناضول للأنباء، إن "أصحاب المصالح يحاولون بث الذعر في قلوب المصريين، من المياه ومن كافة المرافق"، مؤكدًا عدم وجود هذه البقعة في محافظة القاهرة الكبرى التي تضم محافظات القاهرةوالجيزة والقليوبية. غير أن بعض الخبراء اتهموا الحكومة بالفشل في التعامل مع بقعة "الزيت"، رافضين الرواية الرسمية التي تقول إن تلوث المياه جاء عبر تسرب بعض المخلفات من مصانع عضوية. وأشاروا إلى أن "البقع المتتالية التي تظهر بين الحين والآخر سببها إلقاء السولار المهرب في قاع النيل بصورة مستمرة". وقال محيى الصيرفى، المتحدث الرسمي للشركة القابضة للمياه والصرف الصحي (حكومية)، إن بقعة "الزيت" وصلت الجيزة وربما تصل بعد ساعات للقاهرة، مشيرًا إلى أن الشركة تحلل عينات المياه كل نصف ساعة للتأكد من ذلك، بحسب قوله. وفي المقابل، تبرز رواية رسمية أخري حيث ينفي ياسر خليل، مدير الإدارة المركزية للتفتيش البيئي بوزارة البيئة، وصول بقعة بالنيل إلى المنيا وبنى سويف (جنوبالقاهرة)، مؤكدا أنه تمت السيطرة على البقعة وحصرها في منطقتي قوص بمحافظة قنا (جنوب)، ومنطقة هويس إسنا بمحافظة الأقصر، بحسب قوله. من جانبه، أكد خالد علم الدين، مستشار الرئيس المصري لشؤون البيئة، أن هناك بقعة زيت واحدة في النيل سببها تسرب من مصنع "لب الورق" في إدفوبالجنوب بطول 5 كم، وأقر بتأخر التعامل معها ليبدأ بعد يوم ونصف اليوم من التسرب. وأضاف مستشار مرسي، لمراسل الأناضول، أن البقعة وصلت قناطر إسنا (جنوب مصر) والتي يوجد خلفها نباتات نيلية قامت باحتجاز جزء منها حيث كونت حاجزًا "اسفنجيا" من ورد النيل وبعض الأعشاب البحرية، وجرت محاولات لامتصاص البقعة وتشتيتها بالتبخير، مشيرًا إلى أن ذلك جرى منذ 6 أيام وهي مدة كافية لتحرك بقايا البقعة من أسوان إلي الجيزة، بحسب قوله. بدوره، رأى مجدي خليل، أستاذ المياه بكلية العلوم جامعة عين شمس، أن "سبب وجود البقع الزيتية الملوثة للنيل هو إلقاء حمولة السولار من المهربين في النيل، وليس تسربًا لأي مصنع". واتهم خبير المياه الحكومة بأنها "لم تصارح الرأي العام بحقيقة الأمر، واكتفت بتناقل روايات تؤكد أن الأمر تحت السيطرة والحقيقة أن تهريب السولار خارج السيطرة تماماً". يأتي هذا فيما قرر محمد بهاء الدين، وزير الموارد المائية والري، استمرار وقف ضخ مياه الشرب للمحطات بمحافظة قنا (جنوب مصر) حتى يتم الانتهاء من تحليل عينات المياه، مضيفا أن قطاع حماية النيل يقوم بالتعامل مع بقعة الزيت التي تفتت ووصلت أجزاء منها إلى محافظة قنا. وقال إن جميع محطات الشرب بمحافظتي أسوانوالأقصر تعمل بكامل طاقتها من دون توقف بعد تفتت بقعة الزيت التي بلغت مساحتها ستة كيلو مترات ووصول أجزاء منها إلى محافظة قنا. ونفت وزارة البيئة أن تكون بقعة الزيت التي ظهرت بمجرى النيل في منطقة الصف (جنوبالقاهرة)، لها علاقة بالبقعة الزيتية، التي ظهرت في أسوان الأسبوع الماضي. وقال ياسر خليل، رئيس الإدارة المركزية للتفتيش بوزارة البيئة، إن "بقعة أسوان تم التخلص منها بالكامل في مركز قوص التابع لمحافظة قنا، بعد شفط نسبة كبيرة منها بالأقصر، وما تسرب هو نسبة قليلة تم القضاء عليها بالكامل في قنا". وأوضح خليل، في تصريحات صحفية، أن بقعة الزيت التي ظهرت في منطقة الصف التابعة لمحافظة الجيزة، "مجهولة المصدر"، مشيرًا إلى أن الوزارة حصلت على عينات منها لتحليلها ومعرفة مصدرها، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد من تسبب في تسربها. من جانبها، أعلنت محافظة القاهرة عن اتخاذ بعض الإجراءات الاحترازية لمواجهة بقعة الزيت في حال عدم السيطرة عليها؛ حيث قامت الشركة القابضة بتشكيل لجان لغلق جميع المآخذ التي تسحب المياه من النيل في المنطقة المتواجد بها البقعة؛ حتى لا تختلط بالمياه في حال وصولها، كما تم فحص المخزون الاستراتيجي بخزانات المياه، للتأكد من أنها تكفي حتى يُفتح المأخذ مرة أخرى.