نحن نحترم القضاء ولا نشكك في أحكامه.. لكننا في الواقع نعيش لحظات عصيبة أحدثها رد الفعل الشعبي الغاضب إزاء أحكام البراءة التي صدرت لمساعدي وزير الداخلية الأسبق.. وهي أحكام غير متوقعة بالمرة.. وتسببت في تأجيج المشاعر والخروج إلي ميدان التحرير والميادين الأخري للتعبير عن الصدمة الكبيرة التي ألمت بالشعب. والسبب في هذه الأحكام كما نعرف جميعا. وكما نوه المستشار أحمد رفعت في كلمته التي سبقت النطق بالأحكام هو القصور الواضح في الأدلة.. وقد ذكر المستشار رفعت صراحة أن هناك من أخفي الأدلة وتعمد طمسها. كما نوهت إلي ذلك النيابة العامة في مرافعتها أثناء سير القضية.. فقد اتهمت أجهزة المباحث وأمن الدولة بعدم التعاون في كشف الأدلة وتقديمها.. بل وتعمد إخفاء الأدلة والتخلص منها.. مما دفع النيابة إلي أن تسعي بنفسها إلي جمع الأدلة رغم أن هذا ليس من اختصاصها.. إلا أنها اضطرت لذلك بسبب تقاعس أجهزة الشرطة وتواطئها. من هنا كان من الواجب إجراء محاكمة عاجلة للأشخاص والأجهزة التي ارتكبت هذا الجرم في حق الشعب المصري وفي حق الشهداء الأبرار.. حتي يتم إجبارهم علي كشف الأدلة أو الإعتراف بأن لهم مصلحة في إخفائها وبالتالي يتم معاقبتهم ولا تضيع الحقيقة. لقد تسبب هؤلاء في تصاعد حملات التشكيك ضد القضاء النزيه وهذه معضلة كبري وخطر داهم.. وربما يكون لدي الناس الحق وهم يرون التناقض بين الحكم المشدد بالسجن المؤبد علي مبارك والعادلي والبراءة الكاملة لمساعدي وزير الداخلية الأسبق.. وكأن الوزير هو الذي قتل بيديه. وفي هذا السياق هناك تخوفات حقيقية يتناقلها الناس بأن الحكم الذي صدر ضد مبارك والعادلي يمهد بسبب قصور الأدلة لأحكام ببراءة الاثنين معاً عندما يطعن محاميهما الضليع في الحكم ويستند في هذا الطعن إلي أحكام البراءة الصادرة لمساعدي الوزير.. وإلي الجملة التي قالها المستشار رفعت بأنه لم تتوافر أدلة كافية علي أن الشهداء قتلوا برصاص الشرطة. من أجل ذلك كله.. يجب أن تبدأ فوراً إعادة لمحاكمة المتهمين علي أسس جديدة.. تبدأ باجبار أجهزة الشرطة علي إظهار أدلة الإدانة.. ومحاكمة كل من يتستر علي هذه الأدلة أو يتعمد طمسها وإنكارها.. والتأكيد علي أن دم الشهداء لن يضيع سدي.. فالشعب بكل طوائفه هو الذي يحمي حق هذا الدم ويطالب له بالقصاص. إن إعادة المحاكمة وتقديم الأدلة اللازمة للقصاص العادل هما صمام الأمان خلال المرحلة القادمة حتي يتأكد المصريون أن نظام مبارك انتهي وسقط فعلاً ولن يتم إعادة إنتاجه بشكل أو بآخر.. وأن دم الشهداء لن يضيع.