أكد الدكتور أحمد البرعي وزير القوى العاملة والهجرة، أن النقابات العمالية في مصر نشأت فى أحضان أنظمة الحكم، وتمكن الحزب الوطني من السيطرة عليها تمامًا، موضحًا أن هناك علاقة بين النقابات وظروف العمل، وأننا ننظر للخصخصة على أنها قضية اقتصادية بحتة بدليل أننا نقلنا عمال القطاع العام إلى القطاع الخاص. جاء ذلك في ندوة عقدتها الجامعة الأمريكية مساء اليوم الأحد تحت عنوان "العمل والتشغيل في مصر الديمقراطية" بحضور وزير القوى العاملة والهجرة، وخالد علي، مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وعادل العزبي، رئيس مكتب العمل في اتحاد الصناعات المصرية، والدكتورة نجلاء الأهواني أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسة بجامعة القاهرة وأدار الندوة الدكتور إبراهيم عوض، مدير مركز دراسات الهجرة واللاجئين بكلية الشئون الدولية والسياسات العامة بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة. وأكد البرعي أن الحوافز حق أصيل لعمال القطاع العام، وكان ينبغي عند نقل العمال من القطاع العام إلى القطاع الخاص أن نوضح ذلك علانية ولا نتركه للصدفة، مشيرا إلى أن الوزارة تحاول إعادة صياغة قانون العمل كقضية عمالية تهم غالبية المواطنين. وشدد البرعي على أن إطلاق الحريات النقابية التي قام بها عند توليه الوزارة هي السبيل الوحيد للوصول إلى تسوية مرضية بشأن شروط العمل. وأكد الدكتور إبراهيم عوض، أن الثورة المصرية تحاكى الآن في معظم الدول حتى إن أصحاب الثورات أعلنوا ذلك صراحة؛ وذلك أن نتائج السياسات الاقتصادية ظالمة لهذه الدول ويحسب للثورة المصرية أنها نموذج يحتذى به حتى الآن، مشيرا إلى أن أسبانيا تواجه ما تواجهه مصر؛ ولكن الفرق أن إسبانيا تعترف بثقافة الحوار الاجتماعي وقانون العمل، أما الحرية النقابية في مصر فمأخوذ بها عملاً، أما من الناحية القانونية فلا نرى ذلك، مشددا على أهمية الحوار الاجتماعي لوضع شروط العمل. بينما بدا الدكتور احمد البرعى فى سرد تاريخ نشأة النقابات العمالية بداية من الثورة الصناعية تحت مبدأ قانون "العقد شريعة المتعاقدين" مشيرا إلى أن هذا المبدأ أكد على ضرورة أن تكون العلاقة بين العامل وصاحب العمل فردية وهو ما لم يوفر للعمال الحماية من جور ونفوذ صاحب العمل الذي أدى ذلك إلى رضا العمال بالأجور الضعيفة وأصبح أي تكتل عملي جريمة يعاقب عليها مرتكبوها. وأكد عادل العزبي أن ثقافة العمل جزء من ثقافة المجتمع ولا يمكن أن ينجح مجتمع إلا إذا كانت ثقافة عمله إيجابية، مضيفا أن ما يقوم به بعض أصحاب العمل من إجبار للعاملين على التوقيع على استقالة أو تأمين ناقص شيء خاطئ وهو لا يقل خطأ عن الذي يستخدم عماله أداة ضغط على صاحب القرار لتحقيق مطالب خاصة به ولا تهم العمال بشيء، مطالبا بمواجهة هذا التصرف بشدة وصرامة وموضوعية. وقال الدكتور خالد على إن العمال تعرضوا لحملة إعلامية شرسة تحت مسمى"الثورة المضادة ومطالب فئوية"، مؤكدًا أن العمال قاموا برفع العديد من الدعاوى القضائية تحت مسمى"المقاومة الشعبية" ضد الحكومة، مشيرا إلى أن هذه الدعاوى نجحت، مثل قضية "عمر أفندي" التي كانت بمثابة محاسبة لمن تواطأ ضد المال العام لتحقيق مصالح شخصية. وأكد أن ضم صندوق التأمينات للعاملين بالقطاع الحكومي إلى صندوق القطاع الخاص تسبب في إهدار حق الدولة وتسبب في وجود عجز دائم، منتقدا قانون تجريم التظاهر الذي صدر بعد الثورة تم تسويق تحت شعار "لا للتخريب"، متسائلا: هل نتخيل وجود عدالة اجتماعية دون حوار مع العمال. وشدد على أن العامل لا يصل إلى الاحتجاج إلا في المرحلة الأخيرة، وعندما تقف تربيزة التفاوض، كاشفا عن أن العمال في النظام السابق استخدموا كأداة لمؤشر وهمي للنمو، وفى وقت آخر استخدموا كمتدربين لفترة أكثر من 17 عامًا بمرتب لا يزيد عن 40 جنيها شهريا، أليست كل تلك الأمور أسبابا تدعو للاحتجاج، مطالبا بضرورة التعامل مع الاستقرار كحق أصيل للعامل، وقال: على الدولة أن تمنح من لا يجد فرصة عمل معاش بطالة. ووصف خالد علي قانون العمل المصري بأنه يعطي الحق لصاحب العمل لكي يمتنع عن تنفيذ حكم قضائي، خاصة فيما يخص عودة العامل لعمله الذي فصل منه تعسفيا، مؤكدا أن هذا القانون جعل من العامل رهينة لدى صاحب العمل. وقالت الدكتورة نجلاء الأهوانى إن موضوع التشغيل أخطر الموضوعات وله أبعاد تتجاوز موضوع الحوار الدائر حول علاقات العمل، مشيرة إلى أن العامل المصري يواجه العديد من المشاكل، وأن الإصلاح المؤسسي وحده ليس كافيًا لمعالجة هذه المشاكل، مضيفا أن هناك نوعا من عدم التوافق بين العرض والطلب على أعداد الوظائف والراغبين في الوظائف، مؤكدة أن النظام التدريبي ما زال عاجز عن إخراج شباب متدرب بشكل علمي، وكشفت عن أنه حتى عام 2006 كان هناك أكثر من 8 ملايين مواطن يعملون بشكل غير رسمي، متسائلا: كيف نقوم برفع الأجور دون أن تكون هناك زيادة في الإنتاجية، مشيرة انه لم يعد لدينا سوى اتخاذ التدابير والتركيز على الحلول قصيرة المدى.