لم يكن أحد يتصور أنه بعد نجاح ثورة 25 يناير وما صاحبها ثورة للحريات أن تبقى المؤسسة الإعلامية هي المؤسسة الوحيدة التي لم تقترب منها رياح الثورة حتى الآن، ولذلك برز السؤال: لماذا يرفض اتحاد الإذاعة والتلفزيون إصدار تراخيص جديدة لإذاعات الإف إم دون إبداء أسباب منطقية، ولكن الحقيقة أن تلك الموجة ما زالت محتكرة من جانب أشخاص معينين لا يستطيع أحد الاقتراب منهم، لأنهم من رجال النظام السابق. من المعروف أن صدور تصريح بث قنوات "إف إم" قبل الثورة لم يصدر عفويًّا لصالح الإعلامي عماد الدين أديب، ولكن ذلك التصريح تم نظير المجهود الذي قام به أديب مع الرئيس السابق حسني مبارك لإنتاج الفيلم التسجيلي عن حياته والذي زار فيه مقر قيادة القوات الجوية، ثم مجهوداته مع جمال مبارك نجل الرئيس السابق في الحزب الوطني المنحل، علاوة على تنشيط لقاءات شباب الحزب من خلال دعمها إعلاميًّا. أما الرجل الثاني الذي يحتكر الإعلام أيضًا لارتباطه القوي بالنظام السابق، فهو طاهر حلمي، وهو محامي جمال وعلاء مبارك، ووكيل مؤسسة ماكنزي للمحاماة، وهذا الرجل حقق الملايين من عقود شركات وتوكيلات علاء مبارك وأصبح شريكًا في الشركة التي احتكرت عمليات تشفير القنوات في مصر، وبلغت به الجرأة إلى أن يكون عضوًا في وضع قانون مدينة الإنتاج الإعلامي حيث فصل القانون على شركته حيث ينص على أن عمليات التشفير تتم عن طريق شركات البنية الأساسية وهي شركته وعانت شركات "أيه آر تي" و"أوربت" و"الجزيرة" وغيرها من فرض رسوم واحتكاره وضرورة مرورهم جميعًا للحصول أو بيع ديكودر الستالايت الخاص بهما دون سداد رسوم له. المعروف أن عماد وطاهر، وهما الشركاء الرئيسيون في قناتي "إف إم"، التي أعطيت كافة الحريات، استطاعا أن يستقطبا الإعلانات على حساب قنوات اتحاد الإذاعة والتلفزيون مثل الشرق الأوسط والشباب والرياضة، والغريب أنه لا يوجد أي قواعد لعملهما مثل تحديد نسبة الإنتاج الوطني من الأغاني المذاعة أو نسبة الإعلانات لساعات البث؛ طبقا لما هو متبع في جميع أنحاء العالم، مع أن اتحاد الإذاعة والتلفزيون يشاركهما في البث عن طريق استعمال أبراج اتحاد الإذاعة والتلفزيون، وبالتالي يضمن النظام قطع الإرسال في أية لحظة، وحاليًا يرفض الاتحاد إصدار تراخيص جديدة دون إبداء أسباب. بالإضافة إلى ما سبق، فإن التردد المستخدم في بث محطات "إف إم" مفروض أن يكون يتبع مرفق الاتصالات؛ لكن القانون يستثني البث الخاص بالإذاعة والتلفزيون من ذلك، وحاليا أصبح الأمر معقدًا وغير مفهوم، فإذا أردت إنشاء إذاعة "إف إم"، فإن مرفق الاتصالات يفيدك بأن القانون يستثني أعمال اتحاد الإذاعة والتلفزيون، ويرفض إعطاءك تصريحا، كما أن قانونه ليس به عقوبات، كأنه يلجأ بشكوى للمرفق لمعاقبتك بالحبس والغرامة والمصادرة إذا قمت بعمل محطة "إف إم". فهل من الممكن أن نوقف هذا الاحتكار، ونقول: كفى لعماد وطاهر ما جنوه من ملايين أم أن الأمر سيسير عكس ذلك؟