في صحيفة "روز اليوسف" اليومية نشر خبر يقول إن مواطناً مصرياً كان يزور المتحف المصري ووجد أمامه الدكتور زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار. وتقدم المواطن إلي الدكتور زاهي يشكو من الأسعار المبالغ فيها داخل الكافيتريا. حيث قال إنها لا تناسب الزائرين المصريين أو العاملين بالمتحف.. وتساءل: لماذا لا نقتدي بالمتاحف العالمية مثل المتروبوليتان في تقديم أسعار مناسبة؟! وجاء رد الدكتور حواس صاعقاً. زاعقاً. غاضباً. حيث قال: "احنا فاتحين الكافيتريا للسائحين 5 نجوم مش ملجأ للأيتام. ولو عاوز تاكل بأسعار مخفضة روح عند "الجحش". وبعشرة جنيهات تاكل اللي انت عاوزه. ولو أن الجحش بقي غالي هو كمان".. ولو أن سائحاً أجنبياً هو الذي طرح هذا التساؤل علي الدكتور حواس. لما كان الرد بهذه الحدة. والقسوة. ولكانت هناك ابتسامة عريضة في الوجه ومداعبة ونكتة ووعد علي الأقل بدراسة الأسعار أو مراجعتها. أو تبرير ارتفاع أسعارها بالمنطق والأرقام. ولكن لأن من يسأل ويعترض هو مواطن مصري عادي. فإن الإجابة كانت طبيعية تماماً. وتعكس ثقافة سائدة في عالم السياحة وهي أنه لا تقدير ولا معاملة للسائح المصري داخل بلاده!! ولا يحدث هذا في المتحف المصري فقط. وإنما في كل الأماكن السياحية في بلادنا. حيث يتم التعامل مع المواطن المصري في زيارته لآثار بلاده والتعرف علي تاريخ بلاده بنوع من الضيق والتأفف من وجوده. بينما يتم التعامل مع السائح الأجنبي بشكل مختلف وبنوع خاص من المعاملة وكأن زيارة الأماكن الأثرية تمثل حقاً مكتسباً له وحده!! ولكل مواطن مصري ذهب أو توجه إلي أحد الأماكن السياحية والأثرية في بلادنا وحده أو مع عائلته قصة ورواية تحكي وتؤكد نوعاً من سوء المعاملة والتمييز بينه وبين السائح الأجنبي. فلو أن طفلاً مصرياً مرافقاً لعائلته ابتعد عنهم قليلاً وذهب يلهو أو يجري في أرجاء المكان لأتي من يوبخ العائلة ويطالب الطفل بأن يتصرف كالكبار. بينما لو فعل الشيء نفسه طفل أجنبي لأتي من يداعبه ويدلله ويمنحه أيضاً قطعة من الحلوي أو لعبة صغيرة!! ويتكرر نفس الموقف في كل الحالات المشابهة. فالتجاهل نصيب السائح المصري رغم أنه قد يكون الأكثر سخاءً في تقديم الإكرامية. ورغم أنه قد يسدد رسوماً أعلي عند الإقامة مع السائح الأجنبي الذي يأتي من بلاده في مجموعات سياحية!! وهي ثقافة تعكس نوعاً من الجهل في معاملة السائح المصري وتولد شعوراً من الحنق والنقمة لدي المواطن المصري الذي يشعر بأنه غريب داخل بلاده. وأن الإهانة لا تأتيه إلا من أخيه. وأنه من الأفضل له أن يذهب للسياحة في بلاد أخري مجاورة تقوم بتدليله ومعاملته بما يستحق وتنظر إليه نظرة مختلفة تعيد إليه شعوره بآدميته وإحساسه بكرامته!! والذين يسيئون إلي السياحة الداخلية للمواطنين المصريين الذين يرغبون في التعرف علي حضارة وتاريخ بلادهم إنما يرتكبون جريمة في حق أنفسهم أولاً ويعرضون مصالحهم للخطر لأن السياحة المصرية الداخلية هي التي أنقذت صناعة السياحة في بلادنا من الانهيار عندما واجهت نقصاً في الإيرادات وأعداد السائحين في الفترة التي تعرضت فيها مصر لخطر الإرهاب.. والسياحة الداخلية المصرية هي التي تبقي علي الكثير من المنشآت السياحية قائمة ومفتوحة في الأشهر التي لا تكثر فيها أعداد السائحين الأجانب. وعدد السائحين المصريين إلي مدن شرم الشيخ والجونة والغردقة وغيرها هو الذي ساهم في أن يظل الموسم السياحي ممتداً طوال العام!! وحين يطالب مواطن مصري بأن تكون الأسعار معقولة في كافيتريا المتحف. فهو بذلك لم يرتكب جرماً إلا إذا كان الدكتور زاهي لا يرغب إلا في رؤية المعجبين بقبعته فقط.. ونحن علي أي حال لسنا منهم!! ** ملحوظة أخيرة.. الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء تساءل في تأشيرته علي طلب لعلاج أحد المسئولين في الخارج بالقول: "أليس في مصر علاج؟!".. ونخشي القول بأن الإجابة هي بنعم.. وحتي للأغنياء لا يوجد أيضاً علاج. وإلا ما كان قد سافر للخارج كل مَن أراد أن يجري عملية قسطرة!!