آلت جائزة نوبل للاقتصاد للعام الحالي إلي ثلاثة من الباحثين.. أمريكيان وبريطاني. لكن الأضواء اتجهت إلي واحد فقط من هؤلاء الثلاثة وهو "بيتر دياموند" أستاذ الاقتصاد في معهد ماساسوشتس للتكنولوجيا البالغ من العمر سبعين عاماً. أما الآخران وهما مواطنه الأمريكي "دالي مورتنسن" والبريطاني القبرصي "كريستوفر بيساريدس" فلم تكد الأضواء تتجه إليهما. وكان ذلك رغم أن سبب منح الجائزة للثلاثة كان واحداً وهو دراسات متعمقة قاموا بها لمشكلة البطالة ودور البرامج الحكومية في توفير فرص العمل من خلال منح حوافز للاستثمار وتدريب العاطلين علي المهارات اللازمة لاقتحام سوق العمل. وإذا عُرف السبب بطُل العجب.. فالسبب هنا ان دياموند حظي بترشيح الرئيس الأمريكي باراك أوباما لشغل أحد المقاعد الشاغرة في مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي الأمريكي". ويزيد الأمر إثارة حين نعلم أن هذا التشريح مضي عليه ستة أشهر. وقابله الكونجرس بالرفض بسبب معارضة الجمهوريين وأعاد أوباما ترشيحه. هذا بينما وافق مجلس الشيوخ الشهر الماضي علي مرشحتين أخريين وهما جانيت يلين الرئيسة السابقة لبنك الاحتياطي الفيدرالي لسان فرانسيسكو وسارة راسكين مفوضة التنظيم المالي في ولاية ميريلاند. وكانت وجهة نظر الرئيس الأمريكي باراك أباما في ترشيح دياموند لهذا المنصب المهم هو أن خبراته ودراساته في مجال توفير فرص العمل يمكن أن تفيد الولاياتالمتحدة في حل مشكلة البطالة التي نجمت عن الأزمة الاقتصادية العالمية والتي رفعت نسبة البطالة هناك إلي 6.9% ويعادل هذا الرقم 15 مليون عاطل وهو رقم ضخم في بلد تمتلك أو يفترض انها تمتلك أكبر اقتصاد في العالم. لكن رفض الجمهوريون فيما يرجعه البعض إلي أسباب حزبية أن دياموند مجرد شخص يؤيد بعثرة أموال دافعي الضرائب علي العاطلين لتشجيعهم علي الاستمرار في البطالة وعدم السعي الجاد للبحث عن عمل. وعلق السناتور الجمهوري ريتشارد شلبي أحد الأعضاء الرئيسيين في اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ الأمريكي بأن أهم إثبات لفشل نظريات دياموند هو أن مئات المليارات من الدولارات التي أنفقتها الدولة في إنقاذ البنوك وشركات صناعة السيارات لم تساعد في توفير فرصة عمل واحدة. وبعد إعلان فوزه بجائزة نوبل للاقتصاد أعرب الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن سعادته البالغة لفوز مرشحه لمجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي بجائزة نوبل. وأضاف أن تشريحه لدياموند لشغل ذلك المنصب لم يأت من فراغ. بل جاء عن قناعة بأن لديه خبرات غير عادية يمكن أن تساعد في تحقيق الانتعاش الاقتصادي للبلاد. ودعا مجلس الشيوخ إلي إقرار تعيينه. وعلي الفور أعلن السناتور كريس دود رئيس اللجنة المصرفية عن الدعوة إلي عقد جلسة خاصة لمناقشة تعيين دياموند. وأعرب عن أمله في أن تكون جائزة نوبل سبباً لإقناع الجمهوريين بإنهاء معارضتهم غير المبررة لتعيينه في مجلس المحافظين. ويبدو أن الجائزة لن تكون سبباً في إقناع الجمهوريين بتغيير موقفهم. وفي ذلك يقول شلبي إن هذه الجائزة فقدت قيمتها عندما أعطيت لبعض الشخصيات دون اعتبارات موضوعية مثل جائزة نوبل للسلام التي منحت العام الماضي لأوباما دون حق. ويضيف.. حتي لو اعترفنا بأهميتها. فإن لجنة نوبل تستطيع اختيار الفائزين بالجائزة.. لكنها ليست مخوَّلة باختيار شاغلي المناصب السيادية خطيرة الشأن في حياة الشعوب. يُذكر أن جائزة نوبل في الاقتصاد تثير قدراً كبيراً من الجدل حيث يطالب البعض بإلغائها باعتبار أنها جائزة دخيلة منذ عام 1968 عندما استحدثها البنك المركزي السويدي.