هل يمكن لكاتب مثلي أن يضيف جديدا إلي ما كُتب وأذيع تعليقا علي حادث التفجير الذي وقع أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية وراح ضحيته عشرات الضحايا من المسيحيين والمسلمين بين قتيل وجريح؟! لم يترك أحد في مصر سواء علي مستوي الأفراد أو الجماعات كتابا وصحفيين ومعلقين تليفزيونيين.. مسئولين وغير مسئولين.. متدينين أو غير متدينين.. لم يتركوا طريقا لإدانة هذا الحادث إلا وأدلوا فيه بدلوهم. الكل استنكر.. والكل أدان.. والكل أبدي تعاطفه بصدق مع أسر الضحايا والكل طالب باتخاذ إجراءات لتأمين الكنائس والمساجد.. والكل طالب بالوقوف صفا واحدا لمواجهة مثل هذه الأحداث البشعة. قامت مظاهرات في شبرا ضمت جميع طوائف الشعب.. المحجبات والسافرات.. الشباب والشيوخ.. الأحزاب والنقابات.. كلها تعلن التكاتف في هذه المحنة التي هزت مصر كلها من اقصاها إلي أقصاها. اختلفت التفسيرات حول مدبري ومنفذي الجريمة.. فمن قائل إن تنظيم القاعدة دبر وخطط وجند عميلا أو أكثر للتنفيذ.. ومن قائل ان جهاز المخابرات الاسرائيلي "الموساد" وراءه لإذكاء وتأجيج نار الفتنة بما يخدم مصالحها واطماعها في المنطقة. وأيا كان الوضع فإن الذي لا شك فيه أن هناك فعلا تخطيطا خارجيا وراء الجريمة.. لكن هناك ايضا عملاء جبناء قاموا بالتنفيذ سواء من خلال سيارة مفخخة أو من خلال ارهابي مفخخ فجر نفسه في محيط تجمع المحتفلين بعيد رأس السنة امام كنيسة القديسين. بعض المعلقين حملوا أجهزة الأمن مسئولية وقوع هذه الجريمة وأنه لم يكن هناك تأمين كاف لحماية الكنائس.. ولكننا اذا نظرنا إلي الوضع من منظور واقعي سوف نجد أن هناك صعوبات جمة لاحكام الرقابة علي مئات الكنائس في مصر خاصة التي تقع في احياء مكدسة بالسكان والمترددين عليها. الأمن وضع حراسات علي الكنائس عبارة عن أفراد مسلحين.. لكن كيف يمكن تفتيش كل سيارة تعبر الشوارع.. أو كيف يمكن الكشف عن ارهابي مفخخ يسير وسط الناس؟! ان معني هذا ان نفرض حظر التجول لنضمن الأمن التام للكنائس أو غيرها ومعني هذا ايضا ان تتحول المدينة أو الاحياء التي تقع فيها الكنائس إلي سجن كبير.. وهذا مستحيل. ولذلك يجب ألا نبالغ أكثر من اللازم في مسئولية الأمن بقصد أن نضعها في رقبته وحده.. مع أن الأمر مسئولية مشتركة للجميع علي مختلف المستويات. لقد راح ضحية الجريمة البشعة مسلمون إلي جانب المسيحيين. ومنهم بعض حراس الكنيسة.. وهذا يدل علي أن مرتكبه قد تم غسل مخه وسلب ارادته لأنه إذا كان يقصد او يستهدف المسيحيين فقط لم يدر أن العملية ستطول المسلمين. إذن.. ماهو الحل؟ وكيف نمنع تكرار مثل هذه الجريمة؟ ! الاجابة تتمثل في المشاركة الشعبية. واخراج المواطنين من الحالة السلبية التي تسيطر عليهم.. هناك سياسات كثيرة خاطئة جعلت الناس تنفصل وتنطوي علي نفسها لأنها رأت انه ليس لها دور في تسيير حياتها. يوم أن تنشط حركة النقابات.. والأحزاب.. والمجتمعات المدنية.. وتشارك مشاركة فعالة في العمل الوطني.. سوف نجد المواطن الغيور علي بلده.. الذي يتحسس مواطن الخطر ويقاومها قبل أن تقع.