بيانات المجلس العسكرى حافظت على معاهدة كامب ديفيد فلا تنسوا إدانتها أيها الثوار فى بياناتكم ! * تتوالى البيانات العسكرية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ، تلك القوات التى إحتضنها الشعب ، ووثق فيها بعد ثورته فى 25 يناير 2011 ورغم ايجابية العديد منها ، إلا أننى توقفت أمام (البند الخامس فى البيان رقم 4) و(البند التاسع فى البيان رقم 5) والذى نص وألح وأعاد التأكيد على أن المجلس يؤكد التزام مصر بالاتفاقات والمعاهدات الإقليمية والدولية ، وهو قول يفهم منه ضمناً الالتزام باتفاقية كامب ديفيد الموقعة بين الكيان الصهيونى والنظام المصرى عام 1979 ، وهى الاتفاقية التى أضرت بمصر والمصريين أكثر مما نفعتهم باعتراف الخبراء والسياسيين من كافة الاتجاهات طيلة الثلاثين عاماً الماضية ، وهى الاتفاقية التى قيدت دور مصر القومى وحجمته بل وأخرجت مصر من عروبتها ، ودفعتها تدريجياً إلى المربع الأمريكى ، كخادم أمين لاستراتيجيتها واستراتيجية إسرائيل العدوانية فى المنطقة . وفى نفس الوقت تقريباً صدر البيان الأول لمن أسموا أنفسهم ب (جماهير ثورة 25 يناير) ويتضمن 11 مطلباً ، ليس من بينها مطلب واحد يتصل بإلغاء أو تجميد أو حتى الإشارة إلى كامب ديفيد أو العدو الإسرائيلى أو العلاقات المصرية – الأمريكية .. إن هذين الموقفين يثيران بعض الدلالات المهمة التى تحتاج إلى تنبيه وتحذير ، نسجلها علها تفيد فى بناء رؤية مستقبلية لثورة 25 يناير تليق بدم الشهداء ، والجرحى ، وكل من ضحى طيلة الثلاثين عاماً ضد هذا النظام المستبد ، وليس فقط فى ال 18 يوماً الماضية : أولاً : نحسب أن تأكيد المجلس العسكرى على احترام اتفاقية كامب ديفيد مع العدو الصهيونى، فضلاً عن كونه بالنسبة إلينا وإلى العديد من المشاركين فى هذه الثورة ، يمثل خطأ ، وموقفاً غير مقبول ، فإنه يؤشر إلى طبيعة التحالفات المستقبلية لنظام الحكم ، سواء كان مدنياً أو عسكرياً ، وكيف سيفرض عليه أن يقبل بالعلاقات الدافئة مع إسرائيل ، واستمرار علاقات التبعية (أو بمعنى أكثر دقة بالعمالة لواشنطن) ، ولن يسمح لأحد الاقتراب منها ، مهما ادعى أنه يمتلك أدوات الثورة ، وميدان التحرير ، إن أمريكا وإسرائيل إذن حاضرة فى المشهد السياسى القادم لمصر ، وهذين البيانين يخيفننا أكثر مما يطمئننا ، والمخيف أكثر هو مدى غيبوبة بعض القوى فى فهم دلالات إشارة العسكر إلى هذه الاتفاقية والحفاظ عليها وخطورة ذلك على ثورتنا . ثانياً : كنت أتمنى ، ولازلت ، من القوى السياسية والقوى الشبابية المشاركة فى الثورة ومعها جماعة الإخوان وحزب العمل والكرامة ، والمثقفين والسياسيين المستقلين أن يضمنوا بيانهم الأول كلمة ، ولو واحدة عن العدو الإسرائيلى ، وكانت – إن ذكرت – ستوضح الوجه القومى والنضالى لهذه الثورة ، أما أن يذكر 11 بند تدور حول الدستور ، والحكومة الانتقالية والطوارىء والجوع ، فإن هذا تقزيم لثورة قيل عنها أنها غيرت وجه مصر ، هو وجه نحسبه لا يمكن أن يتغير إلا بذكر موقف محدد رافض لاتفاقات العار (اتفاقيات كامب ديفيد) ورافض لعلاقات التبعية مع واشنطن ، التى كانت – ولاتزال - العدو الحقيقى ورأس الأفعى فى كل سياسات واستبداد النظام السابق ، نتمنى أن يتدارك الثوار ، وكل محب للثورة حتى ولو لم ينضوى تحت لواء جماعة من جماعتها أن يضمن البيانات القادمة ، بنداً صريحاً ضد العلاقات المشينة التى ربطت النظام المصرى السابق بالعدوين الأمريكى والإسرائيلى ، فإن هذا فضلاً عن كونه واجب وطنى ، فإنه سوف يقفز بالثورة إلى أفق ومرتبة عربية وإنسانية أوسع ، ولن يحصرها فى مجرد انتفاضة (خبر ودستور) كما يجرى تصويرها الآن أو كما يراد لها أمريكياً (وفقاً لخطاب أوباما الأخير) ووفقاً لاتصالات قادة العدو بالمجلس العسكرى الأعلى ، انتبهوا أيها الثوار وأعطوا لثورتكم ما تستحقه من توصيف فهى ليست انتفاضة جوعى فقط !! ثالثاً : وهنا نود أن نؤكد رداً على البعض ممن قال أن الوقت الآن لا يسمح بالحديث عن كامب ديفيد ، أنه إذا كان للمجلس العسكرى بعض العذر فى أن يؤكدوا على احترامه للاتفاقات الدولية والإقليمية (كامب ديفيد تحديداً) ، وأن طبيعة ظروفه العسكرية وعلاقات أعضائه السابقة والحالية مع واشنطن ، فضلاً عن قيود المعونة العسكرية التى ترتبط بها مصر ، فإننا لا نجد عذراً لدى أى ثورى ، ألا يذكر فى كلامه وخطابه وبياناته ، كلمة (إسرائيل) ، أو (أمريكا) ؛ لماذا ؟ وما هو المبرر والمفترض أن واضعى (البيان) ثوار ، يعنى لا يخضعون لحسابات أو ضرورات داخلية أو خارجية مثل تلك التى لدى (المجلس العسكرى) ؟ . * إن هذا الأمر إن تكرر فى البيانات القادمة سوف يؤدى فى تقديرنا إلى إثارة الشكوك مجدداً، حول تلك الأيدى التى تحاول إبعاد (تل أبيب) وواشنطن عن بيانات الثوار ؛ وحتماً هى أيدى غير طاهرة ، وغير بريئة وتسىء للثوار وللثورة ؛ لأن ألف باء الثورة المطلوبة فى مصر ، لابد وأن يكون لها موقفاً واضحاً جلياً ضد العدو الذى يذبحنا ليس فى العراق أو فلسطين ولبنان فحسب بل فى ميدان التحرير ، حيث القنابل والرصاص ، والتدريب ، أمريكى وحيث طول الاستبداد والتبعية ، سببه أمريكا ، وحيث العار الذى لوث تاريخ مصر الطاهر خلال الثلاثين عاماً الماضية ، كان سببه ذلك التواطىء الجلى بين نظام مبارك والكيان الصهيونى، فلماذا يحمل (الثوار) أنفسهم عبء الحسابات ، والتوازنات ، الخاطئة التى بدأها وأقامها النظام السابق ، ولماذا يلزمون أنفسهم بها ؟ أسئلة تحتاج إلى مواجهة صريحة مع النفس ، وإلى سرعة حسم للمواقف ، فالتطورات الدرامية الضاغطة للأحداث ولتشكيل وجه مصر الجديد ، لا تترك فرصة أو مجال للتوازنات أو الحسابات فى مثل هذه القضية . رابعاً : إن شهداء مصر بسبب هذا العدو الصهيونى ، اقتربوا من ال 100 ألف شهيد ، فى الحروب الأربع التى خاضتها مصر ضد الكيان الصهيونى (1948 – 1956 – 1967 – 1973) ، وفى أوقات السلام واتفاقات العار (كامب ديفيد) ، ولنتذكر الشهيد سليمان خاطر ، وشهداء مصر على الحدود مع الكيان الصهيونى ، وشهداء مصر بسبب المبيدات والزراعات المسرطنة فى عهد وزير الزراعة الأسبق (يوسف والى) وغيره ، ولنتذكر شبكات التجسس الإسرائيلي على الأمن القومى المصرى التى وصلت إلى 46 قضية تجسس ، ولنتذكر التخريب العمدى لهم فى اقتصادنا وزراعتنا وثقافتنا ؛ كل هذا معلوم ، لكل مهتم بالسياسة فى هذا الوطن ، فما بالنا بثوار ميدان التحرير ؟! فإذا كان الأمر معلوماً ، فلماذا لا نضعه واضحاً جلياً فى البيانات السياسية والمطلبية ؟ . * إننا نعتقد – أخيراً – أنه عند وضع بند [ إن جماهير ثورة 25 يناير ، تطالب بإلغاء أو على الأقل تجميد اتفاقات كامب ديفيد مع العدو الصهيونى لآثارها الضارة على الأمن القومى المصرى والعربى ، ونطالب أيضاً بمراجعة دقيقة للعلاقات المصرية الأمريكية ، وتصويب أخطائها رداً على جرائم أمريكا ضد مصر والعرب ] . * إن وضع مثل هذا البند فيما هو قادم من بيانات الثورة ، سوف يؤدى إلى نتائج ايجابية كبرى ، أهمها أنه سيفرز الصفوف الوطنية وسيخرج منها كل متأمرك يدعى أنه شارك فى الثورة وهو ليس سوى مخترق لها ؛ وسوف يؤدى إيراد مثل هذا البند إلى إعطاء الثورة وجهها النضالى القومى الحقيقى ، وسيخرجها من دائرة (ثورة للجوعى) إلى ثورة للوطن وهويته التى سرقت منه ، إذ لا هوية حقيقية ، عفية ، صحيحة لمصر ، وبها سفارة للعدو الصهيونى ، أو تبعية مكبلة لها مع واشنطن ؛ وأخيراً نحسب أن (الثورة) الحقيقية لا يمكن أن تسمى كذلك دونماً تحديد بين لأفقها الإقليمى والدولى . * إن ثورة 25 يناير مسكونة بهذه الأفق ، ولكنها تحتاج إلى من يظهره ، ويعلنه وهذا هو دور القادة الشرفاء للثورة وما أكثرهم .