أدان عدد من الإعلاميون والنشطاء الحقوقيون ما طالب به أحد رموز جماعة الإخوان المسلمين الذي يمتلك قناة فضائية يتردد أنها تابعة للجماعة، والتي تحولت من جماعة محظورة قبل الثورة إلي جماعة محظوظة نالت حظا وفيرا من مقاعد البرلمان المصري للتصدر الساحة السياسية، والتي طالب فيها بتأميم القنوات الفضائية والأرضية لتكون تابعة للدولة والنظام الجديد الذي باتت الجماعة قريبة من تمثيله في الفترة المقبلة، علي أن يطوع ذلك النظام كافة القنوات الفضائية والأرضية لتتوافق مع ما يأمر به شرع الله وتنتهي عما ينهي عنه الدين الإسلامي. واعتبرت هذه الدعوة من أحد ملاك القنوات الفضائية المحسوبة علي التيار الإسلامي في مصر محاولة جديدة من محاولات تكميم الأفواه التي كانت متبعة من الأنظمة السابقة، والتي كانت تسعي إلي تطويع الآلة الإعلامية لخدمة توجهاتها ومصالحها الخاصة.. حيث استنكر الإعلاميون والنشطاء خروج مثل هذه الدعوة بعد الثورة الشعبية، التي خرج فيها الشباب وتضامن معهم الشعب المصري بكافة طوائفه للمطالبة بثلاثة أشياء هي الحرية والإصلاح والعدالة الاجتماعية، حيث تصدرت الحرية مطالب الثورة الثلاث الرئيسيين .. متسائلين كيف تخرج هذه التيارات الآن "والتي كانت محرومة من الحرية من قبل" لتطالب بمنع الحرية الإعلامية ولي عنق وسائل الإعلام لتطويعها لتسير وفق رؤيتها وحدها. في البداية أكد الإعلامي الكبير أمين بسيوني الرئيس السابق للجنة الدائمة للإعلام بالجامعة العربية أن الشريعة الإسلامية تنظم حياتنا بشكل كامل وليس وسائل الإعلام، لكن وسائل الإعلام بين مطالبات البعض بتوجيهها لتوجهات بعينها ومطالبات آخرين بنزاهة تناولها للموضوعات وتحريرها من السير وفق ما تريده الحكومة تقع في حيرة شديدة، ولا يعرف القائمون عليها "خاصة الإعلام القومي" كيف يعملون ووفق أي خط إعلامي يسيرون ليرضوا الأطراف المتصارعة. وأشار بسيوني إلي أن فكرة تأميم وسائل الإعلام أو تطويعها وفق ما تريده الحكومات بات من المستحيل تحقيقه الآن في ظل التطور الهائل لوسائل الإعلام الذي دخل علي المجال الإعلامي ودخوله إلي عصر العولمة واتصاله بالشبكة العنكبوتية الذي جعله يصل إلي كافة نواحي العالم.. لافتاً إلي أن الدول كانت في عصور سابقة قادرة علي تطويع وسائل الإعلام لتكون تحت سيطرتها عندما كانت كل دولة تمتلك ثلاثة أو أربعة قنوات أرضية، لكنه مع ظهور القنوات الفضائية وبث الأقمار الصناعية بات من المستحيل السيطرة علي القنوات، التي لا تبث برامجها لدولة واحدة سواء التي تبث من داخلها أو غيرها من الدول. وقال الإعلامي الكبير إن الجامعة العربية ناقشت من قبل أثناء رئاسة السيد عمرو موسي لأمانتها العامة موضوع القنوات الفضائية العربية وكيفية السيطرة عليها وفق إطار عربي موحد يحمي حكومات تلك الدول الأعضاء من هجوم هذه القنوات المستمر ، وتم الاتفاق علي وثيقة مبادئ تنظيم البث العربي، وهو ما قوبل وقتها بهجوم شرس من القائمين علي وسائل الإعلام في مختلف الدول العربية ولم يتم تفعيل هذا الاتفاق. وشدد بسيوني علي أن هذا النداء غير معقول وغير مقبول وأن وسائل الإعلام لا يمكن السيطرة عليها ، ولن تستطيع الحكومات أياً كانت قوتها من لي عنقها .. مشيراً إلي أن هناك أمرين يمكن من خلالهما السيطرة علي وسائل الإعلام وفق إطار أخلاقي أولهما أن يدرك القائمون علي تلك الوسائط الإعلامية من أنهم سيلاقون الله عز وجل وأن يعملوا وفق ما تمليه عليهم ضمائرهم وأن يلتزموا ذاتياً ، بالإضافة إلي دور الأسرة في حماية أبنائها من القنوات، التي تري أنه قد تؤثر سلبيا في سلوكهم وعلي أخلاقهم. فيما قالت الدكتورة هالة مصطفي أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة إن ما ينادي به بعض الإسلاميون بشأن وسائل الإعلام أمر مرفوض تماماً حيث إنه يتنافي ومباديء الحرية الإعلامية التي ننادي بها دائماً ، والتي تتطلع الدول الدول الساعية للديمقراطية إلي إرساء دعائمها ، حيث إن حرية وسائل الإعلام من أهم دلائل حرية الدول والنظم علي مستوي العالم. وأشارت د. هالة إلي أن مثل هذه الدعوات من التي بدء التيار الإسلامي يرددها منذ بد الثورة تمثل عودة إلي عصور ما قبل الإسلام، فالدين الإسلامي كفل الحريات والحقوق للمسلمين وغير المسلمين فمن غير الطبيعي أن نأتي نحن اليوم لنقول أنه يجب تكميم الأفواه ومنع الناس من التعبير عن آراءها بحريه عبر وسائل الإعلام.. واصفة هذه الدعوات بالرجعية. فيما قال ناشط الحقوقي حافظ أبو سعدة إنه يرفض مثل هذه الدعوة ويعتبرها محاربة للحرية التي منحها الإسلام للعالمين سواء من آمنوا به أو من لم يؤمنوا.. مشيراً إلي أن الكثيرين من الذين ينتمون للتيار الإسلامي لا يعرفون الكثير عن المفهوم الحقيقي للسماحة في الإسلام والوسطية التي عمت العالم وفق الرؤية الإسلامية للتعامل مع البشرية، والتي يمثلها الآن في مصر الأزهر بشيوخه ، الذين يتميزون بآراء وسطية ثابته لا تتغير وتتلون وفق المراحل المختلفة ، كما فعلت تيارات أخري كانت ترفض الثورة وتعتبرها " حراماُ " ، وبعد الثورة تصدرت المشهد السياسي الذي كانت ترفض المشاركة فيه وتري أنها المالك الوحيد للثورة والآن تريد تطويع وسائل الإعلام لتعمل وفق أهواءها. ورفض أبو سعدة الدعوة التي تبناها أحد ممثلي الإخوان المسلمين والذي يمتلك قناة فضائية تنطق بلسان حالهم، رغم عدم الإعلان الرسمي أنها تابعة للجماعة .. معتبرا أنها دعوة سلبية تسيء للجماعة ، ولا يمكن السكوت عليها، ويجب أن نرد عليها بالشكل الذي يتناسب معها.